شمس نيوز / عبدالله عبيد
أحدثت نتائج الانتخابات البرلمانية التركية ضجة كبيرة في وسائل الإعلام العالمية وفي أوساط الداعمين لحزب الحرية والعدالة التركي الحاكم، وخاصة حلفاء هذا الحزب في العالم العربي والإسلامي، الذي لاقى تأييداً كبيراً في السنوات الأخيرة من هذه الشعوب.
وتراجع حزب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في الانتخابات التشريعية، بخسارته الغالبية المطلقة التي يتمتع بها منذ 13 عاما في البرلمان، ما يقوض أماله بتعزيز سلطته في البلاد.
وبحسب نتائج رسمية شملت 98 في المائة من الأصوات، تصدر حزب العدالة والتنمية من دون مفاجآت هذه الانتخابات، لكنه لم يحصل سوى على 41 في المائة من الأصوات، أي 259 مقعدا من أصل 550، ما سيجبره على تشكيل حكومة ائتلافية، أو الذهاب لانتخابات مبكرة خلال 3 أشهر.
وكان الأتراك قد بدءوا صباح الأحد الماضي ( 7/6) الإدلاء بأصواتهم لاختيار 550 عضوا في انتخابات تشريعية قد تحول البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي، وسط توقعات بفوز حزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ العام 2002.
صحف أجنبية
وعلى الرغم من إعلان نتائج الانتخابات التركية في وقت متأخر من الليلة الماضية، إلا أن وسائل الإعلام قد بدأت تعج بالأخبار والتعليقات حولها، فصحيفة التايمز، على سبيل المثال، كتبت عنوانا يقول "الأكراد ينطلقون والناخبون يطيحون بأردوغان" مع صور لاحتفالات الأكراد بفوزهم للمرة الأولى بدخول البرلمان وبنسبة 12 في المائة.
وفي صحيفة الغارديان كتب كونستانز ليتش من اسطنبول "الانتخابات أذلت أردوغان" وأضاف الكاتب أن أردوغان مني بأسوأ هزيمة انتخابية في أكثر من عقد من الزمان عندما خسر حزبه "العدالة والتنمية" أغلبيته المطلقة في البرلمان وصار الآن يبحث عن تحالف مع حزب آخر لتكوين الحكومة.
يحدث هذا بينما كان أردوغان يأمل في أن يحقق حزبه انتصارا كاسحا يمكنه من تغيير الدستور حتى يتمكن من الحصول على المزيد من الحقوق السياسية كرئيس للجمهورية، لكن النتائج الانتخابية أنهت حكم الحزب المنفرد الذي تواصل لمدة 12 عاما منذ فوزه في انتخابات عام 2000.
العديد من الأخطاء
المحلل السياسي، إسماعيل ياشا، أرجع سبب التغير المفاجئ بالانتخابات التركية، إلى العديد من الأخطاء التي ارتكبها حزب الحرية والعدالة في السياسة الداخلية والخارجية " فقد بدأ بتحويل الدولة باتجاه معين، وأساء للعلاقات الخارجية التركية" بحسب اعتقاده.
وقال ياشا في حديثه لـ"شمس نيوز"، من تركيا: تدخل أردوغان كثيراً في سوريا والعالم العربي، أدى إلى تراجع ثقة العرب والمسلمين بالأتراك"، معتبراً أن سياسة أردوغان الداخلية والخارجية سبب كبير في هذا التغيير الحاصل بتركيا.
وحول تأثير التغييرات الحاصلة بالانتخابات التركية على القضية الفلسطينية، أجاب أن سياسة الإمبراطورية التركية لن تتغير تجاه الشعب الفلسطيني وطرق دعمها، مستدلاً بالدعم التركي لفلسطين قبل وبعد استحواذ حزب الحرية والعدالة على حكومة الأتراك.
ويعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أكثر الزعماء في العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني، حيث قام بزيارة قطاع غزة عام 2012، في حين قدمت المؤسسات التركية في عهده دعماً كبيراً لأهالي قطاع غزة كان آخرها العرس الجماعي الذي ضم 4000 عريس وعروس الأسبوع الماضي.
شعور بالانتقام
إسرائيل من جهتها، احتفت عبر نخبها بتراجع حزب العدالة التنمية وفقدانه الأغلبية المطلقة في البرلمان التركي، ليشير المحلل السياسي نظير مجلّي، المختص بالشأن الإسرائيلي إلى أن احتفاء إسرائيل هو شعور عاطفي بالانتقام من أردوغان، الذي يتخذ مواقف عدائية في خطابه السياسي الموجه لإسرائيل.
ونقلت القناة الإسرائيلية الأولى عن مسؤول كبير في تل أبيب قوله، إن دوائر صنع القرار الإسرائيلية تلقت بارتياح كبير نتائج الانتخابات التشريعية التركية، على اعتبار أنها تقلص من هامش المناورة المتاح أمام الرئيس رجب طيب أردوغان وتحد من قدرته على صياغة سياسة إقليمية معادية لإسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر.
وبيّن مجلي لـ"شمس نيوز" أن خطاب أردوغان السياسي يضايق الشارع الإسرائيلي بشكل كبير، على عكس العلاقات الإسرائيلية التركية بالمجال الاقتصادي والسياحي الذي يشهد تطوراً كبيراً بين كلتيهما.
وفي السياق، يرى المحلل السياسي أن التوجه التركي لن يتغير مع الفلسطينيين حتى بعد هذه الانتخابات، موضحا: لن يتغير شيء بشكل استراتيجي، خصوصاً في طريقة دعمها للقضية الفلسطينية وقطاع غزة".
وتوترت العلاقات بين تركيا وإسرائيل عام 2010 بسبب هجوم إسرائيلي استهدف سفينة المساعدات مافي مرمرة" التركية التي كانت متجهة إلى غزة.
وكانت قوات "كوماندوز" تابعة للبحرية الإسرائيلية، هاجمت بالغاز، والرصاص الحي، سفينة "مافي مرمرة"، أو "مرمرة الزرقاء"، أكبر سفن أسطول الحرية الذي توجّه إلى قطاع غزة لكسر الحصار منتصف عام 2010، وكان على متن السفينة أكثر من 500 متضامن معظمهم من الأتراك، وذلك في عرض المياه الدولية بالبحر المتوسط.
وأسفر الاعتداء عن استشهاد عشرة من المتضامين الأتراك، وجرح 50 آخرين، كان آخرهم "أوغور سويلماز"، الذي كان يرقد في قسم العناية المركزة منذ إصابته في الحادث حتى وفاته في أيار/ مايو الماضي.
واستمرت علاقة إسرائيل وتركيا باردة على المستويات الحكومية الأعلى رغم أنها كانت توصف في وقت ما بأنها من أهم علاقات التحالف في الشرق الأوسط.