كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات الماضية من استهداف العمارات والأبراج السكنية للمدنيين في قلب مدينة غزة وشمال القطاع، ما زاد من معاناة آلاف الأسر الفلسطينية التي باتت بلا مأوى نتيجة تدمير العمارات السكنية.
ولجأت آلاف الأسر الفلسطينية للعيش في العمارات السكنية سواء لأقاربهم أو استئجارها بعدما نزحوا من منازلهم بفعل الهجوم البري لجيش الاحتلال للمناطق الشرقية، إذ يرى الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل عبد الهادي أن استهداف العمارات السكنية يعكس استراتيجية إسرائيلية ممنهجة للضغط على السكان المدنيين من أجل التأثير على مسار المفاوضات مع حركة حماس.
ومنذ موافقة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس الماضي، على مقترح مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، صعدت آلة القتل والإجرام الإسرائيلية باستهداف العمارات السكنية وتدميرها بالكامل في محاولة للضغط على المفاوض الفلسطيني لدفعه بقبول المقترح كما هو، إلا أن رد حركة حماس بالاتفاق مع فصائل المقاومة بقبول الإطار العام للمقترح مع بعض الملاحظات للإيضاح دفع العدو لزيادة شراسته ضد العمارات السكنية تحديدًا.
ووفقًا للمتابعة الميدانية فإن آلة القتل والإجرام الإسرائيلي دمرت أكثر من 70 منزلًا (عمارات وأبراج) يضم عشرات الشقق السكنية خلال الساعات الماضية في شمال القطاع ومدينة غزة القديمة، في استهداف متعمد للتأثير على سير عملية التفاوض.
الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل عبد الهادي يرى أن الاستهداف المكثف الذي تنفذه قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه العمارات السكنية في اليومين الماضيين يعكس استراتيجية إسرائيلية ممنهجة للضغط على السكان المدنيين من أجل التأثير على مسار المفاوضات مع حركة حماس.
ويؤكد عبد الهادي في حوار مع "شمس نيوز" أن هذه الهجمات ليست عشوائية أو مجرد عمليات عسكرية تهدف إلى ضرب مواقع حساسة فقط، بل هي محاولة واضحة لاستهداف البنية التحتية للمدنية، لا سيما أن العمارات السكنية المستهدفة مأهولة بالنازحين من المناطق الشرقية والشمالية، وهي في أساسها عمارات سكنية مدنية تضم مراكز حيوية مثل المحلات التجارية والمقاهي ونقاط الخدمات الأخرى، ما يعني أن هذا الاستهداف يهدف إلى ضغط المفاوض، ودفعه لقبول الورقة بالصيغة الإسرائيلية، وتأليب الجبهة الداخلية الفلسطينية في غزة إزاء حالة المقاومة، وخاصة تجاه المفاوضين.
ويرى أن هذا الضغط المكثف على المدنيين يأتي في سياق محاولة "إسرائيل" لفرض شروطها على المفاوض الفلسطيني، لا سيما بعد التعديلات والتحفظات التي فرضتها حركة حماس على عملية التفاوض تجاه مقترح ويتكوف.
وقال عبد الهادي: "استهداف السكان المدنيين، وخاصة في مناطق مأهولة بالنازحين الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة أصلاً، هو محاولة لإضعاف موقف المفاوضين الفلسطينيين، وإجبارهم على التنازل أو قبول شروط الاحتلال تحت وطأة المعاناة الإنسانية المتصاعدة".
ويضيف أن استهداف العمارات السكنية المدنية التي لا تبدو مرتبطة بأي نشاط عسكري يعكس توجه الاحتلال إلى حرب نفسية تستهدف إرهاق السكان وضرب معنوياتهم، وهو ما يتناقض مع القوانين الدولية التي تحمي المدنيين والبنى التحتية المدنية أثناء النزاعات المسلحة، مع إشارته إلى أن تكثيف الغارات يأتي في ظل حالة النزوح الكبير من المناطق الشرقية والشمالية في القطاع.
وفي المجمل، يرى عبد الهادي أن هذه التكتيكات العدوانية تعكس تعنت الاحتلال واستعداده لاستخدام كافة الوسائل، حتى على حساب المدنيين الأبرياء، كأداة ضغط سياسية في مسار مفاوضات قد تكون مصيرية، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي تحركاً حازماً لوضع حد لهذه الممارسات التي تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني وتعمق الأزمة الإنسانية في غزة.
من جانبه، قال جهاز الدفاع المدني في غزة، السبت، إن جيش الاحتلال قصف خلال أقل من 48 ساعة 70 منزلاً تضم عشرات الشقق السكنية ومئات العائلات في مدينة غزة وشمال القطاع.
وأوضح متحدث الجهاز محمود بصل أن "آلاف الأسر الفلسطينية باتت بلا مأوى نتيجة قصف منازلها"، مشيراً إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته الجوية على مدينة غزة وشمال القطاع".
وأضاف في بيان أن "الاحتلال يستهدف بشكل متعمد العمارات السكنية التي تؤوي عشرات العائلات الفلسطينية".
