غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

وثيقة فكرية ورمز نضالي

في آخر حوار له مع "شمس نيوز".. د. أسعد أبو شريعة يوضح ملامح رؤيته للمشروع المقاوم في فلسطين والمنطقة

شمس نيوز - خاص

استُشهد الدكتور أسعد أبو شريعة (أبو الشيخ)، الأمين العام لحركة المجاهدين الفلسطينية، اليوم الأحد، إثر عملية اغتيال إسرائيلية استهدفته في قطاع غزة، بعد مسيرة طويلة من النضال والمقاومة والعمل الدؤوب في خدمة القضية الفلسطينية. 

وكان الزميل الصحفي الشهيد محمد أبو شريعة مدير التحرير السابق في وكالة "شمس نيوز"، قد أجرى حواراً خاصاً ومفصلاً، قبل عامين، مع الأمين العام د. أسعد أبو شريعة؛ لمناسبة الانطلاقة الـ22 لحركة المجاهدين، وقد حمل في طياته ملامح مشروعه المقاوم، ورؤيته السياسية، ومواقفه الثابتة من وحدة الصف، وطبيعة العلاقة بين فصائل المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، والمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

وتُعيد "وكالة "شمس نيوز" إحياء ونشر أبرز النقاط التي جاءت خلال الحوار الخاص، الذي يُعتبر وثيقة فكرية مقاومة، سيما أن مضامينه لا تزال حاضرة، وتحمل في ظلالها رؤية استراتيجية، وتحليلاً عميقاً، واستشرافاً دقيقاً لمآلات الصراع مع الاحتلال؛ وفاءً لدماء الشهيد الدكتور أبو شريعة، وتوثيقاً لرؤيته، وتأريخاً لموقف رجلٍ صاغ كلماته بمداد العزم، وعاش واسشتهد مؤمناً بعدالة قضيته، وحتمية المواجهة، وخيار المقاومة حتى تحرير الأرض والإنسان. 

وفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

أكد الأمين العام لحركة المجاهدين الفلسطينية الدكتور أسعد أبو شريعة "أبو الشيخ"، أن المشروع الإسلامي المقاوم في فلسطين والمنطقة يهدف لإقامة الحق في الأرض، وتحقيق العدل بين الناس، ورفع الظلم عنهم، ومواجهة مشروع الاستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يتغول على مقدرات الشعوب، ويصادر قرارهم، ويُحكِم قبضته عليهم عبر أدوات محلية تمثل قوى الظلم. 

وأوضح أبو شريعة، في حواره مع "شمس نيوز"، أن البوصلة الحقيقية للأمة الإسلامية يجب أن تبقى متجهة نحو فلسطين ومقدساتها، لا نحو الخلافات المذهبية والطائفية، وأن ما يحصل في بعض البلدان من احتراب داخلي يخدم المشروع الصهيو-أمريكي في المنطقة، مؤكداً أن كل من يواجه الاحتلال الصهيوني ويتصدى له بالوسائل المشروعة، هو جزء من مشروع المقاومة، ومن يتبع في الجيوسياسة للاستكبار الأمريكي، هو جزء من مشروع الظلم والاستبداد.

ويرى الأمين العام لحركة المجاهدين الفلسطينية أن هناك فرقاً كبيراً بين الانتصارات التي تحققها قوى المقاومة في المنطقة، والتي تراكم انتصارات وإنجازات على الأرض، ومن يتبع في الجيوسياسة للاستكبار الأمريكي، مضيفاً أن: "البطؤ في تحقيق إنجازات الانتصارات التي تحققها المقاومة يعود إلى أن الجيوسياسة في المنطقة تابعة للاستكبار العالمي، ولا تأتي في إطار خدمة قوى المقاومة".

واستدرك أبو شريعة قائلاً: "عملية المراكمة من انتصار إلى انتصار نقلتنا إلى التهديد الاستراتيجي للاحتلال، مبيِّناً أن "قرب نهاية كيان العدو يشير له الكثير من الكتاب، والمحللين، والسياسيين، سواء لدى الاحتلال، أو المراقبين للوضع العام".

