قائمة الموقع

خاص "أبو حسين" يروي تفاصيل مرعبة لحظة تفجير الاحتلال والديه بحزام ناسف بحي الزيتون

2025-02-21T14:08:00+02:00
d28b538d-0bd6-4256-8603-bd9f082442f1.jpg
شمس نيوز - خاص

بأقدام متثاقلة ودموع تنهمر كالمطر ، يتنقل المسن محمد أبو حسين وزوجته تحت فوهة البنادق بين ركام المنازل المشتعلة نارًا وعلى جسديهما حزام ناسف، ويحيط بهما جنود مدججين بأحدث أنواع السلاح، وبعد انتهاء المهمة بنحو (٨ ساعات) سمح أحد الضباط لنفسه بالضغط على زر التفجر ؛ ليتناثر جسد المسنين بين أزقة حي الزيتون.

هذا ليس مشهدٌ خيالي أو سيناريو لفلم أجنبي، إنما مشهد حقيقي رسم خطوطه العريضة ونفذه جنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عملية عسكرية "استعراضية" في منطقة المستوصف داخل حي الزيتون جنوب مدينة غزة في شهر مايو ٢٠٢٤.

اعترف أحد ضباط الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب هذه الجريمة المروعة خلال حديثه لوسائل إعلام العدو، وبعد ساعات فقط استعاد "أحمد أبو حسين" شريط ذاكرته؛ لأخر أحاديثه مع والديه ليتفاجأ بأن رواية ضابط الاحتلال تتطابق تمامًا مع الرواية التي حصل عليها بعدما عثر على أشلاء والديه.

أحمد أبو حسين (٣٧ عامًا) وهو نجل المسنين أبو حسين، يروي ل"شمس نيوز " تفاصيل دقيقة عن آخر ساعات من حياة والديه قبل أن يُقدم جيش الاحتلال على ارتكاب جريمة حرب مكتملة الأركان من خلال تفجير والديه بحزام ناسف بعد انتهاء مهمة استخدامهما كدروع بشرية.

بألم وحسرة يتحدث أحمد عن آخر أيام له مع والديه: "عندما أعلن جيش الاحتلال نيته دخول حي الزيتون للمرة الثانية، نزحت مع باقي أفرد الأسرة إلى منطقة الشمعة في قلب مدينة غزة، لكن والدي رفضا النزوح بسبب صعوبة التنقل لكبر سنهما".

واعتقد المسنين وأبنائهم أن السن سيكون عاملًا لمنع جنود الاحتلال من التنكيل بهم حيث قال المسن محمد لابنه: "نحن كبار في السن لن يفعل لنا الجنود شيء، نحن لا نستطيع أصلا القيام بشيء، اذهبوا أنتم إلى أطراف حي الزيتون من الجهة الشمالية ونحن سنبقى هنا في البيت ولن نخرج منه".

مضت ساعات على وقع الانفجارات المدوية في حي الزيتون؛ حيث اضطر السكان للنزوح إلى أطراف الحي من الجهة الشمالية، لكن المسنين محمد أبو حسين وزوجته بقيا وحدهما في الحي يواجهون جنود الاحتلال الإسرائيلي لاعتقادهما أن عامل السن سيمنع الجنود من الاعتداء عليهما.

غادر أحمد وجميع سكان حي الزيتون، لكنه ظل متواصلًا مع والديه عبر الهاتف قائلًا: "كنت أتواصل مع والدي عبر الهاتف في الساعة السادسة صباحًا يوميًا على مدار ٥ أيام بعد نزوحنا من حي الزيتون، وكانت الأيام كلها متشابهة حالة من الخوف والتوتر بسبب قوة الانفجارات لكن في اليوم الخامس كانت الأمور سيئة جدًا.

وعندما وصل مؤشر الساعة إلى السادسة صباحًا في اليوم الخامس اتصل أحمد بوالديه، لكنه تفاجأ بصوت والدته.

