غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

جيش الاحتلال خسر المعركة

محلل عسكري لـ"شمس نيوز": سرايا القدس لعبت دوراً حاسماً في "طوفان الأقصى" وقاتلت بشراسة حتى آخر لحظة

سرايا القدس رسمت ملامح النصر.jfif
شمس نيوز - خاص

يرى االمحلل العسكري خالد غرير، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي خسر المعركة أمام المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أن المقاومة نجحت في فرض معادلات جديدة على الأرض، مما تسبب في تداعيات كبيرة على العقيدة القتالية الإسرائيلية.

ووفق القاعدة العسكرية التي تقول إن "الطرف القوي يخسر إن لم يحقق أهدافه، بينما يكفي الطرف الضعيف أن يمنع تحقيق هذه الأهداف ليُعد منتصراً"، يعتقد المحلل العسكري غرير، أن الاحتلال خسر المعركة بما لا يقبل الشك والتأويل، وأن لهذه المعركة تداعيات كبيرة على العقيدة القتالية الإسرائيلية وعلى طرائق العمل العسكري المتبع".

وأوضح غرير، في حديثه لـ"شمس نيوز"، إن "المنظور العسكري له مقاربة خاصة وطريقة لتقييم الواقع تختلف عن المناظير الأخرى السياسية والاقتصادية وغيرها"، مبيِّناً أن "معركة "طوفان الأقصى" يجب وضعها في سياق الحروب غير المتقارنة (حرب العصابات) حيث يقارع جيش نظامي فصائل مسلحة أقل تجهيزاً وعديداً وإمكانات". 

ويفسر غرير قوله: "أهم ما يمكن ذكره بهذا الصدد أن المقاومة لديها وسائل بسيطة وقليلة التكلفة؛ لضرب دبابات العدو ولقصف العمق الصهيوني، متجاوزةً أحدث منظومات الدفاع الجوي في العالم، ولاستدراج وقتال قوات المشاة ووحدات الهندسة القتالية الإسرائيلية التي توغلت داخل القطاع وتكبيدهم خسائر فادحة". 

كما أن المقاومة أثبتت أنها قادرة على الاستمرار في تصنيع الذخائر والعبوات والصواريخ طيلة فترة الحرب وعلى مدار ٤٧٠ يوماً، دون أن تتمكن المنظومة الأمنية الصهيونية المتطورة من الوصول أو معرفة أماكن تصنيع، أو تخزين، أو طرق توريد الوسائل القتالية رغم كل الجهود المبذولة، وفقاً لما يقوله المحلل العسكري.

وبناءً على ما تقدم، يعتقد غرير، أن جيش الاحتلال مأزوم بعد هذه الحرب، وهو يدرك أن معركة مشابهة لـ"طوفان الأقصى" ستنهي الوجود الإسرائيلي على أراضي فلسطين المحتلة؛ ومرد ذلك إلى أن المقاومة استخلصت الدروس والعبر ويمكنها إحداث المزيد من المفاجآت، بينما لا يستطيع جيش الاحتلال إلا أن يكرر سيناريوهات قتالية مجربة ولا تعطي النتيجة المرجوة، وتتسبب بخسائر كبيرة له وضياع لمجهوده.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

ووفقاً للمحلل العسكري، كان لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، دورٌ فاعلٌ وحاسمٌ في المعركة، فهي شاركت في القتال منذ اللحظة الأولى للمعركة، واقتحمت مستوطنات العدو وأسرت أكثر من 30 صهيونياً.

وقال إن "سرايا القدس وهي القوة رقم ٢ في قطاع غزة، ومن حيث المدرسة القتالية فهي متشابهة إلى حد كبير مع مدرسة كتائب القسام، كان لها (للسرايا) دورٌ ميَّزها في المعركة".

هذا الدور المميز لسرايا القدس، ظهر جلياً، وفقاً لقراءة عسكرية مُعمَّقة قدَّمها المحلل غرير، من خلال عدة ممارسات، أبرزها: 

  • تنفيذ عمليات مشتركة مع الفصائل بشكل شبه دائم، وهذا يحمل رسائل تحدي فيما يخص هدف الصهاينة المعلن المتعلق بنزع سلاح المقاومة.
  • إعلان أبو حمزة الناطق العسكري باسم سرايا القدس أن السرايا لن تتوقف عن قصف غلاف غزة حتى يعود النازحين الفلسطينيين إلى بيوتهم، وذلك فيه إحراج لقيادة الجبهة الداخلية الصهيونية، وقد نفذت السرايا وعيدها طيلة أيام القتال.
  • سرايا القدس كانت طرفاً شرساً في المعركة، وامتلكت كل الوسائل القتالية التي كانت لدى القسام، ونفذت عمليات كبيرة بمفردها، مثل: قصف تل أبيب، وكمائن مركبة، وإعطاب مدرعات، وغيرها.
  • السرايا كان لها دور أبرز من غيرها في الحراك في الضفة الغربية، وكان ذلك لافتاً وبعض قياداتها أصبحوا أيقونة للعمل الجهادي رغم قلة الإمكانات، مثل: القائد الشهيد "أبو شجاع" وغيره من الصناديد.
  • السرايا كانت الفصيل الفلسطيني الأكثر تنفيذاً لعمليات ضد الاحتلال من الجبهة اللبنانية؛ بسبب امتلاكها القدرة الميدانية والعلاقة القوية مع المقاومة الإسلامية في لبنان "حزب الله"، وتمكنت من إلحاق أضرار كبيرة ومباشرة بقوات الاحتلال شمال فلسطين المحتلة.
  • السرايا كان لها دور تعبوي هام من سوريا حيث حرَّك كيان الاحتلال استخباراته وسلاحه الجوي لاغتيال قيادات ميدانية عسكرية تتبع للسرايا في سوريا، كالشهداء "فراس قاسم" و"أسامة عريشة"، وغيرهم، وهذه كانت لقطات شبه حصرية لسرايا القدس سلطت الضوء على جانب مخفي من قدرتها ونشاطها.

