كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني أن طلبات إصدار أوامر اعتقال بحق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بتهمة ارتكاب جريمة الفصل العنصري، جاهزة لدى المحكمة الجنائية الدولية، غير أن مصيرها ما زال معلقًا بسبب مخاوف من العقوبات والضغوط السياسية التي تتعرض لها المحكمة.
وأشار الموقع إلى أن هذه ستكون المرة الأولى التي يتم فيها توجيه اتهامات بارتكاب جريمة الفصل العنصري في محكمة دولية، موضحًا أن المدعي العام للمحكمة كريم خان أنجز كامل ملفات الطلبات قبل خروجه في إجازة مايو/أيار الماضي.
وأكد مصدر في المحكمة الجنائية الدولية لميدل إيست آي أن طلبات أوامر الاعتقال جاهزة بالكامل، ولم يبق سوى تقديمها رسميًا، إلا أن هذه الخطوة لم تتم حتى الآن.
ويأتي غياب خان عن منصبه في ظل حملة ضغوط وعقوبات شديدة، حيث فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عقوبات على خان وأربعة قضاة آخرين وافقوا على أوامر اعتقال سابقة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف غالان.
كما تعرض خان لتهديدات من شخصيات سياسية بارزة، بينها وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون والسيناتور الأميركي ليندسي غراهام، إضافة إلى تحذيرات من فريق الموساد في لاهاي.
وبحسب نظام المحكمة، يملك نائبا المدعي العام، نزهات شميم خان ومامي ماندياي نيانغ، صلاحية تقديم الطلبات للقضاة، لكن المصادر أكدت أن النائبين مترددان بسبب التهديدات والعقوبات المحتملة عليهم شخصيًا، ما قد يؤدي إلى ضياع فرصة محاسبة أبرز رموز الفصل العنصري.
وانتقد المحامي الفلسطيني راجي الصوراني، ممثل فلسطين أمام المحكمة، تردد نواب المدعي العام، قائلاً إن "كل الأدلة جاهزة، ماذا ينتظرون؟ إن تأخير العدالة هو إنكار للعدالة".
وأشار ميدل إيست آي إلى أن إعداد الملفات استغرق شهورًا طويلة، وتوثّق جرائم وصفت بأنها من "أوضح الأمثلة على الأبارتايد في العصر الحديث".
ويعرّف نظام روما الأساسي للفصل العنصري بأنه "أفعال لاإنسانية تُرتكب في سياق نظام قمع وهيمنة ممنهجة من قبل جماعة عرقية ضد أخرى بهدف الحفاظ على ذلك النظام"، وقد اتهمت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش وبتسيلم إسرائيل بممارسة الأبارتايد ضد الفلسطينيين.
وفي يوليو/تموز 2024، خلصت محكمة العدل الدولية إلى أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، وأن الفصل شبه الكامل الذي تفرضه في الضفة الغربية يشكل خرقًا لالتزاماتها الدولية.
في المقابل، فرضت خمس دول غربية في يونيو/حزيران الماضي، بينها بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج، عقوبات على بن جفير وسموتريتش بسبب "تحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين".
ولم ترد الحكومة الإسرائيلية على استفسارات ميدل إيست آي حول المذكرات، بينما مارست شخصيات إسرائيلية وغربية ضغوطًا لتعطيل مسار التحقيق. وقد خرج خان في إجازة مفتوحة بعد نشر اتهامات جنسية ضده، ما اعتبرته مصادر مطابقة جزءًا من حملة تشويه ممنهجة لإضعافه.
ويواجه نواب المدعي العام مفترق طرق بين المضي في تقديم الطلبات ومواجهة عقوبات دولية، أو التراجع ما قد يؤدي إلى طيّ صفحة مهمة في تاريخ المحكمة فيما يتعلق بمحاكمة جرائم الأبارتايد.
وتظل مذكرات الاعتقال بحق بن جفير وسموتريتش اختبارًا حقيقيًا لمصداقية المحكمة الجنائية الدولية، إما بإثبات استقلاليتها في ملاحقة جرائم الأبارتايد أو بتأكيد أن العدالة الدولية تُخضع لمصالح القوى الكبرى حين يتعلق الأمر بإسرائيل.