"تأكل وتشرب بقدميها".. سارة البرش حكاية مؤلمة لطفلة خطف صاروخ إسرائيلي ذراعيها
أن تشاهد طفلة صغيرة تتناول الطعام والشراب بكلتا يديها أمرٌ عادي جدا؛ لكن أن تفعل كل شيء بقدميها لتبقى على قيد الحياة فهذا مشهدٌ يَصعُب تصديقه أو تمثيله في أفلام ومسلسلات خيالية؛ إلا أن الواقع في قطاع غزة لا يخلوا أبدا من هذه المشاهد المؤلمة.
بصعوبة بالغة تحاول الطفلة سارة البرش (10 أعوام) تتناول الطعام والشراب بقدميها، إذ فقدت الطفلة قدرتها على تمشيط شعرها الجميل، وقضاء حاجتها، وتشعر بآلام شديدة فيما تبقى من ذراعيها المبتورتين جراء قصف إسرائيلي غادر خطف برائتها وسلب حريتها وقيد حركتها.
حكاية سارة الصغيرة واحدة من ألاف القصص المؤلمة في القطاع؛ فمنذ بداية حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" تعرض عشرات الألاف من أطفال غزة لبتر أطرافهم.
بدأت حكاية سارة في (23/10/2024) عندما كانت تسير مع والدها في أحد شوارع جباليا البلد شمال مدينة غزة، وفجأة قصفت طائرات الاحتلال منزلا بالقرب منهما لتتناثر شظايا صواريخ الاحتلال وركام المنزل المدمر فوق رؤسهم، استشهد والدها على الفور ولم تستفيق الطفلة إلا على سرير المشفى.
الأمر صعب، صراخ وبكاء وآلام شديدة، امتزجت فيها الدموع بالدماء، وتوقفت عجلة الحياة: "ماما وين ايديا؟!"، أجابتها الأهات والدموع الاي انهمرت من والدتها "سبقوكِ ع الجنة مع أبوكِ يا روحي".
انهارت الطفلة من البكاء وهي تقول: "يعني مش راح يطلع إلي ايدين، وكمان أبوي استشهد"، عادت الطفلة تستد رأسها على الوسادة وهي تصرخ من الألم.
تنقلت سارة بين مستشفى المعمداني والخدمة العامة على مدار خمس أيام، بترت ذراعيها، وعادت لخيمة النزوح في الشيخ رضوان، تبكى استشهاد والدها وتحاول التأقلم في الحياة بدون ذراعين.
توقفت الطفل سارة برهة من الوقت خلال حديثها مع مراسل "شمس نيوز" واستعادة ذاكرتها قبل بداية حرب الإبادة: "كنت أعرف ألبس وأكتب واستحم وأمشط شعري وأكل وأشرب وألعب زي كل أطفال العالم، كنت أتمنى أكون مهندسة".
"نفسي أرجع على المدرسة، وأكتب وأرسم، كانت المعلمة تحكيلي خطك جميل جدا يا سارة"، تقول سارة وقد دقت نبضات قلبها شوقا للماضي الجميل.
وما أن بترت ذراعي الطفلة سارة حتى انقلبت حياتها رأسا على عقب، لم تعد تستطيع الكتابة أو الرسم حتى تمشيط شعرها وترتيبه بشكل أنيق، حتى اللعب مع صديقاتها بات محفوفا بالخطر الصحي والنفسي.
على بعد خطوات من سارة تجلس والدتها واضعة كفها على خدها وهي تقول بألم وحسرة: "حاولت التخفيف عن آلام بنتي لم استطع، حتى وجدت وسيلة صعبة تساهم في التخفيف من معاناتها".
بعد محاولات عدة تمكنت سارة من استخدام أقدامها في تناول الطعام والشراب، والكتابة واللعب مع صديقاتها دون حرج، تقول والدتها لمراسلنا: "بعد أسابيع عادت الروح إلى سارة وبدأت شخصيتها ترتفع ونفسيتها تتحسن".
الأمر المؤلم كما تروي والدتها: "عندما تلعب سارة مع صديقاتها تطلب منهم العاب يمكن ممارستها بالأقدام، وفي مرة ذهبت لمحل ألعاب طلبت منه ألعاب بالأقدام".
"أنا فش عندي ايدين ألعب فيهن، بدي اي اشي العب فيها برجليا"، تقولها سارة وقد غاصت في بكاء عميق، بينما والدتها تحاول تحسين شخصيتها ونفسيتها بتشجيعها باستخدام اقدامها.
وتأمل الطفلة سارة بالسفر خارج قطاع غزة لتركيب طرفين لذراعيها المبتورين، أملا في استعادة حياتها كأطفال العالم، تتمنى الطفلة أن تأكل وتشرب وتقضي حاجتها دون مساعدة من أحد.