ويضيف غرير: "كما نجحت السرايا بأسر أكثر من ٣٠ صهيونياً في بداية المعركة، فإنها في اليوم التالي للحرب نجحت بانتزاع حرية العشرات من أصحاب المؤبدات من أبنائها، وهم قادة كبار، إضافة إلى أن بعض قياداتها أحرج المنظومة الأمنية بعملية الهروب الكبير من سجن جلبوع".

وبالمجمل، يرى المحلل العسكري، أن دور سرايا القدس كان كبيراً، وتمكنت من فرض نفسها ميدانياً، وعلى طاولة التفاوض كذلك.

أما عن نجاح معركة "طوفان الأقصى" في إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، فيؤكد غرير، أن "ذلك حدث وبشكل يفوق التصور، فلا الفلسطينيين ولا الصهاينة ولا أي من المراقبين توقعوا هذا الأثر الرهيب الذي أدى إلى تقويض بروباغندا كلفت مليارات الدولارات لتلميع صورة "إسرائيل" منارة الديموقراطية في الشرق الأوسط".

وأشار إلى أن "إسرائيل" صارت مذمومة مكروهة من قبل حلفائها، وصار نتنياهو يُشتم من قبل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وسياسيين، واقتصاديين، وغيرهم من صناع القرار في دول حليفة للصهاينة، وتصدرت إداناتهم وشتائمهم له وللاحتلال الصحفَ ووسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف: "ثم إن التظاهرات التي خرجت في كبرى المدن الغربية، في فرنسا، وهولندا، وبريطانيا، وأميركا، وغيرها الكثير، غيَّرت نظرة العالم للفلسطيني، ودفعت الباحثين والأكاديميين لدراسة القضية الفلسطينية؛ ليفهموا الواقع بتجرد وبعيداً عن إعلامهم المنحاز، وهذا إنجاز استراتيجي هائل".

وحول اضطرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى قبول صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزة، والانصياع لشروط المقاومة، يعتقد غرير أن "لهذا الموقف الانهزامي المتمثل بقبول صفقة تبادل مخزية للصهاينة عدة أسباب، بعضها ظاهر، وبعضها مخفي". 

أهم ما يمكن ذكره في تلك الأسباب، كما يرى غرير، هو "صمود الشعب الفلسطيني في وجه حرب إبادة وتطهير عرقي وعقاب جماعي، وهي ثلاث ممارسات منفصلة وجرائم حرب موصوفة، كلها نفذها الكيان بدعم من ٤٠ دولة؛ فكان لهذا الصمود دور في تغيير الاستراتيجية لداعمي الكيان".

وأوضح أن "عجز جيش الاحتلال عن الوصول لأهداف الحرب رغم الدعم غير المشروط والعربدة والعلو والإجرام، أثر سلباً عليه من خلال استنزاف مقاتليه، واستهلاك عتاده، ومحاكمة قياداته، وتسليط الضوء على إخفاقاته، وخيبة الأمل الصهيونية ساهمت في الدفع باتجاه قبول صفقة".

أما أهم الأسباب المخفية، حسب رأي المحلل العسكري، فتمثلت "في الدور الوظيفي لكيان الاحتلال والذي ظهر واضحاً عقب وصول ترامب للبيت الأبيض، فكثير من المحللين والإعلاميين كانوا يعطون كيان الاحتلال حجماً أكبر من حجمها، ويظنون أن "إسرائيل" تحرك العالم وتتحكم حتى بالولايات المتحدة، ولكن في الحقيقة اتضح أن أميركا هي التي تتحكم بها وتجندها لخدمة مصالحها".

ونبَّه إلى أنه "عندما كان تقييم أمريكا يشير إلى أن الاحتلال لن ينتصر في حرب غزة فرضت على نتنياهو القبول بصفقة مذلة رغماً عنه، وفرضت على الوزير المتطرف سموتريتش الخضوع وعدم الاستقالة، واستمرت الحكومة الصهيونية بعد الصفقة، وهو الأمر الذي ظن كثر أنه لن يحدث".

وفي معرض رده حول احتمالية العودة للقتال بعد المرحلة الأولى، قال المحلل العسكري غرير، إن ذلك السيناريو قائم بنسبة ٣0٪ فقط، وهو مبني على تهور صهيوني سيُدفع ثمنه في الميدان، وأيضاً من قبل داعمي الاحتلال الذين يرغبون بطي صفحة الحرب في غزة والالتفات لقضايا إقليمية أخرى".

ولفت إلى أنه ليس من مصلحة كيان الاحتلال المضي في حرب غير واضحة وإغضاب حلفائها، إلا أن غطرسة وعنجهية جيش الاحتلال الوهمية قد تدفعه للتهور، لكن المقاومة الفلسطينية تعلم ذلك وهي مستعدة جيداً.