اذ يصف أحمد حالة والدته بالسيء جدا، حيث كانت أنفاسها تتصاعد بشكل مجنون من شدة الخوف والرعب أثناء المكالمة حينها سألها نجلها "مالك يا أمي؟ هل جرى شيء لوالدي؟" صوتك مش طبيعي!"، بالكاد تمكنت والدته من إصدار بعض الكلمات المتقطعة: الجيش يا إمي وصل البيت!"، فجأة ارتسمت علامات الخوف على وجه أحمد؛ لكنه حاول تهدئة والدته ليرفع من معنويّاتها: "أنتِ كبيرة في السن يا حجة مش راح يعملوا حاجة".

أغلقت الحاجة الهاتف ليعاود أحمد الاتصال بعد ربع ساعة كانت مليئة بالتوتر والخوف، رد هذه المرة والده ليقول: "الجيش عنا يا أحمد" في تلك اللحظة سمع أحمد صوت ضابط إسرائيلي وهو يقول بلهجة غاضبة ومجنونة "مع مين بتحكي" أجابه والد أحمد سريعا "مع ابني" فورا امر الضابط باغلاق الهاتف وبسرعة، ما كان لوالد احمد الا الاستجابة لتلك الأوامر".

دب الخوف والقلق في قلب أحمد وجميع أفراد العائلة، ويعد ساعة أعاد أحمد الاتصال فكان الجو أكثر صعوبة وتوترا حيث كان والديه خارج المنزل حاول احمد مساعدة والديه بالهرب لكن والده قال: "انت مش شايف الي انا شايفه الجيش انتشر زي النمل".

وفورا أوصت الحاجة نجلها على اخوته وخواته وابنائهم جميعا قبل أن يسرع أحد الجنود بسحب الهاتف واغلاقه.

مرت الساعات والأيام ثقيلة على أحمد وإخوانه وبعد إعلان جيش الاحتلال انسحابه من الزيتون انطلق الجميع للبحث عن والدهم فكانت الصدمة الأولى تتمثل بحجم الدمار فقد دمرت الحارة بالكامل اما المنزل فقد أحرق حتى ذابت أعمدته وجدرانه.

"أين أبي يا عالم؟!" صرخات أحمد دفعت بعض جيرانه لدفعه للبحث في مستشفى المعمداني وهناك كانت الصدمة الثانية عندما وجد جثة والده بالنصف اذ تعرف عليها من خلال ملابسه وملامح نصف وجهه.

ساعات بعد دفن والده قبل أن يعود الى حارته المدمر باحثا عن أمه ليجدها على بعد أكثر من 200 متر من منزله حيث كانت عبارة عن اشلاء ممزقة يقول: "لم أجد سوى فكها الأيسر وأذنها حيث كان به حلق ذهب وملابسها المبعثرة".

في تلك اللحظة أدرك أحمد وأفراد عائلته أن والديه لم يستشهدا بطريقة عادية والدليل أشلاء والديه يقول: "إن الجيش استخدم والديه درع بشري والبسهم حزام ناسف وأجبرهم على التحرك يمينا ويسارا ومع ذلك قام بتفجيرهما دون أي أخلاق أو دين أو انسانية لكرامة الانسان".

وأوضح أحمد أن تصريحات ضابط الجيش أكدت الرواية التي وقعت مع والديه مبينا ان حي الزيتون لم يكن فيه مسنين في تلك الفترة سوا والديه.

ووجه أحمد رسالة للعالم جاء فيها أن استفيقوا من سباتكم فجيش الاحتلال يرتكب جرائم حرب على مرأى ومسمع العالم أجمع هذا الجيش لا يملك أي أخلاق مطلقا بسبب ما ارتكبه من جرائم ضد كل الشرائع الدينية والسماوية، مطالبا بمحاسبة جيش العدو وفق القانون الإنساني والأخلاقي.

اخبار ذات صلة