شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في فاعلية المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث نفّذت كمائن وهجمات دقيقة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقتي الشجاعية وجباليا، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف جنود الاحتلال، وفق مصادر رسمية.
مباغتة مؤجلة
وفي تعليق للكاتب السياسي وسام عفيفة، أشار إلى أن "المقاومة نفّذت كمينًا جديدًا في حي الشجاعية، بعد أقل من 24 ساعة على كمين جباليا الدامي"، موضحًا أن الكمين الجديد – الذي ما تزال تفاصيله طي الكتمان – "أعاد مروحيات الاحتلال إلى مشهد الطوارئ المعتاد، تنقل المصابين إلى مشافي القدس تحت الحراسة المشددة".
وأضاف عفيفة: "اللافت أن المقاومة تعتمد تكتيك النفس الطويل والمباغتة المؤجلة، حيث تسمح لقوات الاحتلال بالتحرك وفق ما تظنه روتينًا آمنًا، ثم تُفعِّل الكمين في لحظة خمول قتالي".
وأكد أن هذه الكمائن "مركبة ومخطط لها، تستدرج العدو إلى نقطة ضعف قبل الانقضاض، غالبًا من مسافة صفر أو عبر ضربات نيران متزامنة".
معادلة صمود ومبادرة
من جانبه، رأى الكاتب السياسي محمد المدهون أن "معركتي جباليا والشجاعية كشفتا تحول المقاومة من الدفاع إلى الهجوم المنظم"، حيث تحولت الأزقة إلى "أفخاخ نارية أوقعت النخبة الإسرائيلية في كمائن مركبة بالعبوات والطائرات المسيّرة".
وأضاف المدهون: "الاحتلال فقد توازنه وارتبك ميدانيًا، فيما فشلت قيادته في ترميم صورتها تحت صمت الرقابة"، مشيرًا إلى أن "غزة، رغم الجراح، تؤسس لمرحلة ردع جديدة تستنزف العدو وتثبت معادلة الصمود والمبادرة".
تكتيكات دقيقة أما الكاتب في الشأن العسكري والأمني رامي أبو زبيدة، فقد قدم قراءة تفصيلية للعمليات الأخيرة، مشيرًا إلى أن "جبهات القتال شرق مدينة غزة شهدت تصعيدًا نوعيًا في تكتيكات المقاومة، تمثل في تنفيذ كمائن دقيقة وهجمات موجهة ضد وحدات مختارة من الجيش الإسرائيلي".
ووفقًا لأبو زبيدة، فقد وقع الكمين قرابة الساعة 19:00 أثناء عملية هجومية لقوات الاحتياط من فرقة 646 في حي الشجاعية.
وأوضح أن عنصر مقاومة خرج من أحد الأزقة وفتح نيرانًا خفيفة تجاه القوة قبل الانسحاب فورًا، كما أن الهجوم أسفر عن إصابة جنديين بجراح خطيرة، توفي أحدهما لاحقًا.
وتابع :"اللافت أن العملية تمت في منطقة "مؤمنة" جويًا، لكن المروحية الإسرائيلية فشلت في رصد المهاجم".
وخلص أبو زبيدة إلى أن الهجومين "يكشفان عن المرونة التكتيكية العالية لدى المقاومة"، مؤكدًا أن "الردع الجوي والاستخباري الإسرائيلي ما زال عاجزًا عن إحباط الكمائن الأرضية أو الطائرات المسيّرة"، وهو ما يشكل تحديًا للقوات البرية العاملة في المناطق المأهولة.
وختم بالقول:"تُظهر العمليات الأخيرة تطورًا نوعيًا في أداء المقاومة، سواء في التخطيط أو التنفيذ، مما يضع الاحتلال أمام معضلة استراتيجية في ظل عجزه عن حماية قواته رغم التفوق التقني. بينما تؤكد غزة، مرة أخرى، أنها قادرة على إعادة تعريف معادلة الصراع بأدوات مبتكرة".
