تحت عنوان "بنيامين نتنياهو يبحث عن رده بعد نكساته الدبلوماسية"، كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن حجم التخبط الذي يعيشه رئيس الوزراء الإسرائيلي، عقب الموجة المتصاعدة من اعترافات الدول الغربية بدولة فلسطين، وما خلفته من ضربة قاسية لصورة إسرائيل الدبلوماسية داخليًا وخارجيًا.
فما إن صدرت الاعترافات حتى سارع نتنياهو إلى التعهد بـ"رد مماثل"، ملوّحًا بأن "لا دولة فلسطينية ستقوم غرب نهر الأردن"، إلا أن هذه التصريحات بقيت بلا ترجمة عملية، ما عكس عجزه عن صياغة استراتيجية واضحة في مواجهة هذا التحول الدولي المتسارع.
وترى الصحيفة أن نتنياهو عالق بين ضغطين متناقضين: الأول داخلي مصدره اليمين الديني المتطرف الذي يطالبه بخطوات ضم واسعة في الضفة الغربية، والثاني خارجي يتمثل في ضغوط دولية غير مسبوقة تدفعه نحو التراجع والقبول بحل الدولتين.
ففي حكومته، يواصل كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الدفع نحو ضم أراضٍ شاسعة تصل – وفق بعض الطروحات – إلى 82% من الضفة الغربية، بما يحول التجمعات الفلسطينية إلى جزر معزولة لا تصلح لإقامة دولة. وفي مقابل هذا الطرح المتطرف، يقترح مستشار الأمن القومي رون ديرمر التركيز على ضم وادي الأردن باعتباره "الخيار الأكثر واقعية"، لكنه بدوره يظل مشروعًا محفوفًا بالمخاطر الإقليمية والدولية.
الصحيفة حذرت من أن أي خطوة ضم كهذه قد تجهض ما تبقى من اتفاقات أبراهام التي طالما تباهى نتنياهو بها، إذ إن الإمارات، أحد أبرز الموقعين، أكدت أن الضم "خط أحمر" يهدد بنسف الاتفاق برمته.
إلى جانب ذلك، لم تتوقف حكومة الاحتلال عن فرض وقائع على الأرض عبر التوسع الاستيطاني، حيث أقرت مؤخرًا آلاف الوحدات الاستيطانية بهدف إفراغ فكرة الدولة الفلسطينية من مضمونها، فيما صرح سموتريتش بوضوح: "الرد الوحيد هو ضم يهودا والسامرة وإنهاء وهم الدولة الفلسطينية".
وتخلص لوفيغارو إلى أن نتنياهو يواجه اليوم أقسى هزيمة دبلوماسية في مسيرته؛ فبينما كان يفاخر باختراق الطوق العربي عبر التطبيع، يجد نفسه محاصرًا بقرارات اعتراف متتالية بفلسطين من دول كبرى، بينها فرنسا، بريطانيا، أستراليا ودول خليجية، ما ينذر بمزيد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.
ومن بين "الردود الانتقامية" التي يدرسها نتنياهو: إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس أو فرض قيود على شركات ومنظمات أوروبية في الأراضي الفلسطينية، لكنها ـ وفق الصحيفة ـ خطوات رمزية لن توقف تيار الاعتراف الدولي بفلسطين ولا خسارة إسرائيل لمعركتها على الشرعية الدولية.
وترسم الصحيفة صورة قاتمة لنتنياهو: زعيم محاصر بائتلاف متطرف في الداخل، ومعزول خارجيًا بقرارات دولية غير مسبوقة، فقد أوراقه الأساسية من اتفاقات أبراهام إلى الدعم الأوروبي، بينما الرأي العام العالمي يزداد اقتناعًا بأن إسرائيل مسؤولة عن مأساة غزة وجرائم الحرب بحق الفلسطينيين.