قائمة الموقع

خبر الصراع الوهمي بين أمريكا وإسرائيل

2015-06-04T20:46:15+03:00

تقرير مجلة فورن بولسي 

تبدو إدارة أوباما مُعادية لحكومة نتنياهو. ولكن، وراء الكواليس، تعمل الأمم المتحدة وأمريكا على حماية إسرائيل.

ناشدت سامانثا باور، مبعوثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” لإزالة إسرائيل من قائمة الدول المنبوذة والحركات المتمردة، والمنظمات الإرهابية المتهمة بانتهاك حقوق الأطفال في خضم الصراع، وذلك وفقًا لمسؤولين مطلعين على المناقشات السرية للمبعوثة الأمريكية مع زعيم الأمم المتحدة.

الهدف من تأثير باور هو منع حليف مهم للولايات المتحدة من الظهور في قائمة العار التي تضعها الأمم المتحدة للدول المنبوذة، مثل سوريا والسودان، وكذلك المنظمات الإرهابية، مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية وحركة طالبان.

تضع هذه المحاولة أحد أبرز أنصار إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مجال حقوق الإنسان على خلاف مع جماعات حقوقية مثل منظمة هيومن رايتس ووتش، التي أكّدت أن إسرائيل وحماس ينبغي إدراجهما في هذه القائمة؛ بسبب سلوكهما خلال الحرب التي اندلعت الصيف الماضي في غزة وأسفرت عن قتل طفل إسرائيلي وما يصل إلى 500 طفل فلسطيني، وفقًا للأمم المتحدة.

يؤكّد هذا الجهد الأمريكي الدرجة التي تواصل بها الولايات المتحدة الدفاع عن إسرائيل في الأمم المتحدة، على الرغم من الخلاف العلني بين أوباما ونتنياهو.

قبل شهرين فقط، حذّر البيت الأبيض من عواقب تعهد نتنياهو قبل الانتخابات بعدم دعمه لحل الدولتين، وأنه لا دولة فلسطينية ستظهر طالما أنّه في الحُكم، وهاجم أوباما ومساعدوه نتنياهو بسبب ما فسروه أنّه تعليقات مُعادية للعرب في يوم الانتخابات الإسرائيلية، ورغم تراجع نتنياهو عن تصريحاته؛ أكد أوباما أنه سيُعيد النظر في موقفه الدبلوماسي تجاه إسرائيل.

ولكن، في الأسابيع الأخيرة، أظهرت الولايات المتحدة علامات تشير إلى تقليل دعمها لإسرائيل في الأمم المتحدة. وقبل أسبوعين، ذكرت بعض التقارير أنّ نتنياهو شكر وزير الخارجية الامريكي “جون كيري” لمعارضة المبادرة المصرية للضغط على القدس من أجل إلغاء برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلية غير المعلن عنه. كما ضغطت واشنطن لتأخير أي إجراء يتخذه مجلس الأمن الدولي من شأنه أن يؤثر على إسرائيل لقبول حل الدولتين.

وهذا يوضح مدى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في الأمم المتحدة ورغبة إدارة أوباما في تجنب المواجهة مع الكونغرس قبل أن يختتم المرحلة الأخيرة الحساسة من المفاوضات النووية مع إيران، وذلك وفقًّا لبعض المراقبين.

ربما تتعلق حماية إدارة أوباما لإسرائيل بالشعور أن واشنطن “تمادت” في تضخيم الخلافات الدبلوماسية بين الحكومتين، وذلك وفقًا لما ذكره مسؤول في الأمم المتحدة. كما فكّرت الإدارة جيدًا في الحد قدر الإمكان من قدرة الدول المعارضة لمفاوضات إيران للقول بأنّ “البيت الأبيض معادٍ لإسرائيل“.

ورفضت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة التعليق على هذا الرأي.

وقال إيلان غولدنبرغ، وهو عضو سابق بفريق إدارة أوباما في الشرق الأوسط، إنّ الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية لحماية إسرائيل الهدف منها هو حشد التأييد داخل البرلمان الأمريكي. وأضاف: “إنّ الجمهور المستهدف هو الكونغرس. ولن تفعل إدارة أوباما أي شيء للمخاطرة بجعل أعضاء الكونغرس يشعرون بعدم الارتياح قبل التصويت الصعب بشأن صفقة إيران“.

