خانيونس تكدست الخيام في منطقة المواصي غرب خانيونس جنوب قطاع غزة بعد أن تحولت الرمال الممتدة نحو البحر إلى مساحة مكتظة بالمئات النازحين الذين اجبرتهم الحرب على مغادرة منازلهم والبحث عن مأوى لكن المأوى تحول إلى عبء اخر يضاعف معاناتهم اليومية.
تبدو الخيام من بعيد كأنها بحر أبيض متشابك لكن الاقتراب يكشف قسوة المشهد: ممرات شبه معدومة خيام ملتصقة بجدران بعضها البعض وهواء خانق لا يجد سيبلا للدخول ولا للراحة كل خيمة تختزن قصة نزوح وكل زقاق ضيق يحمل وجعا إضافيا.
يقول أبو أحمد وهو أب لخمسة أطفال نزح من شمال قطاع غزة بنبرة متعبة: "لم نجد مكانا نمد فيه خيمتنا فاضطررنا إلى وضعها ملاصقة للخيام الأخرى نشعر وكأننا محاصرون داخل متاهة لا ممرات ولا أمان ولا خصوصية"
القلق من الحرائق يضاعف مخاوف العائلات بسبب استخدام النازحين اشتعال النيران لطهي الطعام لانقطاع وقود الغاز تقول أم محمد وهي أم لثلاثة أطفال: "الخيام قريبة جدا من بعضها البعض وإذا اشتعلت واحدة فلن ينجو أحد نحن نعيش على اعصابنا"
مع حلول الليل تتفاقم الأوضاع بسبب الرطوبة وانتشار الأوبئة والأمراض التنفسية و السعال يتردد من خيمة لاخرى الحاجة أم يوسف وهي سيدة مسنة تقول: "ننام ونحن نسمع أنين جيراننا وبكاء الاطفال ولا يوجد حتى هواء نقي نتنفسه"
المأساة لا تقتصر على الضيق الجسدي فحسب بل تمتد إلى فقدان الخصوصية والكرامة في كل زاوية من المخيم يسمع الجيران بعضهم البعض يتشاركون الهمس والانين وحتى لحظات البكاء لا جدار يفصل بين العائلات سوى القماش الممزق الذي لا يحجب الأصوات ولا توفر الخصوصية ولا الامان.
ويشير سكان المخيم إلى أن الأزمة تتجاوز نصب الخيام فهي تعكس غياب البنية التحتية ونقص الخدمات الصحية الأساسية ويطالب النازحون بتوفير مساحات أكثر أمان تحفظ لهم انسانيتهم و خصوصيتهم متسائلين : "إلى متى سيبقى الحال على ما هو عليه؟ ومتى سنعود إلى منازلنا؟"