شمس نيوز / عبدالله عبيد
أساليب ووسائل عديدة تستخدمها السلطة الفلسطينية في مشروعها للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الحراك الدولي، كانضمامها إلى محكمة الجنايات الدولية ومحاولتها الإعداد لملفي الحرب على غزة والاستيطان، ودعوة المجتمع الدولي لمقاطعة الاحتلال، وليس أخيراً الطلب الذي توجهت به إلى منظمة كرة القدم العالمية "الفيفا" بطرد إسرائيل من عضويتها.
السلطة الفلسطينية قدمت عبر رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب، طلباً بإقصاء وطرد دولة الاحتلال من "الفيفا"، بدعم ومساندة العديد من الدول الأوروبية والعربية، إلا أن جبريل الرجوب فاجأ الجميع في اللحظات الأخيرة بسحب طلب تعليق عضوية "إسرائيل" في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
قرار "اللحظة الأخيرة" الذي اتخذه جبريل الرجوب بسحب طلب تعليق عضوية إسرائيل في "الفيفا"، أثار موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ خاصة بعد الحشد الكبير لتصوير الطلب كخطوة متقدمة في ملاحقة الاحتلال.
هذا الأمر لم يكن الأول ولا الأخير الذي تقوم به السلطة في خذلان شعبها الفلسطيني المتعطش لمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي، حيث باتت أنظار المواطنين تتجه إلى محكمة الجنايات الدولية وتدور في أذهانهم الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام "هل ستنسحب فلسطين من محكمة الجنايات كما سحبت قرار طرد إسرائيل من الفيفا؟"
هذا السؤال اختلف على إجابته محللَون سياسيون، فمنهم من أعرب عن اعتقاده بأن السلطة قد تفعل أي شيء، لأنها على مر التاريخ تقوم بخذلان شعبها في اللحظات الأخيرة، فيما يرى آخرون أنه من المستحيل انسحاب السلطة من الجنايات الدولية، وذلك لأن دورها ينتهي بعد إجراء الانضمام إليها.
السلطة الفلسطينية كانت قد قُبلت عضوا كاملا في محكمة الجنايات الدولية في الأول من نيسان/ أبريل الماضي بعدما تقدمت بطلب للحصول على ذلك عقب فشل المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن لتمرير مشروع قرار يضع حدا للاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق جدول زمني.
ستنسحب من الجنايات
وبحسب المحلل السياسي، البروفسور عبد الستار قاسم، فإن السلطة ستقدم على الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، "إذا كان الأمر يغضب إسرائيل"، منوهاً إلى أن السلطة لم تقدم حتى الآن شكوى ضد إسرائيل أمام الجنائية الدولية.
ويتساءل قاسم في اتصال هاتفي مع مراسل"شمس نيوز": كم من الفترة أخذت السلطة للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية؟" وكم من الزمن ستأخذ قبل أن تقدم شكوى؟"، مبيّناً أن الأمر إذا كان يغضب دولة الاحتلال فإن السلطة ستعزم على إفشاله، على حد قوله.
أما بالنسبة للمحلل السياسي حسن عبدو، فيرى أن سحب تجميد عضوية إسرائيل من "الفيفا"، مختلف تماماً عن مسألة الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية.
ويرجع عبدو في حديثه لـ"شمس نيوز" سبب الاختلاف إلى أن دور السلطة ينتهي بمجرد إتمام إجراءات الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، موضحاً انه يتم مقاضاة الاحتلال من خلال الضحايا وليس السلطة.
وكانت محكمة الجنايات الدولية هددت إسرائيل قبل أيام بإجراء تحقيق واسع النطاق، يستند على الروايات الفلسطينية فقط بشأن "جرائم حرب" محتملة في الأراضي الفلسطينية حال لم توفر السلطات الإسرائيلية معلومات موثقة لها في التحقيق الأولي بهذا الشأن.
مظاهر إعلامية
وعن سحب الرجوب لطلب طرد إسرائيل من الفيفا، قال المحلل قاسم: ليس جبريل الرجوب المسؤول عن سحب الطلب هذا، وإنما الرئيس أبو مازن لا يريد أن يغضب إسرائيل، فأي عمل يقوم به عباس وتعترض عليه إسرائيل يراجعه مراراً وتكراراً للخروج منه".
وتوقع في الوقت ذاته عدم حصول أي شيء في حال انسحاب السلطة من مقاضاة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية، "لأنها عبارة عن مظاهر إعلامية جوفاء لا يوجد لها نتائج عملية على الأرض"، على حد تعبيره.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتراجع فيها السلطة عن طلب التصويت لصالح طرد "إسرائيل" من الفيفا"؛ فقد كان هذا السيناريو حاضراً في 11 حزيران (يونيو) العام الماضي بعد أن سبقه تلويح الرجوب بتقديم الطلب ليمر اجتماع الفيفا دون طلب ودون أيّ إجراءات عقابية ضد الاحتلال على عراقيله أمام اللاعبين الفلسطينيين، وجرى الاكتفاء بتشكيل لجنة لرصد التجاوزات.
وفي ظل إخفاقات السلطة الفلسطينية المتتالية وتخاذلها المستمر المعلن عنه، هل ستنجح في مقاضاة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة الجنايات الدولية، أم أن الكفة متأرجحة حول انسحابها كما العادة؟