قائمة الموقع

خبر أسطورة العقل المدبر في الجيش الإيراني

2015-06-06T18:19:55+03:00

الدايلي بيست 

يُعدّ قاسم سليماني استراتيجيًا بارعًا وقائدًا ميدانيًا محنكًا، لكنّه في الآونة الأخيرة، خسر العديد من المعارك. قيل إنّه “القائد العسكري الأكثر نفوذًا في الشرق الأوسط اليوم“، ولُقّب بـ “الرجل الخارق،” ولكن هل هبط سليماني فجأة على كوكب الأرض؟

بعد زيارة سليماني إلى دمشق نهاية الأسبوع الماضي لمناقشة الاستراتيجية العسكرية، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إيرنا” عن سليماني أنّه قال: “في الأيام المقبلة سوف يفاجأ العالم بما نخطط له، بالتعاون مع القادة العسكريين السوريين“. وفي يوم الأربعاء، قال مصدر أمني سوري لوكالة فرانس برس: “لقد وصل نحو 7 آلاف مقاتل إيراني وعراقي في سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية“.

وأضاف المصدر الذي رفض ذكر اسمه أنّ المقاتلين القادمين معظمهم من العراق، وأولويتهم الأولى هي الدفاع عن العاصمة، والهدف هو الوصول إلى 10 آلاف مقاتل لدعم الجيش السوري والميليشيات الموالية للحكومة، في دمشق أولًا، ثم لاستعادة السيطرة على جسر الشغور؛ لأنّه هو مفتاح الوصول إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط ومنطقة حماة.

الهدف من هذه الدعاية هو الاستفادة من مكانة سليماني البطولية بين الشيعة، باعتباره الرجل الوحيد الذي يستطيع إنقاذ صراع خاسر، ولكن يقول بعض المحللين إنّ هذا التباهي يكشف عن واقع دفاعي، وهو أنّ هذا الجاسوس الإيراني بدأ في التراجع في الآونة الأخيرة.

منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011، عندما هاجمت قوات بشار الأسد جماعات المعارضة، كانت إيران هي الداعم الأساسي لحكومة الأسد وخط الدفاع الأخير على أرض المعركة. وبالإضافة إلى إرسال مليارات الدولارات من المساعدات، أرسلت طهران أيضًا فيلق القدس لإرشاد وتوجيه الجهود العسكرية في سوريا، وأشرف سليماني شخصيًا على إنشاء قوة الدفاع الوطني، وميليشيا عسكرية تشبه قوات الباسيج الإيرانية لدعم النظام ضد التمرد السُني القوي. لقد جلب سليماني ميليشيات موالية لإيران من العراق ولبنان، ومقاتلين من مناطق بعيدة مثل أفغانستان، للحفاظ على النظام البعثي لبشار الأسد.

وفي الوقت نفسه، كان سليماني القائد الفعلي ومهندس الحرب البرية العراقية ضد داعش، واستخدم نهجًا مماثلًا من خلال إدخال “مستشارين” إيرانيين في هياكل قوات الأمن العراقية وجماعة الحشد الشعبي التي تمثل غطاءً لمجموعة الميليشيات الشيعية. كما نظّم بعض الهجمات ضد داعش من مركز قيادة داخل المنطقة الخضراء في بغداد بمساعدة القوة الجوية بقيادة أمريكا.

ولفترة من الوقت، حقق نجاحات كبيرة: استعاد السيطرة على بعض المدن والقرى مثل قرية أمرلي وجرف الصخر من الجماعات الإرهابية. ولكن في الآونة الأخيرة، وفي ظل خسارة الأسد أمام داعش في سوريا، ومعاناة بغداد من الخسائر الفادحة في العراق، ظهرت عقيدة سليماني الحقيقة لمكافحة التمرد.

قال توني بدران زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن: “بعيدًا عن الأرقام الدقيقة، فهذا يأتي في سياق حملة الرسائل الإيرانية الأخيرة“.

وأضاف بدران: “لا يُنسب ذلك إلى سليماني فحسب، فالرئيس الإيراني حسن روحاني قال إننا سنكون مع النظام السوري حتى النهاية، وهذا كله يأتي بعد الخطاب الأخير لزعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله؛ حيث قال إننا سوف نحشد كل الشيعة للمساعدة في الدفاع عن سوريا. إنها حملة رسائل منسقة من الإيرانيين بشأن هذه المسألة“.

الرسالة الإيرانية الضمنية، كما يرى بدران، “تؤكد حقيقة أن الأسد لا يمتلك مقاتلين بدرجة كافية“. هذا النقص في عدد المقاتلين ناتج عن حقيقة أن الطبقة الحاكمة في سوريا تأتي في المقام الأول من الأقلية العلوية، وهم طائفة من الشيعة تشكّل أقل من 15% من السكّان، في حين أن الغالبية السُنية قد تخلت بشكل متزايد عن النظام، وانقلبت ضده.

قال المحلل السياسي الإيراني الأمريكي ماجد رافي زاده: “يهدف بيان سليماني إلى طمأنة الحكومة السورية وقواتها بأن إيران لن تتخلى عن الأسد، وهذا أمر ضروري؛ لأنّ الخسائر المتزايدة للنظام تشكّل خطرًا كبيرًا على المصالح الإيرانية، ليس أقلها ضمان المرور الآمن للأسلحة وضمان ممر استراتيجي من بلاد فارس إلى بلاد الشام“.

