غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ابتزاز حتى آخر فلس

"تجار فجار".. الحرب تحصد الأرواح والتجار يحصدون الجيوب!

تجار الحرب وبيع المساعدات
شمس نيوز - خاص

في كل دقيقة يتغير السعر، ومع كل خبر عن تقدم أو تأخر في المفاوضات أو حديث عن تهدئة قريبة، يرتفع منحنى الجشع في أسواق غزة، ويتضخم سلوك تجار السوء الذين يبتزون الناس في أشد لحظات العوز والانكسار.

تشهد أسواق غزة حاليًا ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، مع انعدام الرقابة وانفلات الضمير. فقد وصل سعر كيلو الدقيق إلى 60 شيكلًا (نحو 17 دولارًا)، فيما بلغ سعر كيلو السكر نحو 250 شيكلًا (قرابة 70 دولارًا)، أما لتر زيت القلي فارتفع إلى 80 شيكلًا (22 دولارًا). أرقام خرافية ترسم مأساة شعب يعيش نكبة داخل نكبته.

 

الطحين لمن يدفع.. لا لمن يحتاج

على أطراف حيّ الشجاعية المدمر، وتحديدًا قرب سوق "فهمي بك"، يقف الحاج أبو إياد أمام كيس طحين وزنه 25 كيلوغرامًا، طُلب منه مقابله 1500 شيكل. ينظر الرجل المسن بعينين غائرتين، ويتمتم بحرقة:"هذا طحين المساعدات.. ينهبونه من الشاحنات ويبيعونه لنا وكأننا لاجئون في وطننا، لاجئون في خيام النزوح، لاجئون حتى أمام رغيف الخبز."

 

منكوبين في خيام.. وتجار في نعيم

في سوق النصيرات، تسرد أم خالد، وهي أم نازحة تعيش في خيمة قرب شاطئ دير البلح، معاناتها:"زيت السيرج أصبح خيالًا، العدس بـ50 شيكل، السكر كأنه ذهب. يقولون: الأسعار نار لأن الحرب مستمرة، لكن الحقيقة أنهم يشعلون النار على ظهورنا."

 

من المساعدات إلى الأسواق.. رحلة "النهب المقنن"

تشير شهادات ميدانية إلى أن معظم البضائع المعروضة حاليًا في الأسواق مصدرها شاحنات المساعدات، التي يُفترض أن تصل للنازحين مجانًا، لكنها تُفرغ وتُسرق وتُعاد تعبئتها لتُباع بأضعاف قيمتها.

فادي م.، شاب نازح من بيت حانون، يعمل بائعًا متجولًا قرب جامعة الأزهر، يقول:"أبيع الماء البارد على بسطة طوال النهار، وكل ما أجنيه آخر اليوم لا يتجاوز 30 شيكلًا، أي أقل من نصف كيلو طحين. بالكاد نعيش، وهؤلاء الفجار يضاعفون الأسعار كل يوم بلا رقيب."

 

"يصلون ألا تتوقف الحرب"

تعليقات الغزيين على منصات التواصل تحولت إلى مرآة سوداء لحالتهم، أحد التعليقات المنتشرة: "بعض التجار يدعون في صلواتهم ألا تتوقف الحرب!"، وهو تعبير ساخر يختصر شعور الناس بأن الحرب صارت تجارة، وبأن بعض "التجار الفجار" باتوا يستثمرون في دمائهم وجوعهم.

يقول أبو خليل، موظف قطاع خاص لم يتقاضَ راتبه منذ أشهر: "نعيش في خيام ونتقاتل على شربة ماء، وهم يبنون ثرواتهم على حطامنا. السوق بلا قانون، والأسعار تسير وفق شهوات الجشع لا وفق العرض والطلب."

 

انهيار الرقابة.. وصرخات الناس

في ظل غياب الأجهزة الرقابية وانهيار البنية الإدارية، تحولت الأسواق إلى غابة يحكمها من يملك مخزون السلع. لا تسعيرات رسمية، لا ضبط للأسعار، وكل من يمسك ببضاعة هو الآمر الناهي.

أصوات الشارع تعلو، وتطالب فصائل المقاومة والجهات المسؤولة بالتدخل لحماية الناس من "العدو الداخلي"، بعدما شبع العدو الخارجي من قصفهم وتجويعهم.

 

"سوق الفجيعة".. لا ينضب!

في غزة، يموت الناس مرّتين: مرة تحت القصف، ومرة على أبواب السوق.

وفي مثل شعبي مستحدث، صار الغزيون يرددون:"الحرب تحصد الأرواح.. والتجار يحصدون الجيوب."

بين جحيم القصف ولهيب الأسعار، لا يزال موسم الذل مستمرًا، ولا أحد يعلم متى ينتهي.