حذّر الجنرال الإسرائيلي عاموس غلعاد، الرئيس الأسبق لقسم السياسات الأمنية في وزارة جيش الاحتلال، من مغبة الانجرار وراء أوهام إقامة حكم عسكري مباشر في قطاع غزة، معتبرًا أن هذه الخطة تمثل تكرارًا "كارثيًا" لتجربة إسرائيل في لبنان عام 1982، والتي انتهت بانسحاب أحادي الجانب بعد 18 عامًا من النزيف الأمني والسياسي.
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الأحد، قال غلعاد إن الرهان على السيطرة العسكرية المباشرة في غزة سيُضعف إسرائيل بدلًا من أن يُحقق أهدافها، مشيرًا إلى أن تكاليف هذه الخطة ستُرهق الخزينة بمليارات الشواكل، في وقتٍ يحتاج فيه القطاع إلى عشرات المليارات لإعادة الإعمار.
وأكد غلعاد أن الجيش الإسرائيلي قد أنجز الكثير ميدانيًا عبر تفكيك البنية العسكرية لحماس وتوجيه ضربات قاسية لقياداتها، ما يجعل من الضروري البناء على هذه المكاسب بالتوجه نحو تسوية سياسية ترعاها الولايات المتحدة، تبدأ بإطلاق سراح "الرهائن"، وتُفتح على تحالفات إقليمية مع دول كالسعودية وإندونيسيا.
وبشأن خطة "مدينة الخيام" التي تعتزم "إسرائيل" تنفيذها في رفح، أكد غلعاد أنها ستؤدي إلى كارثة سياسية، مشيرًا إلى أنها تُشبه في مضمونها معسكرات الاعتقال النازية، كما وصفها تقرير سابق لصحيفة "هآرتس". وأضاف: "هذه الخطة ستقود إلى تآكل مكانة إسرائيل دوليًا، وابتعاد الدول العربية عنها، بل وقد تؤدي إلى تخلي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن دعمها، إذا فشلت في تحقيق اتفاقات إقليمية كانت تصب في مصلحته السياسية".
وانتقد غلعاد بشدة ما وصفه بـ"الوهم الخطير" القائم على تهجير الفلسطينيين عبر ما يسمى بـ"النفي الطوعي"، مؤكدًا أن دولًا كالسعودية، ومصر، والأردن، سترفض هذه السياسات رفضًا قاطعًا، لما فيها من خيانة للرأي العام العربي وتهديد للاستقرار الإقليمي.
ورأى غلعاد أن مواقف وزراء متطرفين في الحكومة الإسرائيلية، كبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين يُلوّحون بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الحرم القدسي، تُغذي الانقسام وتُعقّد أي فرصة لتحالفات عربية مستقبلية.
وفي سياق متصل، حذّر غلعاد من أن الأزمة الداخلية في "إسرائيل"، بما في ذلك محاولات إقرار قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، يُهدد بتقويض أسس "الديمقراطية الليبرالية الصهيونية"، ويُضعف الجبهة الداخلية في وقت حساس تمر به البلاد.
وختم غلعاد مقاله بالقول: "إسرائيل تقف على مفترق طرق تاريخي... وقد حان وقت القرارات الشجاعة. لا يمكننا أن نُعلّق آمالنا على دعم أمريكي دائم. المطلوب اليوم هو التحرك دبلوماسيًا، لا الغرق في رمال غزة المتحركة، كما غرقنا سابقًا في لبنان".