وتابع حديثه: "نحن في صراع مفتوح مع العدو الصهيوني يأخذ في مرحلة ما نظام الصراع العسكري، وأخرى صراع سياسي، وأخرى أمني".
وأشار إلى وجود إنجازات كبيرة لا يمكن للعدو الالتفاف عليها، وهي أن فلسطين جميعها وحدة جغرافية واحدة، أراضي الـ48 والقدس، الضفة الغربية قطاع غزة، تساند بعضها البعض.

ولفت أبو شريعة إلى أن المساندة قد تختلف بأشكالها حسب ظروف المعركة، موضحاً أن ظروف أي معركة تأتي عبر تخطيط مدروس وعميق من قيادة المقاومة، والتي تعي وتعرف جيداً كيف تدير المعركة بالأشكال التي تتناسب مع الأزمنة والأمكنة.
وشدد على أن المقاومة لن تتوقف في أي يوم من الأيام عن إجبار العدو الصهيوني على دفع فاتورة اغتصابه لأرضنا.

القدس والضفة المحتلتين

وأكد أبو شريعة أن العدو يريد تهويد المدينة المقدسة، مستغلاً بعض التراجع وحالة الضعف لدى البعض، مشدداً على أن المقاومة تعمل على ردعه عن هذه الطريق بكل السبل.

وقال: "حينما ينظر العدو الصهيوني إلى بعض الفرص ويستغلها في محاولة الاستمرار في طريق تهويد القدس فهذا يعني أنه واهم وواهن إن ظن أنه يستطيع الوصول لغايته".

وذكر د. أبو شريعة أن التصعيد الذي يقوده الاحتلال في القدس والضفة يأتي في سياق شعوره بالخطر الكبير على بقائه، ومحاولاته لإشعار نفسه ومستوطنيه أن هناك أملا بالبقاء.

وأضاف: "قد يختلف شكل التصعيد ومكانه؛ فمثلًا ما يجري في الضفة الغربية يجب أن يكون عنوان المواجهة هو الصدام بكافة أنواعه؛ لأن العدو يحاول الالتفاف السياسي هناك، بالإضافة إلى عمليات الضم والعمليات الأمنية المعقدة، والعمليات التي تقوم على أساس مكر خبيث (..) ما يسمو بمنسقي الاحتلال هناك يقوموا بالتواصل مع المجتمع الفلسطيني، وبالتالي أمام هذه المحاولة للسيطرة على المجتمع الفلسطيني، وقلب الوعي في الضفة، كان لا بد من شباب الضفة المبادرة، فهو أهل للفهم، والوعي، والمبادرة، بالإضافة إلى أنهم يشعرون بخطورة هذه المرحلة".

أهداف ورؤية حركة المجاهدين

وبشأن الأهداف التي تأسست من أجلها حركة المجاهدين، قال د. أبو شريعة إن "حركة المجاهدين الفلسطينية تنتسب إلى الأمة الإسلامية، هذه الأمة المستهدفة من الغرب؛ لذلك كان لا بد لنا أن نعمل على رفعة الأمة، وأن نكون يدًا واحدة مع كل مكونات الأمة الإسلامية".

وأشار إلى أن حركة المجاهدين تعمل على صعيدين: الأول الفلسطيني الداخلي، والآخر على صعيد الأمة بشكل عام.

وأوضح أن الحركة تعمل على صعيد الأمة من خلال إحباط مخططات ومؤامرات العدو الصهيوني مع كل قوى الأمة الحية الصادقة، التي تريد للأمة أن يُعاد مجدها بغض النظر عن مذهبيات، وطوائف، وعرقيات، قام العدو الصهيوني ومن لف لفيفه بإخراجها إلى السطح؛ للالتفاف على عملية استنهاض الأمة.

ولفت أبو شريعة إلى أنهم على الصعيد الفلسطيني يعملون على مواجهة تدخل الهيمنة الأمريكية في الشأن الفلسطيني من خلال التكاتف والتكامل مع القوى الإسلامية والوطنية؛ لنصل إلى فلسطين المقاومة والمقاتلة، والمحررة من الاستعباد الأمريكي.

