كان كل ما تحلم به "بتول"، هو أن تجتاز امتحان الثانوية العامة بتفوق وتنهي دراستها الجامعة لتصبح طبيبة علاج طبيعي، تساعد المرضى وتمنحهم الأمل، ولم يكن في حسبانها أن تتحول أحلامها إلى صراع مع الموت، بعد إصابة شديدة في رأسها تعرضت لها خلال حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م.
تفاصيل القصة المؤلمة، بدأت وقتما كانت الطالبة "بتول المشهراوي" (17 عاماً) متوجهةً إلى إحدى النقاط التعليمية التي شُيِّدت من الخيام في مدينة غزة، بعد أن دمر الاحتلال مئات المدارس في القطاع بشكل متعمد، فيما تحول ما تبقى منها إلى مراكز لإيواء النازحين، ليباغتها صاروخ غادر أطلقته طائرة إسرائيلية في المكان الذي تسير فيه، أدى إلى إصابتها بجراح خطيرة في الرأس، واستشهاد عدد من المواطنين.
تعرضت "المشهراوي" لكسر في الجمجمة ونزيف داخلي وخارجي، ما استدعى نقلها سريعاً إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث خضعت لعمليتين جراحيتين عاجلتين نجح الأطباء فيهما بالسيطرة على النزيف، لكنها خرجت منهما محملة بتحدٍ جديد، إذ لم يكن جسدها قد تعافى بالكامل بعد، وكانت بحاجة ماسة إلى علاج عاجل بالخارج، ولا تزال لأكثر من 114 يوماً ترقد على سرير المستشفى وسط شح خانق في الأدوية والمستلزمات الطبية وتهالك غير مسبوق للمنظومة الصحية، ومن هنا بدأت رحلة المعاناة تزداد ألماً.
في باحات مستشفى الشفاء الطبي، وقفت والدة بتول المشهراوي، ممسكةً بلافتات كُتب عليها "أنقذوا بتول" إلى جانب صورة ابنتها، وقسماتُ وجهها مشحونة بالألم الممزوج مع دموع عينها، تقول لمراسل "شمس نيوز": "بتول خرجت من غيبوبة استمرت حوالي 100 يوم، وما زالت متمسكة بالحياة، وهي تأمل أن يقف أحد بجانبها ويساعدها في السفر لإكمال علاجها، لتعود إلى أحلامها وطموحاتها التي توقفت قسراً".
وأضافت بصوتٍ يختلط فيه القهر بالحسرة: "حلم بتول الوحيد أن تحصل على فرصة للعلاج وإنقاذ حياتها، لتكمل تعليمها وتصبح طبيبة، بعد أن حُرمت من أبسط حقوقها في الأمان والعيش الطبيعي، وتواجه الآن واقعاً صعباً وسط نقص الإمكانيات الطبية والحصار المفروض على غزة".
وناشدت وزارة الصحة والصليب الأحمر الدولي وكافة الجهات الطبية والإنسانية والمجتمع الدولي، بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة بتول، والسماح لها بالسفر لتلقي العلاج اللازم؛ لضمان استمرار حياتها واستعادة جزء من طفولتها الضائعة بين صرخات الحرب وآلام المستشفيات.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
وتقدم اليوم السبت 26 ألف طالبٍ وطالبة من طلبة الثانوية العامة في قطاع غزة لأداء اختبارات التوجيهي النهائية إلكترونياً، في ظل حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على القطاع منذ ما يقارب العامين، غير أن هجمات سيبرانية قوية من عدة دول تعرضت لها منصة تقديم اختبارات الثانوية العامة في قطاع غزة "وايز Wise" الإلكترونية، تسببت بمنع جزءٍ من طلبة "التوجيهي" من التقدم للاختبارات النهائية المقررة، ما اضطر الوزارة إلى تأجيل امتحان اللغة العربية ليوم آخر، واعتبار اليوم تجريبياً.
وبدأ برنامج الامتحانات اليوم السبت الموافق 6 سبتمبر/ أيلول في دورته الأولى –الاستثنائية بمادة اللغة العربية لجميع الفروع، للطلبة مواليد عام 2006، ومَن لم ينجح من طلبة التوجيهي 2023 مواليد عام 2005.
وقال المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور، إن قرابة 70 ألفًا من طلبة الثانوية العامة لعامي 2006 و2007 ينتظرون عقد اختباراتهم، حيث سيتم الإعلان عن جدول توجيهي 2007 قبيل منتصف الشهر الجاري. وأشار إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد نجاح الوزارة في تمكين 1500 طالب وطالبة من استكمال الدورة الثالثة لطلبة 2005.
وقال وزير التربية والتعليم العالي أمجد برهم، إن حرب الإبادة تسببت في حرمان أكثر من 70 ألف طالب وطالبة من مواليد 2006 و2007 من التقدم للامتحان، علاوة على استشهاد 4 آلاف طالب، فيما تقدم 4 آلاف آخرين للامتحان خارج قطاع غزة على مدار عامين.
وأكد "برهم" على التزام التربية بالعمل من أجل طلبة قطاع غزة في الداخل والخارج، مشددا على أن المدارس الافتراضية لطلبة غزة ستستأنف عملها لبدء العام الدراسي الجديد. ولفت إلى أنه ستتم متابعة المراكز التعليمية وتوفير مساحات تعليمية وجاهية، مشيراً كذلك إلى إعداد خطط خطة متكاملة للتعامل مع آثار هذا الاستهداف غير المسبوق للتعليم بمكوناته كلها.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بمدينة رام الله، ننتصر اليوم لحق طلبة غزة في التعليم رغم الدمار، وركام البيوت والمدارس، وفي ظل النزوح والجوع، وهم متمسكون بالتعليم خيارا ثابتا، باعتباره حقا أصيلا.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان له أمس الجمعة، إن أكثر من 13 ألفاً و500 طالبٍ وطالبة استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، فيما حرم 785 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم.
واستشهد أكثر من 830 معلماً وكادراً تربوياً، كذلك ارتقاء ما يزيد عن 193 عالماً وأكاديمياً وباحثاً في ظل الإبادة القائمة.
وأوضح الإعلامي الحكومي أن 95% من مدارس قطاع غزة لحقت بها أضراراً مادية نتيجة القصف والإبادة، فيما تحتاج أكثر من 90% من المباني المدرسية إلى إعادة بناء أو تأهيل رئيسي. وتعرض 662 مبنىً مدرسياً لقصف مباشر، ما يقارب "80%" من إجمالي المدارس، بينما دمر الاحتلال 163 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية كلياً، و388 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية دمرت جزئياً.