شمس نيوز/القدس المحتلة
يجمع خبراء ومختصون اجتماعيون على ان الفقر يتفشى في المجتمع المقدسي بنسب متفاوتة، وتقول مؤسسات رسمية واجتماعية ان نسبة الفقر تتراوح في القدس الشرقية ما بين 75% الى 78% وهي من اعلى النسب على مستوى المحافظات في الضفة الغربية .
وقدرت جمعية الرحمة في القدس نسبة الفقر باكثر من 70% ،وعرفت الفقراء في القدس ،بهؤلاء الذين يعملون ولا يستطيعون توفير متطلبات الحياة اليومية ولا يكفي ما يتلقونه من اجر او راتب لوازم الحياة الاولية والاساسية للاسرة فيضطر رب الاسرة الى الاستدانة او حرمان افراد العائلة من الكثير من الاساسيات .
وعزت الجمعية في تقرير لها امس تلك الفوارق بين مستوى دخل المقدسي المرغم والمضطر للعيش وفق مستوى دخل ذلك الاسرائيلي الذي يتلقى راتبا يعادل الضعف او ثلاثة اضعاف المواطن الفلسطيني خاصة بعد بناء جدار الفصل والضم الإسرائيلي وعزل المدينة عن عمقها وامتدادها في الضفة الغربية .
ويقول أبو محمود الديسي وهو احد الذين يعملون على مساعدة الفقراء في المدينة المقدسة :"حالات الفقر مختلفة وتتم مساعدتهم بناءً على معايير بعد البحث والتقصي وسؤال المعارف والجيران , فمنها إن كان هناك معيل واحد فقط للأسرة , وان كان رب الأسرة متوفي,او متعطلا عن العمل ، أو معوقا او من الذين لا يملكون هوية او مدمن مخدرات وغيرها من الأسباب .
وأضاف:"نحن نقدم المساعدات التي نجمعها للأسر الاكثر فقراً وحاجة ،منها مساعدات نقدية واخرى عينية تجمع عن طريق المساعدات أو صندوق التبرعات من رواد المساجد في الشيخ جراح ووادي الجوز ,واحياء القدس المختلفة وما يجمع من نقود يتم العمل به لتأمين احتياجات الأسر الفقيرة مواد غذائية ،اثاث ،لوازم ".
ويضيف :"مساعداتنا بسيطة والفكرة نتاج سنوات من العمل , وتطورت واتسعت , حيث بدأنا من اسرة واحدة قمنا بتقييمها وهي تقيم خارج الجدار الملتف حول مدينة القدس , وكانت في حالة يرثى لها , ووجدنا الحالة بحاجة وكنا اسبوعياً نقدم المساعدات لهذه الاسرة وتوسع الامر الى مجموعة من الاسر ".
واوضح :"ان الحالة المعيشية في مدينة القدس صعبة جداً , فالاسر المقدسية تحتاج إلى المساعدة ليتم تثبيتها وتوفير مقومات الصمود والبقاء لها في المدينة ،فالفقر للاسر المستورة والمحتاجة غير ظاهرة وغير مكشوفة تحتاج من يبحث عنها ".مشيراً الى ان بعض تلك الاسر تأبى ان تطلب وتخفي حالتها الصعبة ،وكرامة هذه الاسر تحول دون معرفة وضع افرادها الذين بعضهم يكتفي بوجبة بسيطة في اليوم على مد اليد وطلب المساعدة .
ويقول ابو محمود :"الاسر الفقيرة أو المستورة تظهر بشكل واضح في شهر رمضان، فمن خلال البحث عمن يستحق زكاة الفطر ترشدنا الاسر المستورة الى اسر تحتاج المساعدة وفي وضع صعب ".
وأكد أبو محمود قائلاً :"الفقر في القدس أسبابه متكاملة وليست منفصلة فالاحتلال يشكل العائق الأساسي أمام المقدسيين واحد أهداف الإسرائيليين ابقاء المقدسي في وضع اقتصادي صعب ويعاني من ديون متراكمة لتهجيرهم من المدينة ،وقال :"اولاً نحن نعيش في القدس بنفس مقاييس معيشة الإسرائيليين في القدس الغربية الذين يتقاضون الحد الادنى من 6الى 10آلاف شيكل شهرياً في حين معدل الاجور في القدس الشرقية تتراوح بين 2الى 5الاف شيكل ،هذا بالاضافة الى الضرائب التي لا تتناسب ودخل الغالبية الساحقة من المقدسيين .
مضيفاً :" الى جانب ارتفاع غلاء المعيشية , وتراكم فواتير الكهرباء والماء , وضريبة الأرنونا التي لا يتلقى مقابلها المقدسي شيئا بالمقارنه مع سكان القدس الغربية والمستوطنات التي تخنق القدس الشرقية , كافة هذه الاجراءات تهدف إلى التضييق على سكان مدينة القدس وتهجيرهم خارجها ".
