غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بالفيديو أبٌ مكلومٌ من غزة فقد منزله وأبناءه جميعاً خلال الحرب: رأيت النبي في المنام وطبطب على قلبي!

المواطن عدلي عسلية - تصميم
شمس نيوز - خاص

على أنقاض أربع طبقات كانت يوماً منزلاً ينبض بالحياة، يقف "عدلي حسن عسلية"، من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، حاملاً فوق كتفيه أحمالاً من الفقد والمعاناة بعد أن خطفت منه الحرب الإسرائيلية الغاشمة أبناءه الذكور جميعاً وعددهم 5 أبناء، تاركين خلفهم أطفالاً صغاراً لم يفرحوا بعد بكلمة "بابا"، فيما يجلس من تبقى من أسرته على أطلاله، يعصف بهم النزوح والتشرد، بحثاً عن مأوى يقيهم قسوة الحرب.

لم يكن "عسلية"، الرجل الستيني، يعلم أن يوم السابع عشر من أكتوبر 2023م سيكون نقطة تحول مأساوية في حياته، حين قصفت طائرات الاحتلال منزله المكوّن من أربع طبقات، ليرتقي من تبقى من أبنائه الخمسة شهداء، بعد أن كان عدد منهم ارتقى في حروب سابقة.

وأمام اشتداد وتيرة الحرب، لم يجد "عسلية" وعائلته بُدَّاً من النزوح إلى جنوبي وادي غزة، في رحلة قاسية تخللتها أربع محطات من التهجير القسري، حملوا خلالها أحزانهم وأوجاعهم متنقلين بين مدارس مكتظة بالنازحين، وأماكن لا تصلح للحياة الكريمة.

وبعد سريان الهدنة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين المقاومة بغزة و"إسرائيل"، بوساطة قطرية مصرية أميركية، عاد المواطن "عسلية" إلى ركام منزلهم المدمّر، على أمل نصب خيمة فوقه، لكن الأرض كانت غير مستوية نتيجة لحجم الغارة التي استهدفته، وتحتاج إعادة تأهيلها إلى 7 آلاف دولار أميركي، وهو مبلغٌ يفوق قدرة الرجل الذي فقد أبناءه وأمواله ومنزله.

لم يجد "عسلية" خياراً سوى اللجوء إلى جيرانه، حيث يعيش اليوم مع الأيتام وأرامل أبنائه في بيت نصفه مهدّم، وسط تجدد الإبادة الجماعية، وما نجم عنها من ارتفاع لحصيلة الشهداء والإصابات، وغلاء فاحش في الأسعار، وأوضاع كارثية تُنذر بعودة المجاعة مرة أخرى، وعدم القدرة على توفر احتياجات الحياة الأساسية، ومعاناة نقل المياه، وتوفير المأكل، والملبس.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

لم يتمالك المواطن "عسلية" نفسه خلال حديثه مع مراسل "شمس نيوز"، فأجهش بالبكاء، وبعد أن كفكف دموعه، صمت هنيهةً، قبل أن يروي تفاصيل مؤلمة، لابنة "عمار" وهو نجله الأخير الذي استشهد خلال هذا العدوان، وهو متزوجٌ من امرأتين، إذ وقفت الطفلة ذات الثلاثة أعوام، أمام قبر والدها، لتتساءل ببراءة: "ليش انتا هنا يا بابا؟ ليش انتا نايم؟ تعال معنا على البيت مشتاقة إلك"، ثم وجَّهت سؤالها إلى جدها: "كيف هو شكل أبي؟ هل يشبهني؟"، لتنهمر مجدداً دموع الجد الذي ظلَّ يحدق بالسماء، يبحث عن عزاء لا يجده إلا في الصبر والإيمان.

رؤية النبي في المنام!

تفاقمت أوضاع المواطن "عسلية" مادياً ونفسياً، بعد فقدان أبنائه ومنزله، وشعر أنه بلا سند، وبلا ظهر، وتذكر كلمة "الأبتر" التي وردت في سورة الكوثر بعد فقدان جميع أبنائه الذكور، وأصبح حمله كبيراً "تكاد السماوات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال له هدَّاً"، ووسط تلك المعاناة والحزن الشديد، تدخلت العناية الإلهية، وتنزَّلت عليه الرحمات في هيئة حلم كان سبباً في التلسية عن قلبه، وإزاحة الهم عن صدره.

"رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في المنام، بجلبابه الأبيض، وعمامته، ولحيته، وشبعت من رؤيته، وابتسم لي، وكأنَّ الله أراد أن يمنحني الصبر والطمأنينة والسلوان" يقول "عسلية".

ويضيف: "شعرتُ براحةٍ لم أشعر بها منذ استشهاد أبنائي، وكأنَّ نور النبي الذي رأيتُه في المنام أضاء ظلام الواقع المأساوي والصعب الذي نعيشه".

"الحمد لله على كل حال"، يرددها "عسلية" بصوت ثابت وواثق من نصر الله تعالى، يقول: "هذا قدرنا ونصيبنا في غزة، ونحمد الله أن جعلنا نشهد هذه "معركة طوفان الأقصى"، واصفاً إياها "بالغزوة المباركة من غزوات النبي".

وفي ختام حديثه، وجه المواطن الستيني رسالة لأهل غزة: "اصبروا واثبتوا على أرضكم، وارضوا بقضاء الله وقدره"، كما وجه رسالة للأمة العربية والإسلامية: "أغيثوا غزة أغاثكم الله".