تتواصل فصول المأساة في قطاع غزة مع اتساع رقعة القصف اليومي واتساع مناطق التهجير القسري، وسط وضع إنساني متدهور يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. لم يعد العنف مقتصراً على شمال القطاع، بل تمدد ليشمل أحياء جديدة، ما أدى إلى موجة نزوح جماعية وواقع معيشي لا يطاق.
اتساع رقعة الاستهداف
في الأيام الأخيرة، لم يعد القصف محصوراً في حي الصفطاوي وجباليا النزلة، بل امتد إلى مناطق جديدة مثل أبو إسكندر والشيخ رضوان. طائرات الاستطلاع المسلحة من نوع "كواد كابتر" تلقي عشرات القنابل وصناديق المتفجرات على شوارع مكتظة بالسكان، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، وتدمير البنية التحتية.
شهادات من تحت الركام
بين الركام والغبار، وجد "أبو أحمد"، وهو أب لخمسة أطفال، نفسه ينجو من الموت بأعجوبة. في لقاء ميداني معه قال: أبو أحمد: "كنا في البيت، وفجأة سقطت القنابل من الطيارات الصغيرة… لم يكن أمامنا وقت. أمسكت بيدي أطفال صغار وركضنا للشارع. لم نأخذ معنا شيئاً سوى أرواحنا."
عن وجهتهم بعد النزوح، أوضح: "لا يوجد مكان آمن. اتجهنا غرب المدينة، لكن كل الطرق مزدحمة بالنازحين، والخوف يسبقنا. نبيت أحياناً في الشارع وأحياناً في مدارس مكتظة، لا ماء ولا طعام يكفي."
ويختتم قائلاً: "غزة تُحتل بصمت، والناس تُهجَّر خطوة بخطوة. نحن نعيش بين الموت والجوع… ولا أحد يسمعنا."
مأوى بلا حياة
في مدرسة تحولت إلى مأوى، التقينا "أم خالد"، نازحة من حي الشيخ رضوان، تحدثت بصوت مبحوح وهي تضم أطفالها: أم خالد: "أخذت أطفالي وخرجت وسط الدخان. لا أعلم إلى أين نسير… المكان ضاق بنا، لا فراش ولا دواء. الأطفال يبكون طوال الليل، وأصغرهم يسألني: متى سنعود إلى بيتنا؟ وأنا لا أملك جواباً."
أما الطفل محمد، 8 سنوات، فقد اقترب من المراسل حاملاً قطعة خبز، وقال بصوت خافت: "بدي أرجع ألعب جنب بيتنا… بدي سريري ودفاتري. هون بخاف كتير، كل الليل في صوت طيارات."
كارثة إنسانية تتفاقم
مراقبون وصفوا الوضع الإنساني في غزة بأنه "كارثي ومجنون"، مع انعدام الحد الأدنى من مقومات الحياة: لا ماء، لا غذاء، ولا أماكن آمنة.
المؤشرات الميدانية، بحسب متابعين، تشير إلى أن عملية السيطرة على غزة قد بدأت بالفعل، مع استكمال ثلثها الأول وسط صمت دولي مطبق، ما يُنذر بتصعيد أكبر في الأيام المقبلة.
سؤال مفتوح
في ظل هذا التصعيد، يعيش أكثر من مليوني إنسان بين مطرقة القصف وسندان النزوح، بينما يبقى السؤال قائماً دون إجابة:
إلى أين سيذهب هؤلاء في قطاع يضيق بهم يوماً بعد يوم؟