وتابع :" الأسر المقدسية الكثير منها لا يأكل أفرادها "اللحمة" إلا في عيد الأضحى أو في المناسبات عند المجاورين عقيقة لأحد أولاده, أو شخص قد وفى ندراً , فالكثير من الأسر تأكلها بشكل موسمي اللحم والدجاج وتقضي الشهر والشهرين على المعلبات والفلافل والمقالي ".
يقول أبو محمود:" حدثني احد المقدسيين خلال زيارة تفقدية واقسم انه لم يأكل اللحمة إلا في المناسبات ,وقد أصيب بمرض العشا الليلي جراء عدم تناوله المنتظم للطعام الصحي والذي يحتوي على البروتينات , وأيضا أثر على نفسيات واجسام أولاده الذين يعانون الهزال والنحالة جراء سوء التغذية".
وأضاف هذا المقدسي :"ابنتي الصغيرة ذات التسع سنوات أصيبت بإعاقة عقلية جراء ارتفاع درجة حرارتها ولأننا لا نمتلك المال لنذهب للمشفى لعلاجها أصيب بإعاقة أجلستها طريحة الفراش ".
أما أم فراس والتي تعيش في البلدة القديمة تقول :" زوجي لا يستطيع ان يشتغل جراء إعاقة جسدية اقعدته عن العمل ,وهو المعيل لي ولأطفالي الخمسة , ومخصصات ضمان الدخل لا تكفي , ولا يكمل الشهر إلا وقد استدنت من البقالة ومن المخبز ومن اللحام , والكثير من الأوقات أتجه الى تكية خاصكي سلطان لأخذ الطعام لإطعام اسرتي وأوفر الغاز والمواد التموينية ".
و قالت أم غسان :" زوجي مدمن على المخدرات وقد باع أثاث المنزل ولم يتبق شيئ فيه , عملت في تنظيف المنازل لأعيل اسرتي وأربي طفلين وأؤمن لهما الطعام واحتياجاتهما ولكني حديثا اصبت في وجع في منطقة الظهر ولم أعد قادرة على العمل والان أعيش على المساعدات التي تأتي من لجنة الزكاة أو المساعدات الخارجية".
هذا ونشرت الأمم المتحدة أول تقرير موسع لها بشأن القدس الشرقية أكدت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي يعمق العزلة الاقتصادية لهذه المنطقة.وذكر التقرير أن 77% من الأسر العربية في القدس تعيش تحت خط الفقر مقابل 25% من الأسر اليهودية. وعلاوة على ذلك يعيش 84% من الأطفال الفلسطينيين هناك تحت خط الفقر مقابل 45 % من الأطفال اليهود.
التقرير أكد أن على إسرائيل أن تعمل المزيد من أجل القدس الشرقية، مشيراً إلى أن القيود الإسرائيلية على حركة الأفراد والبضائع من الضفة الغربية عرقلت التنمية في القدس الشرقية.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن المقدسيين العرب يدفعون مستحقاتهم الضريبية دون الحصول على خدمات كافية، مشيراً إلى أنه بينما يشكل الفلسطينيون اكثر من ثلث إجمالي سكان المدينة فإن سبعة في المائة فقط من إنفاق البلدية يخصص للقدس الشرقية التي تقطنها أغلبية عربية.
وأوصى التقرير الأممي بأنه في حين أن التوصل لحل للصراع لا يزال بعيد المنال ينبغي على المستثمرين ورجال الأعمال الفلسطينيين أن يأخذوا بزمام المبادرة في رسم استراتيجية للتنمية لتحسين الوضع في القدس الشرقية.
في نفس السياق نشرت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية تقريرا مؤلفا من 21 صفحة تحت عنوان "القدس الشرقية 2015: حقائق وأرقام"، تشير فيه الى أن نسبة العرب الذين يعيشون تحت خط الفقر تصل إلى أكثر من 75%. ويستعرض التقرير حقائق مذهلة ومثيرة للقلق حول واقع الحياة التي يعيشها السكان العرب في القدس الشرقية هناك، والذين يشكلون نسبة 37% من سكان القدس بشكل عام.
ووفقا للتقرير، فإن 33% من العرب في القدس الشرقية لم يستكملوا تعليمهم في المدارس الثانوية. كما ويؤكد التقرير أن 64% من الأسر المقدسية فقط مربوطون بالبنية التحتية للمياه في المدينة. في حين أن 7% فقط منهم يتلقون خدمات عامة من البريد والخدمات العامة المقدمة من البلدية في القدس، كما وأن 39% فقط من المواطنين المقدسيين العرب يعيشون في بيوت مرخصة وفق القوانين الإسرائيلية. أما بخصوص التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإنّ التجمعات السكنية العرب هي الأدنى في القدس عامة.