وأضاف رافي زاده: “لقد تكبدت الحكومة السورية خسائر فادحة في الأسابيع القليلة الماضية؛ ولذلك تخشى إيران أن الجماعات المتمردة يمكن أن تشنّ هجمات على اللاذقية من الحدود التركية ومن إدلب. اللاذقية هي ميناء استراتيجي بالغ الأهمية بالنسبة لإيران“.

نظرًا لخسائر نظام الأسد الأخيرة وتعزيز موقف الجماعات الإسلامية في سوريا مثل داعش وجبهة النصرة، إحدى الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة؛ فهناك حدود للطمأنة التي يمكن أن تقدمها إيران، حتى لحليف أساسي مثل سوريا.

وأوضح بدران: “بخلاف حملة الرسائل، فإنّ الهدف الفعلي محدود للغاية أكثر مما يوحي الخطاب. خلاصة القول هي أن إيران لا تساعد النظام على تعويض خسائره بقدر ما تساعده على التخندق والتراجع والاستقرار في غرب سوريا، والتوسع من دمشق على طول الطريق إلى الجبال الساحلية“.

إنّه حظ عاثر لرجل يحظى بسمعة قوية. في عام 2013، كتب ديكستر فيلكنز عن سليماني لمجلة نيويوركر، وصوّره باعتباره استراتيجيًا ماكرًا شديد الذكاء. في ذلك الوقت، قال الضابط السابق في المخابرات المركزية الأمريكية، جون ماغواير فيلكنز، إنّ: “سليماني هو أحد القادة العسكريين الأكثر نفوذًا في الشرق الأوسط اليوم، ولا أحد يسمع عنه“.

منذ سيطرة داعش على الموصل في يونيو عام 2014، أصبحت صورة سليماني المعلقة في ساحات المعارك المختلفة في جميع أنحاء المنطقة منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك شائعات بأنه يروّج لنفسه للحصول على منصب سياسي محتمل بمجرد انتهاء هذه الحروب؛ فهو رمز عام للسُلطة والنفوذ الإيراني، ونظرًا لأنّه قائد عسكري؛ فهو بمثابة المنقذ لإيران. ولكن، ظهوره الغامض يُعدّ نعمةً ونقمة في الوقت ذاته؛ فهو المسؤول عن انتكاسات إيران الأخيرة بقدر مسؤوليته عن الإنجازات التي حققها.

قبل سقوط الرمادي، كانت حملة سليماني في حرب العراق ضد داعش مجرد جهود مبذولة لاستعادة السيطرة على مدينة تكريت، مسقط رأس صدام حسين. تلك المعركة، التي خطط لها القادة الإيرانيون بقيادة الميليشيات الموالية لطهران، وصِفت بأنّها معركة ناجحة من قِبل كل من وسائل العراقية والإيرانية، لكنها في الواقع كانت أشبه بالكارثة.

ومع ما يقدر بأكثر من 30 ألف مقاتل من القوات العراقية والميليشيات التابعة لفيلق القدس الذي يقوده سليماني، توقفت المعركة لاستعادة تكريت ضد قوة صغيرة من تنظيم داعش تُقدّر بنحو 400 إلى 750 من الجهاديين الذين صمدوا في أرض المعركة لقرابة ثلاثة أسابيع. لكسر هذا الجمود؛ طلبت بغداد الدعم الجوي الأمريكي الذي وصل بشرط أن تنسحب الميليشيات من المعركة وتترك قوى الأمن الداخلي والشرطة العراقية تتحرك داخل المدينة بمجرد هزيمة داعش. لكنّ الميليشيات لم تغادر، في حين جاء الدعم الجوي على أي حال.

تم استعادة تكريت، وذهب كل الفضل للميليشيات وليس القوات الجوية الأمريكية. يقول مايكل آيزنشتات، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “طائراتنا عادت إلى قواعدها، ولكن الميليشيات ظلت هناك ترفع الأعلام واللافتات. قواتنا الجوية هي من حققت الانتصار، ولكن الميليشيات نسبت الفضل لها”.

وأضاف آيزنشتات أنّ سليماني لديه نهج سياسي عسكري لهذه المشاكل. ربما تعثرت الخطة إيرانية في ساحة المعركة في تكريت، لكنه حوّلها إلى دفعة معنوية للميليشيات التابعة لإيران مثل جماعة بدر وعصائب أهل الحق، وهما بمثابة رأس الحربة التي تتحرك ببطء لاستعادة مدينة الرمادي من داعش.

ومع ذلك، لم تكن هناك أي مكاسب سياسية واضحة في سوريا للتعويض عن هذه الخسائر التكتيكية. وعلى الرغم من أنّ توسّع النفوذ السياسي الإيراني في العراق بسبب نفوذ سليماني؛ إلّا أنّ مخططه الأخير لشنّ حملة لمكافحة التمرد في سوريا يعكس الرغبة في منع نظام الأسد من تكبد المزيد من الخسائر، إن لم يكن التفكك التام.

اخبار ذات صلة