منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، لم تعد أصوات الأجراس المدرسية تُسمع، ولم تعد دفاتر الطلاب تملأها الأحلام. في قطاعٍ يعيش على وقع القصفوالانهيار، توقفت حياة آلاف الطلاب في مرحلة الثانوية العامة، الذين وجدواأنفسهم أمام مستقبل ضبابي تتقاذفه رياح الحرب.
“ما في دراسة ولا كتب، ما بنعرف شو مصيرنا”، بهذه الكلمات الممزوجةبالخوف والخذلان يصف الطالب محمد سليم (17 عامًا) حاله بعدما دُمّرتمدرسته في مخيم النصيرات، ونُقل مع عائلته إلى أحد مراكز الإيواء. محمد، الذي كان يستعد لاجتياز عامه الحاسم في الثانوية العامة، يقول إنالحرب “سرقت عامه الدراسي”، وأطفأت نور الأمل الذي كان يراه في نهايةالنفق.
منذ أكتوبر الماضي، تعاني المؤسسات التعليمية في غزة من شلل شبه تام. تشير تقديرات وزارة التربية والتعليم إلى أن أكثر من 286 مدرسة تعرضتلأضرار مباشرة أو دُمرت كليًا، فيما تحوّل جزء كبير من المدارس إلى مراكزلإيواء النازحين، مما يجعل العودة للدراسة أمرًا شبه مستحيل في ظلالظروف الحالية.
رنا الكيلاني، معلمة لغة عربية تعمل في شمال غزة، تقول إن “الطلاب اليوملا يملكون حتى الأقلام”، مضيفة: “نحاول التواصل مع طلابنا عبر تطبيقاتبسيطة، لكن الانقطاع المتكرر للكهرباء والإنترنت يجعل التواصل مستحيلًا، ولا توجد بيئة مناسبة حتى للمذاكرة.”
توقّف التعليم لم يُضع فقط فرصة التحصيل الأكاديمي، بل خلّف أيضًاآثارًا نفسية عميقة لدى الطلاب، خصوصًا أولئك في الصفوف النهائية. تقولالأخصائية النفسية سهى مهنا إن طلاب الثانوية العامة “يشعرون بأنمستقبلهم سرق منهم”، محذرة من أن هذا الإحساس قد يخلق فجوة نفسيةعميقة تمتد معهم لسنوات.
مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة في باقي أنحاء فلسطين، لا يزالمصير الطلاب في غزة مجهولًا. تطالب مؤسسات حقوقية وإنسانية بضرورةإيجاد حلول عاجلة تضمن دمج طلاب غزة في النظام التعليمي مجددًا، سواء عبر برامج تعويضية، أو دعم نفسي وتكنولوجي، وتوفير بيئة تعليميةبديلة.
