يشهد قطاع غزة أكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث مع استمرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة المجرم بنيامين نتنياهو بانتهاج سياسة التجويع ضد 2 مليون 300 ألف نسمة في القطاع منذ الثاني من مارس الماضي بمنع إدخال المساعدات والأدوية الغذائية ما تسبب بأزمة جوع حادة بين فئات المجتمع.
وارتفع معدل الفقر المدقع نتيجة سياسة التجويع الإسرائيلية لأكثر من 90% وفقًا لمنظمات دولية عاملة في قطاع غزة، والتي أكدت أن قطاع غزة دخل في أخطر مراحل التجويع وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
ومع استمرار الاحتلال بانتهاج سياسة وهندسة التجويع عبر إنشاء أربع مراكز لمؤسسة أمريكية مزعومة تطلق على نفسها اسم "إغاثة غزة" لتوزيع المساعدات على الجوعى في قطاع غزة في ظل انعدام أدنى مستويات الكرامة الإنسانية والأخلاقية.
أرقام صادمة
وفقًا لتقارير صادرة عن برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأونروا، فإن أغلبية سكان قطاع غزة يعيشون في ظروف "انعدام أمن غذائي حاد"، في وقت رفعت الحرب من نسبة الفقر في غزة إلى أكثر من 90%.
ورغم النداءات الدولية، تستمر قوات الاحتلال في عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، فبعد اغلاق المعبر بالكامل لقرابة 3 شهور لم تسمح (إسرائيل) سوى بإدخال 5% من الحاجة اليومية للمواطنين.
في حين، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إن (إسرائيل) أوصلت غزة إلى "أخطر مراحل التجويع"، وإن آثار ذلك ستستمر لأجيال، مؤكدا أن ما يحدث في القطاع هو "إبادة جماعية وتجويع وجريمة ضد الإنسانية، وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان".
وأضاف فخري: "ما نشاهده خلال الأشهر الماضية من الحرب يكشف بوضوح عن مخطط إسرائيل تجاه القطاع.. خطة إسرائيل كانت دائما إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر والدمار، وإيقاع أعلى عدد من القتلى لتحقيق هدفها الأساسي وهو احتلال غزة بالكامل وضمها".
وأردف: "أعلنت إسرائيل نواياها منذ بداية الحرب بشكل أو بآخر. والوضع يزداد سوءا باستمرار، ونشهد تصعيدا ملموسا وممنهجا في العنف من جانب إسرائيل".
وشدّد فخري على أهمية عدم نسيان أن (إسرائيل) أعلنت نيتها استخدام التجويع سلاحا في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتابع: "إسرائيل منعت المساعدات الإنسانية تماما، أو قيّدتها أو هاجمت قوافل الإغاثة بشكل متعمد. والآن، ما نشهده هو المرحلة الأخطر من حملة التجويع".
ولفت المقرر الأممي إلى إن القطاع شهد مؤخرا دخول كمية ضئيلة من المساعدات، إذ سمحت إسرائيل بدخول عدد قليل جدا من شاحنات الإغاثة إلى غزة، "لكنها لا تلبي احتياجات السكان".
الكارثة تتفاقم!
بدوره، حمّل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) المسؤولية الكاملة عن تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، إذ عمدت إلى هندسة وتنفيذ جريمة تجويع منهجية على مدار نحو 600 يوم من الإبادة الجماعية، وأغلقت المعابر بشكل كامل طيلة 88 يومًا، مانعة دخول المساعدات الأساسية، قبل أن تدفع بداية الأسبوع الجاري بالمدنيين إلى فوضى مهينة عند نقاط توزيع خاضعة لإشرافها، في مشهد يجسّد استخدام المعونة كسلاح للإذلال والإخضاع والتدمير، ويكشف الانهيار المتعمّد لأي إمكانية للوصول إلى الغذاء.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني تابع تفاصيل آلية توزيع المساعدات التي أشرفت عليها شركة أميركية أنشأتها (إسرائيل)، تحت حراسة مشتركة من قوات أمنية أميركية خاصة وقوات (إسرائيلية)، وهي آلية اتسمت بالإذلال الكامل وانعدام الحدّ الأدنى من المعايير الإنسانية، سواء من حيث موقع التوزيع أو أسلوبه.
وأضاف: "جرى إجبار آلاف المدنيين المجوعين على السير مشيًا لعشرات الكيلومترات نحو منطقة أمنية خطيرة تحاصرها قوات الجيش الإسرائيلي، ليُرغموا بعدها على الدخول في ممرات مسيّجة تحت الحراسة المشددة، في مجموعات، لاستلام طرود غذائية محدودة، دون أي نظام واضح أو آلية تضمن الكرامة أو العدالة في التوزيع".
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن قوات الاحتلال تعمّدت إذلال المدنيين عبر احتجازهم بين الأسلاك الشائكة، في حين فشلت الشركة التي تدير العملية في توفير الحد الأدنى من الظروف الملائمة لاستيعاب عشرات آلاف الأشخاص الذين توافدوا إلى المكان على أمل الحصول على ما يسد رمقهم بعد أكثر من شهرين من الحصار الكامل.
وذكر المرصد أن آلاف المواطنين توافدوا نحو نقطة التوزيع، وسط غياب كامل لأي تنظيم، وفشل ذريع من الشركة الأميركية والقوات التي تحرس المكان في إدارة الموقف، ما استدعى تدخل قوات الاحتلال ومروحية تابعة لها أطلقت النار في محيط الجموع، ما أدى إلى وقوع إصابات، بعضها نتيجة التدافع.