وشدد على أن العلاقة بين حركة المجاهدين وجناحها العسكري، مع فصائل المقاومة، وخاصة سرايا القدس وكتائب القسام، علاقة تكاملية في ميادين العمل السياسي، والعسكري، والأمني، قائلًا: "هم إخوة ورفاق درب وعقيدة، نعمل مع فصائل المقاومة الفلسطينية بروح الفريق الواحد".

العقوبات الأمريكية على حركة المجاهدين

يذكر أنه في العام 2018 وضعت الخزانة الأميركية حركة المجاهدين الفلسطينية، وعدد من قيادتها على قائمة العقوبات، لكن د. أبو شريعة يرى هذه العقوبات أنها جزء من المحاولات المستمرة لمنع الدعم عن المقاومة، ولقطع الطريق أمامها.

وقال: "هذه مخططاتهم يحاولون إعاقة الدعم بصوره وأشكاله المختلفة إلى فلسطين، ولكن الجمهورية الإسلامية وحزب الله وقوى المقاومة العاملة في هذا الميدان، لديها طرق للاستمرار في العمل".

وشدد على أن هذا القرار فشل على أرض الواقع، مبيناً أن أكبر دليل أن القرار مضى عليه أربع سنوات، ولازالت "المجاهدين" تتطور وتتقدم.

وأضاف: "منذ أكثر من 20 عاماً وهم يفرضون عقوبات على إيران وحزب الله والعديد من الفصائل الفلسطينية، لكنهم فشلوا في قطع طريق الامدادات عن المقاومة".

مبادرة ترتيب البيت الفلسطيني

حركة المجاهدين الفلسطينية أطلقت خلال إحيائها لفعاليات انطلاقتها الـ22 مبادرة لترتيب البيت الفلسطيني، هذه المبادرة تحدثت عن العديد من الملفات والقضايا التي تهم المواطن الفلسطيني.

يشير د. أبو شريعة إلى أن هذه المبادة جاءت من باب الاستشعار بالمسؤولية وبضرورة ضمان الحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني، الذي هو أغلى من نملك بالإضافة إلى المقدسات الإسلامية على أرضنا.

وقال: "مبادرتنا طرحت على الساحة السياسية، وتطرقت للعديد من الملفات أهمها وصف المرحلة والعملية المرجعية العامة لكل العمل السياسي الفلسطيني".

وأضاف: "المبادرة تطرقت إلى عملية مرجعية وطنية شاملة، لـ م. ت. ف.، وجميع الفصائل الفلسطينية، ولتشكل لجنة أو هيئة وطنية من قبل الأمناء العامون للفصائل تكون من مهامها صياغة عملية البناء الإداري لكل مؤسسات الوطن، ويتفقوا على طاولة واحدة".

ويرى أبو شريعة أن الاتفاق يجب أن يكون متكاملاً يأخذ بيد شعبنا للارتقاء فيه، وليس بشرط الاتفاق على برنامج واحد، مكملاً حديثه: "النظر إلى المسألة من البعد دون تحمل مسؤولية هذا ليس بالأمر الإيجابي".

وأشار إلى أن هذه المبادرة جاءت من أجل إقامة الحجة على من لا يريد لفلسطين أن ترتقي أو يريد كرسي هنا أو هناك.

معركة التحرير الشامل

وأكد الأمين العام لحركة المجاهدين الفلسطينية أن الأجنحة العسكرية من أهم واجباتها مواصلة العمل بالليل والنهار؛ للوصول إلى كل ما هو جديد، ومباغتة العدو.

وقال: "المباغتة تكون في الشكل، والزمان، والأدوات، والمعدات المستخدمة لإدارة المعركة العسكرية المقبلة"، مشدداً على أن هذه وظيفة الأجنحة العسكرية قاطبة في المقاومة الفلسطينية.

وأضاف: "إن كان مجال الإعداد هو مجال تنافسي فقد مدحه الله في قوله (وفي ذلك فلينافس المتنافسون)، وبالتالي ما إعدادنا هذا إلا من أجل الأسرى وحريتهم، والقدس وقداستها، وطهارتها، ومن أجل أراضينا التي اغتصبت، ومن أجل الانتقام من المجازر التي أقيم عليها هذا الكيان، من أجل عودة اللاجئ إلى أرضه".