وأوضح غولدنبرغ أنّه كان هناك دائمًا بعض القيود حول مدى استعداد الولايات المتحدة للسماح بتراجع دعمها لإسرائيل، حتى عندما كانت العلاقة الشخصية بين أوباما ونتنياهو في أدنى مستوياتها. وقال إنّ الولايات المتحدة “لن تتراجع” عن الدفاع بحق القدس في الحالات التي تمت فيها إدانة إسرائيل “لأسباب سياسية بحتة“، بينما يتم غض الطرف عن “منتهكي جرائم حقوق الإنسان“. وأشار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة؛ حيث يوجّه اللوم إلى إسرائيل بشكل مستمر، على الرغم من أنّ البلدان ذات التاريخ السحيق في حقوق الإنسان داخل المجلس، مثل الصين وروسيا، والمملكة العربية السعودية، تهرب من الانتقادات العلنية.

لكنه قال إنّ الولايات المتحدة ربما تكون مستعدة للسماح لمجلس الأمن الدولي بتطبيق بعض الضغط على إسرائيل للعودة إلى محادثات السلام مع الفلسطينيين أو لوقف بناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية.

هذا التصعيد الأخير في الأمم المتحدة له جذور ترجع إلى عام 2001، عندما اعتمد قرار مجلس الأمن لعام 1379، الذي أوعز إلى الأمين العام للأمم المتحدة بإصدار تقرير سنوي عن تفاصيل الانتهاكات ضد الأطفال المحاصرين وسط الحروب. ويتضمن مشروع التقرير الأخير، الذي كُتب بالأساس من قِبل ليلى زروقي، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في شؤون الأطفال والصراعات المسلّحة، مرفقًا بقائمة من الدول والجماعات المسلّحة التي جنّدت، أو قتلت أو شوّهت، أو مارست الاعتداء الجنسي ضد الأطفال، أو شنّت هجمات على المدارس أو المستشفيات.

وعلى الرغم من أنّ إسرائيل وحماس كانتا تحت المجهر منذ فترة طويلة بشأن معاملتهما للأطفال؛ إلّا أنّهما لم يُدرجا في هذه القائمة. في العام الماضي، شملت القائمة 59 جماعة مسلّحة، بما في ذلك العديد من الميليشيات العرقية والمنظمات الإرهابية، إضافة إلى 8 قوات حكومية: الشرطة الأفغانية والقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار والصومال وجنوب السودان، السودان، وسوريا واليمن.

أصدرت زروقي، وهي محامية جزائرية، بيانًا في الخريف الماضي انتقدت فيه بشدة تدخل إسرائيل في غزة خلال الصيف الماضي، وقالت إنّ ما يصل إلى 500 طفل فلسطيني قُتلوا في هذه الحرب وأكثر من 3100 جريح أو مُصاب. كما قالت إنّها “منزعجة من قتل طفل إسرائيلي وإصابة ستة آخرين” نتيجة لإطلاق الصواريخ “العشوائي” من قِبل حماس.

في الشهر الماضي، أدرجت زروقي إسرائيل وحماس في تقريرها، وفقًا لاثنين من كبار المسؤولين. واعتمدت زروقي في قرارها على النتائج التي توصل إليها فريق مراقبة الأمم المتحدة، الذي يتألف من الممثلين المحليين من وكالات الأمم المتحدة، وعلى معلومات من المنظمات غير الحكومية الخاصة التي ترسل معلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى مكتبها.

يُقال إنّ فريق عمل منفصل في الأمم المتحدة، يضم ممثلين من منظمة اليونيسف ووكالات الأمم المتحدة الرئيسة الأخرى، أيّد توصية زروقي بإدراج إسرائيل وحماس. وأثار هذا القرار معارضة شديدة من المسؤولين الأمريكان والإسرائيليين، وفقًا لمصادر دبلوماسية في نيويورك.

بدأ الجدل حول إدراج إسرائيل في مارس الماضي عندما ذكرت صحيفة الجارديان أن إسرائيل ضغطت على وكالات الأمم المتحدة في القدس بعدم إدراج جيش الدفاع الإسرائيلي ضمن القائمة. وأكّد مسؤول في الامم المتحدة لصحيفة فورين بوليسي أنّ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، سوزانا مالكورا، قالت لدبلوماسيين إسرائيليين في نيويورك إنّ الأمم المتحدة قلقة بشأن الضغوط الإسرائيلية غير المبررة على مسؤولي الخدمة المدنية للأمم المتحدة. وأضاف هذا المسؤول: “إنّ إسرائيل تمارس ضغوطًا على جميع المستويات للتأكد من عدم إدراجها في هذا التقرير“.

