قائمة الموقع

خبر الدولة المصرية تستخدم التعذيب الجنسي بشكل متزايد

2015-05-25T13:35:13+03:00

تقرير: الغارديان البريطانية

قبل أربع سنوات، كانت القاهرة لوحة عملاقة لحقوق الإنسان؛ كلمات “الحرية”، “العدالة”، و”الكرامة”، ملأت جميع أنحاء المدينة، وتمت كتابة الآمال المرتفعة لميدان التحرير بحروف كبيرة على جدران شوارع المدينة. وأما ما تبقى اليوم فهو خليط من الطلاء الذي يحجب أي تلميح لوجود أي احتجاج سياسي.

وليست هذه الحقيقة المرة الوحيدة في مصر الآن. بل ووفقًا لتقرير كارثي نشر يوم الاثنين، ازداد العنف الجنسي الممارس من قبل الدولة ضد المرأة في مصر بشكل كبير منذ عودة الجيش إلى السلطة في يوليو 2013.

وفي التقرير المعنون: “عرض نفاق الدولة: العنف الجنسي الممارس من قبل قوات الأمن في مصر“، يكشف الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH) عن مجموعة واسعة من ممارسات التعذيب ذات الطابع الجنسي التي نفذتها الشرطة المصرية، والجيش، وقوات أمن الدولة. وفي مقابلات مع عشرات الضحايا من الأفراد ومن أعضاء المنظمات غير الحكومية في مصر الذين يقولون إنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي على أيدي المسؤولين، قال هؤلاء إن هذه الممارسات تراوحت بين التحرش، والاغتصاب، وصولًا إلى صعق الأعضاء التناسلية بالكهرباء. ولم يكن ضحايا هذا التعذيب الجنسي من النساء فقط؛ بل استهدف كذلك أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حاليًا، والمعارضين السياسيين الآخرين، وحتى الطلاب والأطفال في سجون الأحداث.

ولا يوجد شيء جديد في استخدام العنف الجنسي من قبل الأنظمة الاستبدادية في مصر والعالم العربي الأوسع. ويقول التعبير المحلي إن إهانة شخص ما بهذه الطريقة تحدث بهدف “كسر عينه”، وقد كان التعذيب الجنسي وسيلة مختارة لتحقيق هذا على مر العصور. وبسبب المحرمات المحيطة بالجنس في المنطقة، وارتباطه ارتباطًا وثيقًا بالعار، شكل العنف الجنسي أداة هائلة للسيطرة، وتعد النساء معرضات خصوصًا لهذا النوع من العنف باعتبار أن تعرضهن له لن يجلب العار لهن فقط، بل ولعائلاتهن أيضًا؛ بما في ذلك الأزواج، والآباء، والإخوة الذين ما يزالون يعتبرون أنفسهم حراس شرف إناثهم.

ويؤكد تقرير الاتحاد الدولي على أن الحكومة الحالية رفعت درجة استخدامها لهذا النوع من العنف كجزء من استراتيجية لتدعيم سلطتها، وتضييق الخناق على المعارضة. ويصف التقرير اعتداءات جنسية تتم برعاية الدولة، من حرم الجامعات إلى مراكز الاعتقال السرية في القواعد العسكرية. ويتواجد مثليو الجنس والمتحولون جنسيًا في مركز خطر التعرض للاعتداءات الجنسية، وكان هناك ارتفاع في عمليات الاعتقال والحكم الصادرة بحق هؤلاء مؤخرًا، على الرغم من عدم وجود قانون في مصر يجرم ما يقومون به صراحةً. ومع ذلك، تتعلق هذه المسألة بتحقيق المنافع السياسية أكثر منها مسألة أخلاقية، وتسمح للحكومة بالسير على خط رفيع بين قمع المعارضة الإسلامية وحشد دعم المحافظين من خلال اتخاذ إجراءات مشددة ضد هذه الأقليات المحتقرة اجتماعيًا في كثير من الأحيان.

وباعترافها، واجهت FIDH عناءً في التحقق من العديد من هذه الشهادات المروعة. وبدورها، تشير السلطات المصرية إلى قيامها بإصلاحات، مثل قانون التحرش الجنسي الجديد للبلاد، كدليل على موقفها القوي ضد العنف الجنسي، وهو الأمر الذي تصفه الوكالة الدولية في تقريرها بـ “النفاق”.

