قائمة الموقع

خبر الإيكونوميست: لماذا يجب على أمريكا أن تستمر في التدخل بالشرق الأوسط؟

2015-06-10T10:50:05+03:00

الإيكونوميست 

في منتصف التسعينيات، عبر كاتب مسرحي سوري شهير عن معاناة العيش تحت حكم أوتوقراطي عربي، قائلاً: “نحن محكومون بالأمل”. ولكن اليوم، وبعد ما يقرب من 20 عامًا، ذبل الأمل أيضًا.

لقد انهار النظام الذي رعته أمريكا في الشرق الأوسط. وتلتهم الحروب الأهلية اليوم سوريا، والعراق، وليبيا. ونحت الجهاديون أصحاب الرايات السوداء من الدولة الإسلامية (داعش) معالم خلافتهم. وتمشط الطائرات السعودية مناطق المتمردين الشيعة في اليمن في إطار تنافسها مع إيران على النفوذ الإقليمي. وقد لا يعود السلام إلى الشرق الأوسط لعقد من الزمن.

وبالنسبة لمعظم العرب، بمن فيهم الرؤساء والملوك، يعد الدرس المستفاد من كل هذا هو أن القوة الأمريكية وصلت إلى يوم نهايتها. وأما بالنسبة لمعظم الأمريكيين، بما في ذلك الرجل الحاكم في البيت الأبيض، فالدرس المستفاد من كل هذا هو أن الغرباء لا يمكنهم فرض النظام على الفوضى.

ولكن، كلا الطرفين يبالغان فيما توصلا إليه من نتائج. وفي الواقع، يعد الشرق الأوسط بحاجة ماسة إلى مشاركة جديدة ونشطة من قبل أمريكا. ولن تكون هذه المشاركة في إطار قوة أمريكا فقط، بل ستكون أيضاً في إطار مصلحة الولايات المتحدة.

أوقات عصيبة

نقطة البداية هي أن نفهم الخطأ الكارثي الذي لحق بالعالم العربي. وفي هذا الشأن، سوف يقول لك الديمقراطيون في واشنطن إن الشرير هو جورج دبليو بوش، الذي غزا العراق في 2003، وخلق تمردًا سنيًا متعطشًا للدماء، وجوعًا للتمرد في جميع أنحاء المنطقة.

ومن جهتهم، سوف يصر الجمهوريون على أن الخطأ يقع على عاتق باراك أوباما، الذي سمح لإيران بأن تسيطر على العراق، وفشل في كبح خسة الرئيس السوري بشار الأسد.

وكما أشار الكاتب المسرحي السوري، تعد جذور الشعور العربي بالضيق عميقة. وبعد الحرب العالمية الثانية، مهدت قرون من الحكم الاستعماري الطريق لحكم ذاتي مخزٍ. وقد تم تنظيم الاقتصادات العربية، ودعمها، والتخطيط لها، بطريقة سيئة، جعلتها غير قادرة على توفير الكثير للمواطنين العرب. ولجأ القادة، المفتقرون للشرعية، إلى القومية العربية، واعتمدوا على الإكراه بدلًا من الموافقة.

ووجد الشباب الذين يعيشون بلا آفاق راحة في الدين، ووجد بعضهم راحته في التعصب الذي روجت له مجموعات من أمثال الدولة الإسلامية. ولسنوات، ساندت أمريكا الدول العميلة لها في هذا النظام الفاشل. ولكن الربيع العربي أظهر أن الاستقرار الذي حطمه بوش بمثل هذه التكلفة الكبيرة كان محكومًا بالفشل سلفًا. وجاء تقاعس أوباما بدوره ليضيف الزخم إلى هذه الكارثة.

وربما تكون كل هذه أسباب إضافية للبقاء بعيدًا. إلا أن لدى أمريكا مصالح في الشرق الأوسط. وتحطم الفوضى هناك اليوم حقوق الإنسان، وتحرق القيم، التي يتطلع كثيرون، بما في ذلك هذه المجلة، إلى أمريكا للدفاع عنها.

وسوف يضرب الإرهاب في أماكن مثل ليبيا أو سوريا الغرب عاجلًا أو آجلًا. وتجذب نجاحات الدولة الإسلامية في الرمادي بالعراق، وتدمر بسوريا، الأموال والمقاتلين إلى التنظيم. وللحد من هذا التهديد يجب بذل المزيد من الجهد في الأماكن التي تزدهر فيها الجهادية.

