قائمة الموقع

الوكالة الذرية تساند أميركا: «نووي إيران» ليس سلميّاً تماماً

2025-06-02T08:41:00+03:00
ايران.webp
شمس نيوز -

قبل أسبوع واحد من الاجتماع الدوري لـ»الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، استقطب نشر أجزاء من التقرَيرين «الدوري» و»الشامل» للمدير العام للوكالة، رافايل غروسي، حول البرنامج النووي الإيراني، اهتماماً استثنائيّاً. وأشار التقريران إلى أن طهران زادت، خلال الأشهر الأخيرة، وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة تقترب من الكمية اللازمة لصنع سلاح نووي، في ما يعزّز احتمال تبنّي الاجتماع المقبل للوكالة، قراراً جديداً ضدّ الجمهورية الإسلامية، وتحرُّك الدول الأوروبية في اتجاه تفعيل «آلية الزناد» الواردة في الاتفاق النووي لعام 2015، وهو ما يعني العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية على إيران. وجاء ذلك في ظلّ استمرار المفاوضات الإيرانية - الأميركية، بهدف التوصّل إلى اتفاق نووي محتمل.

وبحسب التقرير الدوري للمدير العام، والذي حصلت وكالة «أسوشيتد برس» على نسخة منه، أول أمس، فإن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، بلغ 408.6 كيلوغرامات، حتى الـ17 من أيار، أي بزيادة تقارب الـ134 كيلوغراماً، وبنحو 50%، منذ تقرير شباط الماضي. كذلك، لفت تقرير «الذرية» إلى أن إيران هي البلد غير النووي الوحيد في العالم، الذي يقوم بتخصيب اليورانيوم حتى مستوى 60%، علماً أنه لا يبعد كثيراً عن التخصيب بنسبة 90%، الكافية لصنع سلاح نووي. وكان تقرير شباط أعلن أن مخزونات إيران من اليورانيوم المخصّب، بلغت 274.8 كيلوغراماً.

وفي تقريره «الشامل»، انتقد غروسي «التعاون الأدنى من المتوقّع» لطهران في مجال مراقبة برنامجها النووي، علماً أن هذا التقرير أُعدّ بطلب من أعضاء مجلس المحافظين، وتأسيساً على قرار المجلس ذاته. وممّا جاء فيه: «بينما تواصل إيران تعاونها في مجال تطبيق اتفاقات الضمانات المعمول بها، فإن تعاونها مع الوكالة في بعض المجالات، كان أقلّ من المستوى المنشود»، إذ أشار إلى «عدم تقدّم إيران في إعطاء إيضاحات حول المواد النووية التي عُثر عليها في المواقع غير المعلنة»، قائلاً إن طهران «إمّا أنها لم تردّ، أو أنها قدّمت إجابات غير مقبولة، وقامت بتطهير المواقع ذات الصلة؛ وهو ما أربك عملية التحقّق التي تقوم بها الوكالة».

وتقول وكالة «بلومبرغ» إنها تمتلك نسخة من التقرير السرّي الذي ذكر المدير العام للوكالة فيه «أنه غير قادر على ضمان أن البرنامج النووي الايراني مُخصّص للأغراض السلمية البحتة». وتعقيباً على ذلك، اعتبرت وزارة الخارجية و»مؤسسة الطاقة الذرية» الإيرانيتان، في بيان مشترك، أن التقرير الأخير لغروسي في شأن الواقع النووي الإيراني، «غير متوازن» و»يفتقر إلى التقييم الشامل»، وقالتا إنه كرّر «الاتهامات السابقة المغرضة والتي لا أساس لها». وأضاف البيان أن تقرير «الوكالة الدولية» لا يعكس «المستوى الحقيقي للتعاطي»، واستند إلى «معطيات مفبركة مصدرها إسرائيل».

وتابع أن أجزاء من التقرير تتطرّق إلى موضوعات «غير ذات صلة، وتتخطّى اتفاقات الضمانات، وجزئية»، فيما الهدف من طرحها هو ممارسة «الضغط السياسي». وحذّر البيان من أنه «في حال أرادت بعض الدول استغلال تقرير الوكالة الدولية في اتجاه ممارسة الضغط السياسي، فإن إيران ستعتمد إجراءات متبادلة».

