الثامن من آذار، يومٌ تُرفع فيه شعارات الحرية والكرامة للنساء، يومٌ يتشدق فيه العالم المتحضر بحقوق المرأة، ويُسرد فيه تاريخ النضال النسوي، وتُلقى الخُطب الرنانة عن المساواة والعدالة. لكن أيُّ مساواة وأيُّ عدالة تُمارس عندما تكون المرأة الفلسطينية هي الاستثناء الأبدي لهذه القواعد الزائفة؟
أيُّ حقوق يُنادي بها هذا العالم المنافق والمرأة الفلسطينية تعيش حرب إبادة نفسية واجتماعية واقتصادية وإنسانية؟ أيُّ كرامة يمكن أن تتحدث عنها المؤتمرات والمنظمات، والنساء الفلسطينيات يواجهن الموت كل لحظة، في صمت دولي مريب؟
المرأة الفلسطينية.. خيمة النزوح وندرة الطعام
في هذا اليوم الذي يُزعم أنه يوم الاحتفاء بالمرأة، تتحول المرأة الفلسطينية إلى عمود الخيمة المهترئة على مواصي البحر، من شمال غزة إلى جنوبها، تحمل همّ أسرتها المكلومة، وتنتظر بالساعات أمام تكية الطعام لتحصل على ما يسد رمق أطفالها الجائعين.
وفي غزة، حيث الحياة باتت ضربًا من الصمود فوق الرماد، تحمل المرأة دلو الماء على رأسها، محفورًا في جسدها طريق الألم، بعد رحلة طويلة للحصول على بضع قطرات تنقذ بها صغارها من العطش.
نساء بين القيد والدم
أيها العالم، مالكم كيف تحكمون؟ نساء تُعتقل وتُعذب في باستيلات الاحتلال الصهيوني، يُحرمن من أبسط حقوق الإنسان، ولا من مغيث ولا من مجيب. مات المعتصم وماتت نخوة الأرض، والأمة صامتة تراقب المذبحة من خلف شاشاتها.
بالأمس، قُتلت الآلاف من النساء الفلسطينيات بدم بارد، أمام أنظار العالم، ولم تهتز شعرة في رأس البشرية.
بالأمس، بُقرت بطون الأمهات، قُطِّع الأطفال أمام أعين أمهاتهم، ومع ذلك وقفت المرأة الفلسطينية شامخة، وقالت "الحمد لله".
بالأمس، بُترت أطرافها، أُحرقت منازلها، وهُجرت قسرًا، لكنها قالت: "اللهم لك الحمد".
عن أي احتفال تتحدثون؟
عن أي احتفال يتحدث المجتمع الدولي اليوم؟ عن أي حقوق تُنظم لها الفعاليات والندوات، بينما الآلاف من نساء غزة ما زلن يقبعن في خيام الذل والهوان، بلا مأوى، بلا طعام، بلا ماء، بلا أدنى مقومات الحياة، هن وأطفالهن، يواجهن الموت اليومي بصمت رهيب؟
الثامن من آذار، يومٌ للمرأة المستقرة في عوالمكم، لكنه يوم حداد طويل على المرأة الفلسطينية، التي تقف وحدها، بلا حماية، بلا دعم، وبلا حتى بقايا إنسانية من عالمكم المزعوم.