بينما يحاول رجال الدفاع المدني إخماد النيران، يسابق الأطباء الزمن لإنقاذ الجرحى، ويوثق الصحفيون بعدساتهم الجريمة المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مجمع ناصر الطبي بخانيونس.
وكانت قوات الاحتلال ارتكبت جريمة مروعة استهدفت مبنى الياسين داخل مجمع ناصر الطبي ما دفع رجال الإنسانية لتوجه بسرعة لانقاذ الجرحى وتوثيق الجريمة.
لم يتوقع رجال الدفاع المدني والأطباء والصحفيين بأن تباغتهم قوات الاحتلال أثناء عملهم الإنساني المكفول وفق القانون الدولي في أوقات الحرب، فأطلقت صوبهم طائرة انتحارية؛ لتحول المكان إلى شعلة من النار والركام، بينما اختلطت دماء رجال العمل الإنساني في مشهد يهز ضمير العالم.
بدأت فصول الجريمة المروعة عندما وصل مؤشر عقارب الساعة إلى العاشرة وعشرون دقيقة (10:20) اليوم الاثنين (25-8-2025)، إذ استهدفت طائرات الاحتلال الطابق الرابع من مبنى الياسين في مجمع ناصر الطبي.
في تلك اللحظة المروعة هرع رجال الدفاع المدني لاخماد النيران وانقاذ المستهدفين، وتبعهم الصحفيين لتوثيق الجريمة الإسرائيلية الجديدة؛ وهناك كانت الصدمة المفجعة.
جسدٌ ممتلئٌ بالدماء، وعلى جانبه درع وخوذة الصحافة، بينما يُمسك بأنامله عدسته التي يوثق فيها معاناة شعب أنهكته حرب الإبادة منذ 689 يوما، اقترب رجال الإنسانية ليفاجأوا بزميلهم حسام سلامة وقد ارتقى شهيدا.
اقترب رجال الإنسانية أكثر لانتشاله وتوثيق الجريمة، تم تصوير المشهد عبر عدسات الكاميرات من الاسفل فظهر الجميع يلملمون أشلاء حسام، دقائق فقط قبل الصدمة المفجعة.
اقترب المصور محمد المصري، من مسرح الجريمة، بينما كانت المصورة مريم أبو دقة تصعد درجات السلم، يسبقها بخطوة واحدة المصورين معاذ أبو طه، وأحمد أبو عزيز.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
في تلك الزاوية المرتفعة لمبنى الياسين تجمع رجال الدفاع المدني والصحفيين والأطباء، هذه الصورة وهذا المشهد لم يعجب جيش الاحتلال، لإدراكه بأن تلك الصورة التي توثق جرائمه قلبت الرأي العام العالمي ضده.
دقائق قليلة فقط على الجريمة الأولى باستهداف الزميل حسام المصري، وأثناء عملية انتشال أشلائه وتوثيق المشهد المروع على الهواء مباشرة أصدر جيش الاحتلال أوامره بإطلاق طائرة انتحارية جديدة استهدفتهم جميعا.
فجأة دب صوت انفجار أدى لارتفاع أعمدة الدخان كثيف اختلط بغبار الدمار والركام، بينما تمزقت أجساد الزملاء الصحفيين ورجال الانقاذ لتعلن عن جريمة إسرائيلية جديدة بحق الأسرة الصحفية الفلسطينية في قطاع غزة.
وبعد الإعلان عن ارتقاء الزملاء الأربعة (محمد سلامة - حسام المصري - مريم أبو دقة - معاذ أبو طه) كان الزميل أحمد أبو عزيزيتلقى العلاج اللازم نتيجة إصابته الخطيرة، إذ حاول الأطباع انقاذه إلا أن القدر اختاره ليلتحق بكوكبة الشهداء، بينما أصيب عدد آخر من الزملاء الصحفيين وصفت جراحهم بين الطفيفة والمتوسطة.
في الوقت ذاته استشهد سائق الإطفاء عماد عبد الحكيم الشاعر، وأصيب 7 رجال من الدفاع المدني بجروح ما بين طفيفة ومتوسطة.
وباستشهاد الصحفيين الخمسة ارتفع عدد الشُّهداء الصَّحفيين إلى 245 صحفياً منذ بدء الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي بأشد العبارات استهداف وقتل واغتيال الاحتلال "الإسرائيلي" للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، وندعو الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وحمل المكتب الإعلامي الاحتلال "الإسرائيلي" والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا؛ المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجرائم النَّكراء الوحشية.
وعلق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على جريمة اغتيال الصحفيين إذ قال: "إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل صباح اليوم طبيبًا و5 صحافيين وعنصرًا في الدفاع المدني في غارة مزدوجة داخل مجمع ناصر الطبي بخانيونس جنوبي قطاع غزة".
وأضاف: "هذه الجريمة المركّبة تشكّل مصيدة محسوبة لاستهداف فرق الإنقاذ والصحفيين وإسكات الشهود وتقويض فرص نجاة الفلسطينيين".
وأكد المرصد أن فريقهم الميداني رصد تحليق مسيّرة إسرائيلية على ارتفاع منخفض للغاية في سماء مجمع ناصر الطبي قبل استهداف المكان، مشيراً إلى أن الهجوم لم يكن عشوائيًا بل متعمدًا ونُفّذ بتوجيه استخباري دقيق شمل معلومات تفصيلية حول طبيعة المكان المستهدف وهوية الضحايا.
ولفت المرصد الأورومتوسطي أن هذا النمط لا يشكّل حادثًا منفردًا بل سياسة إسرائيلية متكرّرة وموثّقة في مواقع متعددة خلال الإبادة الجماعية.
في السياق ذاته قال الدفاع المدني بغزة: "إن العالم شاهد استهداف الاحتلال لطواقم الدفاع المدني لدى محاولتهم انتشال الشهداء وإسعاف المصابين".
وأضاف: "استهداف الاحتلال لطواقمنا جريمة وخرق فاضح وواضح للقانون الدولي الإنسانية"، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي يصر على استهداف طواقم الحماية المدنية في القطاع أثناء تأدية مهامهم.
بينما استنكرت وزارة الصحة في غزة بأشد العبارات الجريمة النكراء التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي باستهدافه المباشر لمجمع ناصر الطبي في خان يونس صباح اليوم وهو المستشفى العام الوحيد الذي يعمل في جنوب قطاع غزة.
وأكدت الوزارة أن الجريمة هي استمرار للتدمير الممنهج للنظام الصحي واستمرار الإبادة الجماعية ورسالة تحد للعالم أجمع ولكل قيم الانسانية والعدالة.
ونعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين خمسة من خيرة فرسان الكلمة، الذين استهدفوا بدم بارد أثناء تأدية رسالتهم المهنية والإنسانية، وقد ارتقى شهداء الحقيقة: مريم أبو دقة ومحمد سلامة وحسام المصري ومعاذ أبو طه وأحمد أبو العز".
وقالت النقابة: "هذه الجريمة النكراء تمثل تصعيدا خطيرا في استهداف الصحفيين الفلسطينيين بشكل مباشر ومتعمد، وتؤكد بلا أدنى شك أن الاحتلال يمارس حربا مفتوحة على الإعلام الحر.