وعلى رغم أن الخلافات بين إيران و»الوكالة الدولية» فنية في ظاهرها، لكنّ مدلولاتها سياسية. وقد اندلعت هذه الخلافات مع بدء إيران، منذ عام 2019، أي بعد عام واحد من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، بخفض التزاماتها الواردة بموجب الاتفاق، بما في ذلك زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم، والحدّ من عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة للمنشآت النووية الإيرانية. ولكنّ طهران أعلنت مراراً أنها ستكون، في حال عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي ورفعها للعقوبات، جاهزة للعودة إلى التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.

وكلا تقريرَي غروسي، واللذين سيُدرسان خلال اجتماع مجلس المحافظين المقرَّر يوم التاسع من حزيران الجاري، ينطويان على نبرة نقدية غير مسبوقة، يمكن أن تُلقي بظلالها على الاجتماع التالي للمجلس، فيما يُرجّح أن تقوم الدول الأوروبية، مدعومة من أميركا، بتقديم قرار ضدّ إيران لهذا الاجتماع للمصادقة عليه. وكانت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) أعلنت، في وقت سابق، أنه في حال عدم رضى الوكالة عن تعاون طهران معها، فإنها قد تستخدم الآلية التي أقرّها القرار 2231 لمجلس الأمن الدولي، والمعروفة بـ»آلية الزناد»، لعودة العقوبات الأممية على إيران تلقائيّاً؛ علماً أن المهلة المحدّدة لهكذا إجراء، تنتهي في تشرين الأول من هذا العام. ومن شأن تفعيل هذه الآلية أن يرفع منسوب الضغوط على إيران، بالتزامن مع المحادثات التي تجريها مع الولايات المتحدة، وذلك من أجل دفعها إلى تقديم مزيد من التنازلات.

وتعليقاً على تقرير الوكالة، رأى مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية، كاظم غريب آبادي، أنه «أُعدّ بهدف الاستخدام السياسي من قِبل بعض الدول»، وأنّ الوكالة «تحوّلت إلى أداة للضغط على إيران»، محذّراً من أنّ بلاده ستتّخذ «ردّاً مناسباً» إذا استُغلّت مرونتها النووية، مؤكّداً أنّ الأطراف الأخرى «تتحمّل عواقب ذلك». وکان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أكّد في بيان، مساء السبت، أنه أبلغ، في مكالمة هاتفية مع غروسي، بأن بلاده «ستردّ بشكل مناسب على أيّ تحرّك غير لائق من جانب الأطراف الأوروبية»، داعياً المدير العام للوكالة إلى عدم إتاحة الفرصة أمام «بعض الأطراف» لإساءة استخدام التقرير «لتحقيق أهدافها السياسية» ضدّ إيران.

من ناحية أخرى، وتحديداً في اليوم الذي تسرّب فيه تقريرا الوكالة الدولية إلى الإعلام، أعلن عراقجي أن نظيره العماني، بدر البوسعيدي، قام، خلال زيارة قصيرة إلى طهران، بتقديم نصّ اقتراح من جانب الولايات المتحدة، وكتب، عبر حسابه في منصة «إكس»: «سيتم الردّ على هذا الاقتراح بصورة لائقة، وفي إطار المبادئ والمصالح الوطنية وحقوق الشعب». وفي سياق متّصل، لفتت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، نقلاً عن مسؤولين مطّلعين على المحادثات الدبلوماسية، إلى أن «الاقتراح عبارة عن سلسلة من النقاط الموجزة، وليس مسوّدة كاملة». وبحسب الصحیفة، فإنه «يدعو إيران إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، ويقترح إنشاء تجمّع إقليمي لإنتاج الطاقة النووية يضمّ إيران والمملكة العربية السعودية ودولاً عربية أخرى، بالإضافة إلى الولايات المتحدة».

ومنذ نيسان الماضي، عُقدت خمس جولات من المحادثات بين إيران وأميركا، يبدو أن التخصيب يمثّل أهم موضوع مُختلف عليه فيها؛ إذ وفيما تعتبر طهران، التخصيب حقّها المسلّم به، تقول السلطات الأميركية إن عليها وقف التخصيب، وذلك وسط ازدياد التكهّنات خلال الأيام الأخيرة حول احتمال أن يتوصّل الطرفان إلى اتفاق أوّلي.

اخبار ذات صلة