في تطور أثار تساؤلات حول النوايا الحقيقية لحكومة الاحتلال، أعلن كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب اسرائيل كاتس أنهما يبحثان آلية جديدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بزعم "منع سيطرة حماس" على تلك المساعدات.
غير أن الشهادات الواردة من شمال غزة تكشف عن واقع مغاير؛ إذ إن المساعدات التي نجحت في الوصول إلى المناطق المنكوبة مؤخرًا، حظيت بحماية مباشرة من مجموعات من الشبان المدنيين، بدعم وتنظيم من وجهاء العائلات والعشائر، في مبادرة مجتمعية غير مسبوقة هدفت إلى منع عمليات النهب وضمان وصول المساعدات لمستحقيها.
"حرسناها من النهب.. فعاقبونا"
يقول الشاب "أبو محمد"، أحد منسقي هذه المبادرات الميدانية: "كنا نقف أمام وفوق الشاحنات كي لا تُسرق، وكنا نطرد بعض اللصوص الذين حاولوا السطو على المساعدات.. لم نكن مسلحين ولا مدفوعين من أحد، بل انطلقنا بدافع شعبي وإنساني، وبدعم مباشر من وجهاء العائلات الذين نسّقوا بيننا".
وأضاف: "الناس في غزة يعرفون أننا شباب مدنيون، نرفض الفوضى، ولا نريد إلا أن يأكل الناس بكرامة.. والآن تحاول إسرائيل عرقلة هذه الآلية العشائرية الناجحة، بزعم أنها غير آمنة!".
دور العشائر.. من التهدئة إلى الإغاثة
لعب الوجهاء والروابط العشائرية دورًا بارزًا في ضبط الوضع الميداني أثناء تامين وتوزيع المساعدات، من خلال تنظيم نقاط الحماية، وتنسيق الأدوار بين الشبان المتطوعين، وتوجيه النداءات إلى المواطنين باحترام النظام.
وقال أحد وجهاء شمال غزة – طلب عدم ذكر اسمه – لشمس نيوز: "هذا واجبنا الديني والوطني.. لم ننتظر جهة دولية أو فصيل، قررنا أن نحمي ما تبقّى من كرامتنا في وقت الجوع والانهيار".
ماذا وراء "الآلية الجديدة"؟
مسؤول في منظمة إغاثة دولية صرّح قائلاً: "لم نرَ أي مؤشرات على سيطرة فصائل على المساعدات التي وصلت مؤخرًا. التنظيم المحلي الذي شهدناه في شمال غزة، بدعم عشائري وشبابي، مكّن من توزيع سريع ومنظم، وهو أمر يجب دعمه لا عرقلته".
"يريدون أن تُسرق"
تقول "أم علاء"، وهي أم لخمسة أطفال: "كل مرة توصل المساعدات نسمع عن نهب وسرقة، بس هالمرة الشباب والعشائر وقفوا سوا وحرسوها.. ليش يغيروا الآلية؟ وليش يحرمونا من هالأمان؟".
الفوضى تخدمهم أكثر من النظام
يرى مراقبون أن الاحتلال لا يرتاح لأي مظاهر للتماسك الداخلي، حتى لو كانت مجتمعية بحتة، إذ إن الانضباط الشعبي ينسف سردية "الانهيار الكامل" التي تروّج لها تل أبيب دوليًا، وينسف فكرة وهندسة الفوضى الخلاقة.
"نحن فقط نحاول أن نعيش"
يختصر الشاب "محمود"، من حي الشيخ رضوان، المشهد بقوله: "حاولنا فقط أن نحمي الخبز من السرقة، بتعاون بين الشباب والعشائر.. لكن يبدو أن هذا أصبح جريمة في نظرهم".
