غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبير عسكري أميركي: صور الجوعى في غزة تطيح بصورة "إسرائيل" عالمياً

مجاعة.jpg
شمس نيوز - واشنطن

حذّر الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي الأميركي كولن باسكال، وهو عقيد متقاعد في الاستخبارات العسكرية الأميركية، من أن الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة ألحقت ضررًا بالغًا بصورة إسرائيل عالميًا، ضررًا وصفه بأنه لا يمكن إصلاحه، مؤكدًا أن هذه الحرب تحوّلت إلى عبء أخلاقي واستراتيجي وسياسي.

وفي مقال نشره موقع "ذا هيل" الأميركي، دعا باسكال الحكومة الإسرائيلية إلى وقف العمليات العسكرية فورًا قبل فوات الأوان، معتبرًا أن الحرب لم تعد تخدم المصالح الإسرائيلية، بل تُعمّق العزلة الدولية، وتُفقد إسرائيل ما تبقى من صورتها كـ"فاعل أخلاقي" على الساحة العالمية.

وأشار باسكال إلى التحوّل الجذري في مواقف الشعوب والحكومات في العالم تجاه ما يجري في غزة، قائلًا إن علاقات إسرائيل مع الجمهور الأوروبي والأميركي تشهد تدهورًا متسارعًا، وهو تدهور يرتبط بشكل مباشر بمشاهد الأطفال المجوّعين ومعاناة المدنيين المحاصرين في القطاع.

وكتب في مقاله: "هذه الصور تدمي القلوب، وستظل محفورة في الذاكرة لأجيال. الرأي العام لم يعد يُصدّق الروايات الرسمية، ولا يبرّر استمرار حرب أصبحت بلا أفق ولا معنى سوى المعاناة."

واعتبر باسكال أن إسرائيل بحاجة إلى وقفة عقلانية تدرك فيها حدود قوتها، موضحًا أن مواصلة الحرب من دون حساب للرأي العام العالمي، قد يُلحق ضررًا وجوديًا بسمعتها ومكانتها السياسية والأخلاقية.

ولفت إلى أن التعاطف الدولي بات يميل بوضوح نحو الشعب الفلسطيني، وأن هذا الميل ليس وليد المواقف السياسية، بل نابع من صور المجاعة والمعاناة التي تعصف بغزة، والتي تشكّل الآن دافعًا رئيسيًا وراء تحرّك عدة حكومات للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، كردّ مباشر على الانتهاكات والمجازر المستمرة.

وشدّد الكاتب على أن إسرائيل أخطأت عندما اعتقدت أنها تستطيع سحق كل شيء بلا كلفة، مضيفًا أنها الآن تدفع ثمن تجاهلها للرأي العام العالمي، الذي بات يرى الواقع بعيون مختلفة تمامًا عما مضى.

وانتقد باسكال بشدة العقلية الإسرائيلية التي تسعى لما وصفه بـ"نصر أبدي" وتصفية شاملة لكل تهديد، قائلًا إن الواقعية الجيوسياسية لا تقوم على محو الأعداء بل على إدارتهم واحتوائهم، كما فعلت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة.

وأكد أن مساعي الاحتلال لإعادة تشكيل غزة بالقوة تُلحق ضررًا بعيد المدى بمكانتها، وأن ما تحققه على الأرض لا يُقارن بما تخسره على مستوى العالم.

من أبرز ما أشار إليه باسكال هو التأثير العميق لصور الأطفال الهزيلين في غزة، إذ اعتبرها "رمزًا دائمًا للمعاناة الإنسانية" لن يُمحى بسهولة من الذاكرة العالمية، مضيفًا: "حتى إن لم تُعرض كلها، هذه الصور محفورة في وعي الناس... إنها ما يُغير مزاج العالم اليوم."

وفي هذا السياق، وصف الخطوات الإسرائيلية مثل السماح الجزئي بدخول المساعدات أو إعلان هدنة محدودة بأنها "خطوات متأخرة"، لا تغيّر من حقيقة أن المجاعة مستمرة، والقتل لم يتوقف، والحرب قائمة.

كما تناول الكاتب التحول السياسي اللافت داخل الولايات المتحدة نفسها، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تعد تحظى بالإجماع التقليدي من الحزبين، إذ صوّت 24 عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ مؤخرًا لصالح حجب المساعدات العسكرية عن إسرائيل، في تطور غير مسبوق في تاريخ الدعم الأميركي لها.

وقال باسكال إن الاتهامات الجاهزة بمعاداة السامية التي يُطلقها أنصار إسرائيل ضد المعارضين لم تعد تقنع الرأي العام، وإن "الأساليب الدفاعية القديمة لا توقف موجة التحول المتصاعد في المواقف داخل المجتمع الأميركي".

ودعا الإدارة الأميركية إلى التدخل العاجل من أجل وقف الحرب، معتبرًا أن استمرارها سيُضعف العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بل ويعرّضها لتآكل استراتيجي غير مسبوق.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي أنجز أهدافه الأولية، أما التمديد في العمليات العسكرية فهو يجرّ إسرائيل نحو خسائر لا يمكن تداركها على المستوى الدولي.

وفي ختام مقاله، أطلق باسكال تحذيرًا واضحًا للقيادة الإسرائيلية، قائلاً: "كل يوم تواصل فيه إسرائيل حربها على غزة، تفقد جزءًا من شرعيتها الأخلاقية، وتبتعد أكثر عن صورتها كدولة تحترم القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان."

وأوضح أن تقديم إسرائيل على أنها "الدولة اليهودية الوحيدة" يجعل من أفعالها عبئًا معنويًا على المجتمعات اليهودية حول العالم، التي تتحمل تبعات لا ذنب لها فيها، وهو ما قد يؤدي إلى تنامي العداء ضد اليهود نتيجة الأفعال التي تُبث للعالم على الهواء مباشرة.

ويختم مقاله برسالة قاسية: "الحكومة الإسرائيلية تسير بخطى ثابتة على طريق الجوع والدمار، وبهذا السلوك، فهي لا تقاتل أعداءها فقط، بل تفقد العالم إلى الأبد."