كشفت صحيفة التايمز البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواجه واحدة من أعقد أزماته الداخلية منذ سنوات، نتيجة الاعتماد الكبير على قوات الاحتياط في ظل استمرار الحرب على غزة، بالتزامن مع رفض اليهود الحريديم المتشددين الانخراط في الخدمة العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش اعتمد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط، ما تسبب في إنهاك بشري واقتصادي واسع النطاق، حيث انعكس غياب هؤلاء الجنود على حياتهم الأسرية ووظائفهم المدنية، فيما بدأت الشركات الإسرائيلية الكبرى تشكو من خسائر بسبب غياب موظفيها لفترات طويلة.
وأضافت أن استمرار هذا النمط يهدد بحدوث نزيف بشري ومعنوي يصعب تعويضه قريبًا، خاصة في ظل رفض الحريديم الذين يمثلون نحو 13% من سكان إسرائيل أداء الخدمة العسكرية بحجة التفرغ للدراسة الدينية، وهو ما عمّق الفجوة داخل المجتمع الإسرائيلي وأثار انتقادات بأن عبء الحرب يقع على فئات محددة فقط.
وبينت الصحيفة أن الأزمة دفعت الجيش إلى البحث عن بدائل غير تقليدية، من بينها تجنيد متطوعين من الجاليات اليهودية في الخارج، خصوصًا في الولايات المتحدة وفرنسا، عبر تقديم حوافز مالية وتسهيلات قانونية، إلى جانب التوسع في الاستعانة بمتعاقدين مدنيين لأداء أدوار لوجستية، بما يتيح إبقاء الجنود النظاميين والاحتياط في الخطوط الأمامية.
ورأت الصحيفة أن هذه الأزمة تحمل تداعيات اجتماعية وسياسية خطيرة، إذ تتسع الفجوة بين الحريديم وبقية المجتمع، وتتصاعد الضغوط على الحكومة التي تواجه انتقادات داخلية متزايدة، وسط نقاشات حول قدرة الجيش على الاستمرار كنموذج "جيش الشعب" في ظل التغيرات الديموغرافية.
كما لفتت إلى أن حملات التجنيد في الولايات المتحدة وفرنسا بدأت بالفعل عبر مؤسسات دينية ومنظمات يهودية، إلا أن هذه المبادرات تواجه صعوبات قانونية وأمنية، لكون معظم المتطوعين المحتملين يحملون جنسيات أجنبية ولا يرغبون في التزامات طويلة الأمد.
واعتبرت التايمز أن استمرار أزمة القوى البشرية قد يضع الجيش الإسرائيلي أمام خيارات صعبة، إما تقليص العمليات العسكرية والانسحاب من بعض الجبهات لتخفيف الاستنزاف، أو توسيع دائرة التجنيد بالقوة بما ينذر بصدام داخلي، بينما قد يثير الاعتماد على متطوعين أجانب انتقادات دولية واسعة.