من المقرر أن يصدر التقرير النهائي في 18 يونيو، وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة، ولكن الأمين العام للأمم المتحدة لم يقرر بعد ما إذا كان سيشمل إسرائيل أم لا. ورفض المتحدث باسم بان كي مون، ستيفان دوجاريك، مناقشة مضمون التقرير.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة: “في الواقع، لم يقرر الأمين العام ما يجب القيام به حتى الآن. إنها قضية حساسة للغاية“.

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إيمانويل نحشون، التعليق على المداولات الدائرة حول إدراج إسرائيل المحتمل في تقرير الأمم المتحدة. وكتب إيمانويل إلى صحيفة فورين بوليسي، في إشارة إلى الأمين العام للأمم المتحدة: “نحن لن نُدلي بأي تعليق أو رد قبل صدور قرار الأمين العام بشأن هذه المسألة“.

في الأسبوع الماضي، ذكرت وكالة رويترز أنّ الأمين العام للأمم المتحدة كان يميل في اتجاه إزالة إسرائيل من القائمة. ولكنّ “نخشون” قال لإحدى وكالات الأنباء: “ليس هناك أي ضغط إسرائيلي على الأمين العام للأمم المتحدة“.

وأضاف أنّ: “الضغوط تأتي من الدول التي تريد أن تُدرج إسرائيل في أسوأ قائمة ممكنة. إنّها محاولة بشعة ومنافقة من أجل الإساءة لصورة إسرائيل، لكنها محاولة محكوم عليها بالفشل“.

وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 27 أبريل، قال فيليب بولبيون، مدير منظمة هيومن رايتس ووتش، إنّ “إدراج القوات الإسرائيلية والفلسطينية ” جاء متأخرًا.

وكتب في هذه الرسالة: “لقد تمت الإشارة إلى الانتهاكات التي قامت بها إسرائيل وفلسطين في جميع التقارير منذ عام 2005. نحن قلقون بشكل خاص من التقارير الإعلامية الأخيرة التي تزعم أن المسؤولين الإسرائيليين قد ضغطوا على مسؤولي منظمة اليونيسيف في القدس من أجل عدم التشاور مع المنظمات المحلية بشأن إدراج إسرائيل في القائمة“.

وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش عدة سرديات تشير إلى مقتل القاصرين الفلسطينيين على أيدي قوات الدفاع الإسرائيلية خلال عملية الحافة الواقية، بما في ذلك “الهجمات غير القانونية على ثلاث مدارس في غزة تأوي النازحين، وقتل 46 مدنيًا، بينهم 17 طفلًا“. وأشارت المنظمة الحقوقية أيضًا إلى “عمليات القتل غير القانونية” لأربعة أطفال في يوم 16 يوليو بالقرب من ميناء مدينة غزة، إضافة إلى مقتل اثنين من الصبية يبلغ عمر كل منهما 15 عامًا في مقهى بالقرب من خان يونس في 9 يوليو. كما وثّقت مقتل طفلين إلى جانب العديد من الأقارب، عندما قال شهود عيان إنّ صواريخ إسرائيلية قصفت منزلهم في مخيم خان يونس المكتظ بالسكّان.

كما وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش الانتهاكات التي قامت بها الجماعات المسلّحة الفلسطينية مثل حركة حماس. وأشارت إلى قصف الصواريخ العشوائية وقذائف الهاون على إحدى المراكز السكنية الإسرائيلية؛ مما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين، أحدهم طفل يبلغ من العمر 4 سنوات. وأضافت المنظمة أنّ هذه الهجمات الصاروخية أجبرت الأطفال على الفرار من مناطقهم والبحث عن الأمان في الملاجئ. كما عرّضت الجماعات الفلسطينية المسلحة الأطفال الفلسطينيين إلى الخطر من خلال تخزين الأسلحة في ثلاث مدارس وإطلاق الصواريخ من المناطق المأهولة بالسكّان، بحسب ما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش.

وحثّ بولبيون الأمين العام للأمم المتحدة على “مقاومة الضغوط السياسية غير المبررة لإخراج أطراف معينة من القائمة” و”تطبيق معايير ثابتة” في إدراج الجماعات المسلحة والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة عندما “تكون هناك أدلة موثّقة على وجود أي انتهاكات“.

اخبار ذات صلة