وعلى سبيل المثال، قالت مرفت تلاوي، وهي الرئيسة المنتهية ولايتها للمجلس الوطني للمرأة في البلاد الذي يعد الهيئة الحكومية المكلفة بالدفاع عن حقوق المرأة، عبارتها الشهيرة بأنه “من المستحيل أن ترتكب منظمة شبه عسكرية، مثل الشرطة، جرائم العنف الجنسي في السجون المصرية“. ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل؛ ويشير نشطاء إلى أن معظم هذه الانتهاكات هي، في الواقع، من تنفيذ وكالات أخرى في جهاز أمن الدولة.

وعلى الجانب الآخر، يتعرض المجتمع المدني لضغوط من جميع الجهات، ولا يساعد الخلاف بين الإخوان المسلمين ومجتمع المنظمات غير الحكومية الأوسع في مثل هذه المشاكل، وهو الأمر الذي يجعل عملية التوثيق المستقل لهذه الانتهاكات أكثر صعوبة. وفي كل الأحوال أيضًا، هناك حساسية كبيرة تجاه الحديث علنًا عن الجنس، وهو ما يجعل المرأة تميل للحفاظ على الصمت حول هذه الاعتداءات، ويتم ذلك في كثير من الأحيان بهدف حماية سمعة الأسرة.

هذا الأمر صحيح بالنسبة للعنف المنزلي كما هو الحال بالنسبة للعنف الذي ترعاه الدولة. وقد وجد المسح الديموغرافي والصحي الوطني الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر، على سبيل المثال، أن أكثر من 30٪ من الزوجات في مصر تحت سن الـ 50 تعرضن لشكل من أشكال العنف الزوجي، إلا أن أقل من 5٪ منهن سعين للحصول على مساعدة من خارج العائلة.

وبالنسبة لمن هم في السلطة، فإن التعذيب الجنسي سلاح سهل لتعقيد حياة ضحاياه. وعلى سبيل المثال، تمثل أشرطة فيديو الاغتصاب التي يأخذها الضباط عن طريق هواتفهم النقالة، أداة قوية للابتزاز الجنسي. وغالبًا ما يكون التهديد بنشر مثل هذه الفيديوهات، وغيره من التهديدات بتنفيذ الأعمال الانتقامية، كافيًا لردع الضحايا عن التماس الإنصاف من نظام قانوني غير متعاطف تمامًا مع مطالبهم في المقام الأول.

وإذا ما كان جزء صغير فقط من حسابات التقرير صحيحًا، فإن ذلك لا يزال يشكل اتهامًا صريحًا للنظام الحالي. ولكن مع شعبيته المرتفعة فوق 80٪، من غير المرجح أن تشكل هذه التهمة ضربةً قوية لشعبية الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في الوطن. ويتلهف المصريون بصفة عامة للاستقرار. ولهذا السبب كانت انتفاضة 2011 غير متوقعة تمامًا؛ ولهذا اجتمعت الغالبية العظمى حول أحدث رجل قوي وعدهم بالعودة إلى الاستقرار بعد سنوات من الاضطراب.

وقد كان هناك ارتفاع حاد في العنف الجنسي الممارس ضد النساء في الأماكن العامة في مصر. وفي عام 2013، وجدت دراسة حكومية أن 99.3٪ من النساء المصريات تعرضن لمضايقات في مرحلة ما من حياتهن. وانطلاقًا من هذا التحرش الممارس على نطاق واسع، وصولًا إلى أكثر من 600 من حالات الاغتصاب في ميدان التحرير المسجلة خلال انتفاضات 2011، النساء هن من يتحملن العبء الأكبر لهذه الوحشية التي لا يبدو لها أي حل حقيقي في الأفق.

ويتغاضى عدد من المصريين الذين أعرفهم بنشاط عن قمع السلطات لأولئك الذين يهددون أملهم الأخير في الاستقرار، وهم على استعداد لغض الطرف عن الاعتقالات التعسفية، والاعتقالات الجماعية، والأحكام المشكوك فيها بحق أولئك الذين ينظر إليهم كتهديد للنظام. ولقد كان لدى جدتي المصرية جملة تعبر عن هذه الفلسفة، وتقول: “طالما أنها بعيدة عن مؤخرتي، أنا لا أهتم“، وفي حالة العنف الجنسي الذي ترعاه الدولة، هذا صحيح للأسف.

اخبار ذات صلة