شمس نيوز/رام الله
شرعت شركة إيطالية في إعداد مخططات طرق وسكك حديد ومطارات، وميناء في الضفة الغربية وقطاع غزة، "استعداداً لسيناريو ما بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي"، حيث يتضمن المشروع الرامي لربط فلسطين بدول الجوار عبر طرق برية وقطارات، إقامة "ممر آمن" للوصل بين الضفة وقطاع غزة بطول 44 كيلومتراً.
وأطلق على هذا المشروع اسم "المخطط الشمولي للنقل والمواصلات في الضفة الغربية وقطاع غزة، والممر الآمن الرابط بينهما".
غير أن الحكومة الفلسطينية اعتبرت هذا المشروع "فنياً تقنياً" لمرحلة ما بعد حصول التسويات السياسية.
ويمتد المشروع على الأراضي المحتلة عام 1967، في حين أبدى مراقبون تخوفاً من أن يكون واحداً من المشاريع الإقليمية الرامية لدمج إسرائيل و"كأنها جزء أصيل من مكونات المنطقة"، لافتين إلى مشروع قناة البحرين، ومشاريع أنابيب النفط والغاز.
ونصَّ اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل على قيام الأخيرة بفتح طريق آمن يربط بين الضفة وغزة لتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وتم ذلك فعلاً عام 1999، لكن الاحتلال الإسرائيلي سرعان ما أغلقه منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000.
وقال وكيل وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية عمار ياسين لـ "العربي الجديد" إن "المخطط الشمولي للنقل والمواصلات تشارك فيه لجنة حكومية من وزارات النقل والمواصلات، والحكم المحلي (البلديات)، والأشغال العامة والتخطيط".
ويتضمن المشروع "الممر الآمن" لربط الضفة وغزة ويتكون من مسار للسيارات وآخر للشاحنات، إضافة إلى أنابيب لنقل النفط والغاز وخطوط الاتصالات وغيرها.
وقال ياسين إن "الحكومة الفلسطينية طرحت عطاء فازت به شركة إيطالية على أن يتم التمويل من بنك الاستثمار الأوروبي، إذ يساعد موظفو وزارة النقل والمواصلات حالياً الشركة الإيطالية، لتثبيت 92 نقطة للاختناقات المرورية في الضفة الغربية، ليتم إدراج طرق بديلة لمعالجتها في إطار المخطط الشمولي".
ويراعي المخطط الشمولي الربط مع دول الجوار العربية، بحيث تمتد سكة حديد من سيناء المصرية نحو قطاع غزة ومنه عبر الممر الآمن إلى الضفة الغربية، كما ويتضمن الربط بالطرق البرية مع الأردن، بحسب ياسين.
ورجّح حديثه، أن الطرق الالتفافية التي أقامها الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية للربط ما بين المستوطنات من جهة، وبينها وبين العمق الإسرائيلي من جهة أخرى ستبقى من دون تغيير.
وأفاد ياسين بأن "المخطط يتضمن إقامة ميناء ومطار في قطاع غزة، وتحديد مكان لإقامة مطار في الضفة".
وسيقام الميناء على أنقاض مشروع سابق بدأ تنفيذه في أواخر تسعينيات القرن الماضي على شاطئ بحر غزة، غير أن العدوان الإسرائيلي دمّره مع بداية الانتفاضة.
وحول الحاجة إلى مخططات كهذه وجدواها في ظل بقاء وجود الاحتلال، قال وكيل وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية عمار ياسين إن "عملنا مهني للتحضير إلى مرحلة ما بعد التسويات السياسية، وحول إمكانية حصولها من عدمه فهذا يعود للمستوى السياسي".
ويعتمد المخطط سيناريو عام 1967، إضافة إلى سيناريوهات أخرى مثل احتمال حصول تبادل أراضٍ.
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي الفلسطيني، نصر عبد الكريم، إن "المشاريع الإقليمية التي تتم برعاية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تهدف في جوهرها إلى دمج إسرائيل بالمنطقة، حتى وإن كان ظاهرها اقتصادياً يعود بالنفع على جميع الأطراف".
وبيّن عبد الكريم أن من حق الفلسطينيين الخشية من أن تكون مشاريع كهذه جسراً لتجاوز حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، لأن التعامل معها يجري وكأن الاحتلال انتهى.
واعتبر أن أي مشروع إقليمي يتضمن تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل أو جعلها جزءاً متكاملاً مع المنطقة، هو أمر سابق لأوانه ما لم تحصل تسوية سياسية، بغض النظر عن المنافع الاقتصادية الآنية.
وبخلاف ذلك، كما يبيّن عبد الكريم، فإن هذه المشاريع تعد منافية لجوهر مبادرة السلام العربية التي نصت على تطبيع شامل للعلاقات، بعد إعاقة الحقوق العربية والفلسطينية المغتصبة.
وتساءل عن إمكانية وجود رؤيا لدى الشركة الإيطالية، ومخططات دون أن يتوفر اتفاق ما بين الحكومات ذات العلاقة؟
وقال عبد الكريم إن "التجارب أثبتت أن هذه المشاريع تتم على حساب الفلسطينيين كما حدث في مشروع قناة البحرين، والذي تجاوز الفلسطينيين، وأصبحوا أكثر المتضررين سياسياً وآخر المستفيدين اقتصادياً من مشاريع كهذه".
ووقعّ الجانبان الإسرائيلي والأردني اتفاقاً يمهد لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من تنفيذ مشروع ربط البحرين الأحمر والميت المعروف بـ "ناقل البحرين"، وتم استثناء السلطة الفلسطينية منه.
وقال الأكاديمي الفلسطيني إن "الاقتصاد هو أحد مداخل التسوية السياسية المنقوصة ولا يمكن عزله عن الملف السياسي والأمني"، لكنه رأى أن إسرائيل تنطلق في علاقاتها مع محيطها من اعتبارات أمنية ثم سياسية وأخيراً اقتصادية، ولم يسبق أن غلبت مصالح اقتصادية على ملفات أمنية، ويمكن أن تضحي (إسرائيل) بأي منافع اقتصادية إذا ما تعارضت مع مصالحها الأمنية".