بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استعداداته لهجوم جديد على مدينة غزة، تكشف تسريبات وتقارير استخباراتية فجوة هائلة بين ما تعلنه الحكومة الإسرائيلية للرأي العام وما ترصده مؤسساتها الأمنية فعليًا.
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن الأرقام الرسمية التي تحدثت عن استشهاد ما بين 17 و20 ألف مقاوم منذ أكتوبر 2023 مبالغ فيها مقارنة بالبيانات العسكرية السرية، التي سجلت نحو 8,900 شهيد أو محتمل اغتياله من أصل 47,653 اسمًا مسجلاً.
التحقيق المشترك بين الغارديان ومجلة +972 وصحيفة لوكال كول العبرية يشير إلى غياب استراتيجية سياسية واضحة لإسرائيل، واعتمادها على "لوحة معلومات الحرب" كأداة لتبرير القتل، حيث تحوّلت أرقام الشهداء إلى مؤشر للنصر بدل أن تكون جزءًا من خطة مدروسة.
في الأيام الأولى للحرب، أطلق قائد وحدة النخبة الاستخباراتية 8200، يوسي سارييل، رسمًا بيانيًا يوميًا لتعداد الشهداء، لكنه سرعان ما أصبح يشبه "نتيجة مباراة كرة قدم"، فيما كان القتل هدفًا بحد ذاته دون إجابة عن الأهداف الاستراتيجية.
البيانات المسربة أظهرت أن خمسة مدنيين قتلوا مقابل كل مقاوم، ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ويدل على سياسة إبادة جماعية ممنهجة، حسب خبراء قانونيين. ورغم سقوط معظم قيادات الصف الأول، فإن بنية المقاومة لا تزال قائمة، وحماس جندت نحو 15 ألف مقاتل جديد، أي أكثر من ضعف ما تعلن إسرائيل عن قتلاه.
داخل المؤسسة الإسرائيلية، انتقد جنرالات وسياسيون تضخيم الأرقام، معتبرين أن الحديث عن 20 ألف شهيد "خدعة خطيرة"، وأن الإحصاءات صُممت لإيهام الجمهور بأن الجيش يحافظ على "توازن إنساني".
النتيجة، بحسب الغارديان، هي حرب بلا أهداف سياسية واضحة، وعجز أخلاقي وسياسي يعكس إفلاس الدولة في إدارة غزة، بينما المدنيون يدفعون الثمن الأكبر، والجيش يفتقر إلى بوصلة استراتيجية، ويضطر إلى اللجوء حتى إلى توظيف يهود الشتات لسد نقص الجنود.