وأما بالنسبة للنفط، فعلى الرغم من أنه، وبفضل عمليات التكسير، أصبحت الولايات المتحدة المنتج البديل في العالم، وخلال عشر سنوات أو نحو ذلك سوف تصبح قارة أمريكا الشمالية قادرة على إنتاج الطاقة التي تستهلكها؛ إلا أن سعر النفط عالمي، ولا يزال الشرق الأوسط ينتج واحدًا من كل ثلاثة براميل من النفط الخام منقولة عن طريق البحر.

وفي النهاية، لن يجعل تسعير الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي أمريكا في مأمن من الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية. وإذا لم تكن الولايات المتحدة قادرة للحفاظ على تدفق النفط؛ فإن اقتصادها سوف يعاني الأمرين، وسوف تتأثر مطالبتها بالقيادة العالمية سلبًا أيضًا.

وأخيرًا، هناك مسألة الانتشار النووي. لقد رعت أمريكا اتفاقًا لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية لمدة لا تقل عن عشر سنوات. وإذا ما نجحت المحادثات، فسوف يتوجب على أمريكا أن تقود تنفيذ هذه الاتفاق. وأما إذا فشلت المحادثات، فيجب على أمريكا أن تكون في قلب الجهود الرامية لمنع إيران من عبور العتبة النووية. وفي كلتي الحالتين، يجب أن تكون أمريكا عائقًا أيضًا أمام القوى الإقليمية الأخرى التي قد تفكر في إطلاق برامج أسلحة نووية خاصة بها.

وقد اعترف أوباما بكل هذه المصالح. وكان دبلوماسيوه في باريس هذا الأسبوع لإجراء محادثات حول الدولة الإسلامية، وسوف يتبادلون الرأي حول الاتفاق النووي مع إيران هذا الشهر. وقد تعهد أوباما شخصيًا أيضًا بضمان تدفق إمدادات النفط؛ إلا أنه يقوض أهدافه هذه من خلال إصراره على الوقوف بعيدًا عن المنطقة. وقد كان هدفه إجبار الشرق الأوسط على تحمل المزيد من المسؤولية فيما يتعلق بإدارة شؤونه الخاصة؛ إلا أن الفراغ الذي خلقه لم يؤد سوى إلى تفاقم الفتنة والفوضى.

وبدلًا من الوقوف بعيدًا، يحتاج أوباما لوضع استراتيجية احتواء بناءة. وفي حين أنه ليس باستطاعة أي لاعب إعادة الشرق الأوسط إلى وضعه الطبيعي مرة أخرى ببساطة، ما يزال باستطاعة أمريكا أن تساعد في وقف انتشار الدمار.

والشرط الأول لفعل هذا هو إيجاد دبلوماسية أفضل. لقد تجنب أوباما وزارة الخارجية، وفضل زمرته في البيت الأبيض. ونتيجة لذلك، كانت أمريكا غير مستعدة للتعامل مع انقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر. وعندما سحب أوباما القوات من العراق، كان يجب عليه أن يدعم الدبلوماسية وبناء المؤسسات العراقية. إلا أن ما حدث عوضًا عن ذلك هو نمو النفوذ الإيراني، ونفور السنة من الحكومة التي يقودها الشيعة.

وهناك حاجة إلى مزيد من الانخراط السياسي. ولا يجب على أمريكا أن تتخلى عن السعي لإنهاء الصراع بين إسرائيل وفلسطين. ويحتاج أوباما للعمل مع تركيا لإنشاء قوة معتدلة في سوريا، ومع السعودية لوقف القتال في اليمن. يجب عليه تشجيع الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الخليج ومصر. ويجب على الرئيس الأمريكي أن يكون مستعدًا لاستخدام القوة كذلك.

تدابير يائسة

ويجب على أمريكا أن تقبل بأن علاقاتها مع الدول العربية ستكون عملية وواقعية. إن القتال إلى جانب إيران في العراق ومعارضتها في سوريا عمل متناقض. ولكن، يجب علينا أن نعتاد على ذلك؛ حيث إن المنطقة لم تتوقف يومًا عن التغير بطرق غير متوقعة، وأكراد العراق هم حلفاء مفيدون على الرغم من أنهم يريدون بناء دولة خاصة بهم، وهو ما يتعارض مع السياسة الأمريكية؛ وقد تحتاج الولايات المتحدة إلى التعامل مع السيسي لتهدئة ليبيا أيضًا.

لم يكن لدى أمريكا في أي يوم من الأيام ما يؤهلها لإدارة الشرق الأوسط، وكل من قال إنها كانت تستطيع فعل ذلك في السابق متوهم. ولكن، لا يزال لدى أمريكا دور حيوي تستطيع أن تلعبه هناك. وإذا ما استمرت في الوقوف بعيدًا، سوف يصبح الجميع أسوأ حالًا، بما في ذلك الأمريكيون أنفسهم.

اخبار ذات صلة