وشدد على أن المقاومة الفلسطينية تراكم من أجل عملية التحرير الشامل، مشيراً إلى أن هذا يحتاج لعملية علمية، وضبط، وسيطرة، وتخطيط وأداء مرتقٍ، واستعداد قتالي على المستوى المطلوب.

وحول تركيز المناورات العسكرية لفصائل المقاومة على خطف الجنود، وهو ما شهدته مناورات "الوعد المفعول" التي نفذتها كتائب المجاهدين خلال السنوات الماضية قال أبو شريعة: "نحن سنصل إلى مرحلة فيها نفتح الزنازين على أسرانا، وليخرجوا، هذه أمنيتنا، ونعمل من أجلها جاهدين، خاصة ونحن ذاهبون إلى مرحلة التحرير".

وأضاف "في الطريق قد يكون هناك محطات (..) الأسرى بحاجة إلى أن يروا من مقاومتهم، هم كانوا يقاومون قبل أن يتم أسرهم، وبالتالي هم ينظرون إلى زملائهم وأجنحتهم العسكرية أين فعلكم، وعملكم، فهذه رسالة لهم".

وتابع أبو شريعة: "كما أنها رسالة للجندي الصهيوني أنه ليس في مأمن سواء كان في مكان تموضعه بآلية أو موقع استخباراتي أو جغرافي على الحافة، وإنما المأمن الوحيد لهذا الجندي هو أن يعود من حيث أتى".

العلاقة مع محور المقاومة

ويرى الدكتور أبو شريعة أن المنطقة الآن دخلت في مرحلة الفرز بين محورين، الأول محور المقاومة، والثاني محور القوى الموالية للعدو والمطبعة معه.

وأشار إلى أن هذا الفرز طبيعي لأنه يعكس التقدم الحاصل لمحور المقاومة وبرنامجه في السياسة والتقدم العسكري الذي يحققه في المنطقة.

وأوضح أن هناك أنظمة سارت في ركب الاستعمار العالمي الأمريكي، وهناك قوى مقاومة تقاوم الاستكبار الأمريكي وتريد تحرير فلسطين وإنهاء الكيان الصهيوني.

وقال: "عند رؤية محور المقاومة يتقدم والجبهات في هذا المحور يدور الحديث عنها بشكل عميق وكثيف". وتابع: "إذا ما نظرنا إلى الكيان الصهيوني فقد قام بالعديد من المناورات خلال العام الماضي 2020 وصلت لأكثر من 148 مناورة، يحاكي منها 30 مناورة حروب على جبهات عدة، هذا يعني أن الكيان يشعر بخطورة محور المقاومة وتقدمه على جميع الجبهات".

وبشأن علاقة الحركة بحزب الله وإيران قال: "علاقتنا بحزب الله وإيران من ناحية الدعم اللوجستي والعسكري وغيرها، فلو نظرت في الدول العربية والإسلامية هل يوجد غير الجمهورية الإسلامية ترعى برنامج المقاومة في فلسطين، وتسعى لتحرير القدس تحريراً عسكرياً؟ لا يوجد".

 وأكد أبو شريعة أن "هذه حقيقة واقعية لا ينكرها إلا جاحد"، مضيفاً أن "الأخوة في الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله اللبناني يدفعون فاتورة إرادتهم القوية وعزيمتهم من أجل دعم فلسطين وقوى المقاومة فيها".

وبيَّن أن إيران وحزب الله تعرضوا لعقوبات ولحصار أمريكي ومؤامرات التي تدار عليهم من أجل تمسكهم بفلسطين، ويدعمون المقاومة فيها، مشيراً إلى أن هذه هي الأسباب الرئيسية التي تجعل الأمريكان والصهاينة وكمن سار في ركبهم يعادون الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله.

وختم أبو شريعة حديثه: "علاقتنا معهم علاقة الأمة الإسلامية علاقة تكاملية في مشروع المقاومة والتحرير، ونعادي الكيان الصهيوني والاستكبار الأمريكي، ونُفشل مؤامرات الصهاينة التي تحاك من أجل تمزيق الأمة وتفريقها".

البث المباشر