قائمة الموقع

خبر الماء.. حينما يصبح من أسلحة الدمار الشامل

2015-06-11T09:04:58+03:00

الـ هفنغتون بوست الفرنسية – توماس دافيد 

للماء خصوصية أنّه حيوي للإنسان، إذ يمكن أن نعيش عدّة أسابيع دون تناول الطعام ولكن لا يمكن الصمود إلّا بضعة أيام دون شرب الماء، وباعتبار أنّ هناك جانبًا مظلمًا لكلّ شيء في الحياة، كثيرًا ما يستخدم الماء أو بالأحرى غيابه كسلاح.

الصراعات حول الماء في الآونة الأخيرة:

هذا ما تذكّرنا به الأوضاع في الآونة الأخيرة على جبهتين متناقضتين: الجبهة العراقية والجبهة الكاليفورنية.

  • قبل بضعة أيام، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الرمادي وقطعت صمامات الماء على سدّ نهر الفرات في إطار طموح استراتيجي لتحرك القوّات (من خلال تجفيف النهر ليسهل عبوره)، وفي رغبة استراتيجية لقطع المياه عن السكّان الشيعة الّذين يعيشون في اتّجاه مجرى النهر من السدّ، فبدون ماء لا توجد حياة وبالتالي لا توجد مقاومة. وهكذا أصبح الماء من أسلحة الدمار الشامل.
  • قبل بضعة أيّام، ذكّرتنا الأنباء بأنّ كاليفورنيا تعيش منذ 4 سنوات في حالة جفاف غير مسبوقة، إذ إنّ الاحتياجات المتزايدة للزراعة واستنزاف المياه الجوفية بسبب عدم كفاية التغذية، نضبت موارد المياه. ولذلك بات من الضروري تقنين الاستخدام وعندما أصبح غير كافي، تمّ اللجوء إلى سرقة المياه بطريقة ملموسة جدًا من خلال الأنابيب المثقوبة دون الوصول إلى انتزاع زجاجات المياه ولكن لا شيء مستحيل. وبهذه الطريقة،  أصبح الماء محلّ طمع والسبب في الجرائم.

تصوّر الحالتان السابقتان كيف أصبح الماء –وكان دائما– عامل صراع على جميع المستويات إذ شهدنا عائلات تتقاتل حرفيًّا من أجل الحصول على صنبور عمومي (نقاط مياه جماعية شعبية جدًّا في دول الجنوب حيث لا يزال الحصول على حنفيات خاصّة ترفًا) وشهدنا على مسؤولين عموميين يضعون مشاريع للحصول على المياه من أجل الحفاظ على تضييق الخناق على الأحياء الفقيرة في الهند، ورأينا قرى بدون ماء باسم التوزيع “العادل” للثروة. ولعلّ الحالة العادية تتمثّل في إدارة الحصول على ماء الوادي أو النهر، إذ لحصول دول المصب على الماء، يجب السيطرة على استغلال دول المنبع ويتمّ الحصول على هذا غالبًا بدبلوماسية قويّة (نهر النيل الّذي يجري من النيل إلى مصر مثال جيّد) ولكن مرّة أخرى، يجب المرور عبر طريقة أقوى وأحادية. والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني يرتبط في جزء ما بالماء وتغذية المياه الجوفية في “إسرائيل”.

كيف يمكن استخدام المياه للتقسيم

في عام 2008 واجهنا بتكليف من مكتب دراسات فرنسي حلقة أدّت إلى هذا الاهتمام بتوفير المياه، ومن المثير للاهتمام الحديث عنها الآن لفهم أفضل لمعنى توفير المياه: كانت المهمة الأصلية متعلّقة بتصميم نظم جمع في ثلاث آبار ووضع نظم توزيع في 5 قرى في شمال الضفة الغربية لتغذية الآبار الثلاثة ولكن لم يتمّ قبول الثلاثة فاقتصر الأمر على بئرين.

لست خبيرًا في الهيدروجيولوجيا في هذه المنطقة ولا مناضلًا على هذا الجانب أو ذاك في هذا الصراع ولكن لاحظت آنذاك أنّ كلّ مورد اعتبر ضروريًا لم يكن متاحًا وكان التأثير فوريًا، فبدلا من تغذية 5 قرى تمّ تغذية ثلاث فقط وأخرج 10 آلاف شخص من المشروع بسبب استخدام المياه كوسيلة ضغط وبسبب المقاربة المقدسة للمورد الّذي حدّدناه من بين الموارد اللازمة على أساس استهلاك المياه على المستوى المحلّي.

من هنا تشكّل وعينا بمفهوم توفير المياه، وعندما قلت أنّ من الضروري أن نبقى متفائلين بشأن الحفاظ على هدف تغذية 5 قرى في حين لا نملك سوى بئرين ولكن لم تستمرّ الفكرة وتمّ استبعاد قريتين. صدمت وأحبطت وكان الإحباط كبيرًا، وللعودة إلى موضوع هذا المقال، كان لهذا الوضع جميع الفرص لنقل الصراع إلى القرى المجاورة الّتي وجدت نفسها فجأة في حالات متفاوتة في الحصول على المياه مع كلّ ما ينطوي عليه هذا من راحة وصحّة وفائدة اقتصادية من خلال الزراعة على وجه الخصوص. ولم تتح لنا الفرصة بعد ذلك للعودة إلى هناك والنظر في التطوّر ولا شيء يقول أنّ هناك حالة صراع.

ولكن الماء أوجد خطر اندلاعه وهذا ما يجب أن يترسّخ في الذهن حتّى نعود لاحقًا؛ لأنّ هذا الخطر يصوّر بشكل جيّد تعقيد إدارة المياه وتأثيراتها المباشرة على التنظيم الاجتماعي لمجتمع ما، وبالتالي يجب أخذه بعين الاعتبار عند الشروع في مهمّة للحصول على الماء للجميع.

اخبار ذات صلة