قال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" إن الخطة التي أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بشأن نقل سكان قطاع غزة قسرًا إلى ما تُسمى "منطقة إنسانية" تُقام فوق أنقاض مدينة رفح، تمثّل تصعيدًا خطيرًا في مسار الإبادة الجماعية المستمرة، وتهدف إلى إفراغ غزة من سكانها الأصليين وفرض واقع ديموغرافي جديد بالقوة، في إطار مشروع استعماري يسعى إلى محو الوجود الفلسطيني في القطاع.
وأوضح المرصد في بيان صحفي اليوم الأربعاء، أن المخطط الإسرائيلي يستهدف تجميع مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين في مرحلة أولى، تمهيدًا لحصرهم داخل منطقة مدمّرة تفتقر إلى مقومات الحياة، وتخضع لسيطرة أمنية مشددة وقيود صارمة على الحركة، بما في ذلك منع الخروج منها، ما يجعلها فعليًا معسكر اعتقال جماعي مغلق، يُحتجز فيه السكان خارج أي إطار قانوني مشروع.
وأضاف أن تصريحات الوزير الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" المرحبة بما وصفه بـ"الهجرة الطوعية"، تعكس تبني "إسرائيل" لسياسة التهجير الخارجي للسكان، وتكشف أن تجميعهم في الجنوب ليس لأغراض إنسانية بل هو مرحلة انتقالية ضمن خطة منهجية لتفريغ غزة، استمرارًا لسياسات الاقتلاع والتطهير العرقي منذ نكبة عام 1948.
وأشار المرصد إلى أن "كاتس" كشف أن الخطة تنص على نقل 600 ألف فلسطيني بعد "فحوصات أمنية"، مع فرض قيود صارمة على الحركة ومنع المغادرة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، خاصة حظر النقل القسري، وحرية التنقل، والحق في العودة، والحماية من الاحتجاز التعسفي والتمييز العنصري، والحق في الحماية من الإبادة الجماعية.
وأكد المرصد أن هذه التصريحات الرسمية تُثبت أن "إسرائيل" تمضي قدمًا في تنفيذ خطة تهجير قسري ممنهجة، تقوم على هندسة ديموغرافية قسرية عبر تجميع السكان في "مخيمات احتجاز جماعية" أو "غيتوهات" مفروضة بالقوة.
وأوضح المرصد أن تناقض التصريحات بين "كاتس" الذي كشف الخطة، ورئيس أركان "الجيش الإسرائيلي" الذي نفى أن يكون "نقل السكان" هدفًا عسكريًا، يكشف محاولة تضليل المجتمع الدولي، مؤكدًا أن تصريحات كاتس هي التي تعكس النية الحقيقية وتشكل قرينة على ارتكاب جريمة تهجير قسري جماعي مُغطى عسكريًا.
وانتقد المرصد استخدام مصطلحات مضللة مثل "المنطقة الإنسانية"، معتبرًا أنها محاولة لتمويه جريمة جماعية مكتملة الأركان تحت غطاء لغوي زائف، يهدف إلى إعادة تشكيل التركيبة السكانية في غزة وطرد الفلسطينيين من أرضهم.
ولفت المرصد إلى أن نقاط توزيع المساعدات التابعة لما يُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" تحولت إلى مصائد موت، قُتل في محيطها 758 فلسطينيًا وأُصيب أكثر من 5,000 آخرين منذ أواخر مايو الماضي، ما يُعد نموذجًا لما قد يواجهه المدنيون عند نقلهم القسري إلى تلك المنطقة.
كما حذّر من أن خطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بإنشاء "مناطق عبور إنسانية" داخل غزة وربما خارجها، تُستخدم لتسويق عملية تطهير عرقي ممنهجة، من خلال مصطلحات مضللة مثل "إعادة التأهيل" و"الاندماج".
وأوضح المرصد أن التهجير القسري يُعد جريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، وأن الظروف القسرية مثل الخوف من العنف أو التجويع أو الترويع تنزع عن السكان الإرادة الحرة، مما يجعل أي نزوح غير طوعي بمثابة جريمة تهجير قسري، يتمسك فيها الفلسطينيون بحقهم غير القابل للتصرف في العودة والتعويض.