بعد أسابيع من الحرب التي دمرت أجزاء واسعة من مدينة غزة، عاد عشرات المواطنين إلى شارع النصر وحي الشيخ رضوان، رغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بهم سواء من قوات الاحتلال أو من انعدام مقومات الحياة، إذ عاد النازحون بحثًا عما تبقّى من منازلهم ومتاعهم، فالمشهد يعكس حجم المعاناة الإنسانية والجرح العميق الذي خلفته الحرب في نفوس الأهالي.
المواطن محمد أبو فهد يقول: "رجعت اليوم لأتفقد بيتي، ما بدنا شيء غير نعرف وين كان البيت، ونشوف إذا ظل فيه شيء يمكن نستخدمه، الأطفال تعبوا وما عاد عندهم مكان يفرحوا فيه".
وأوضح أبو فهد أنه وسط غبار الحرب وبقايا القصف، تتحول الشوارع الحيوية إلى ممرات ضيقة مليئة بالركام والحطام، ما يجعل التنقل خطيرًا، خصوصًا للأطفال وكبار السن. المباني المدمرة تظهر تصدعات واضحة، وبعضها مائل، فيما تختلط أصوات الحجارة المتساقطة مع خطوات الأهالي الباحثين عن ما تبقّى من حياتهم.
من جهته تقول أم علي "المكان مليء بالغبار والأنقاض، لكن لازم نرجع نشوف حياتنا، نحاول نلم بعض الذكريات حتى لو قليلة"، فيما ذكر المواطن سامر، شاب من سكان المنطقة بان "الموت كان جنبنا، كل خطوة ممكن تكون الأخيرة، لكن ما بتركنا الخوف، لازم نشوف بيوتنا، حتى لو كلها دمار".
كما يضيف بان التأثير النفسي على الأطفال والأهالي يعيشون صدمة الحرب والخوف من العودة إلى هذه الأماكن كبير.
ورغم ذلك، يظهر لدى الأهالي إصرار على التمسك بالمنازل والذكريات، كرمز للصمود والمقاومة في وجه الظروف الصعبة.
وتشير تقديرات أولية إلى أن أكثر من70% من المباني تعرضت للدمار الجزئي أو الكلي، والبنية التحتية مدمرة بالكامل شبكات الكهرباء، المياه، والصرف الصحي كلها تضررت، ما يزيد من صعوبة العودة للحياة الطبيعية.
وسط غبار الحرب وبقايا القصف، تسير العائلات بين الأنقاض تحمل ما استطاعت من أثاثٍ مكسور أو ملابس مغبّرة، في محاولة لإنقاذ بعض الذكريات من تحت الركام.
وفي ذات السياق يقول أحد الأهالي: "ما بدنا شيء بس نعرف بيتنا وين كان، ونشوف إذا ظل إلنا شي نرجع نعيّش منه أولادنا".
ويكشف الدمار في شارع النصر والشيخ رضوان حجم المأساة التي خلّفتها الحرب، حيث تحولت الأحياء الحيوية إلى مشاهد صامتة من الخراب، لا يعلو فيها سوى صوت الحجارة المتساقطة وخطوات الخائفين الباحثين عما ما تبقّى من حياتهم.
ورغم حجم الخسائر والمخاطر، تظل عودة الأهالي إلى شارع النصر وحي الشيخ رضوان رمزًا للصمود والإصرار على الحياة، وبين الركام والدمار، يعيد الغزيون بناء يومهم من جديد، مؤكدين أن الحرب قد تدمر البيوت، لكنها لا تستطيع أن تهزم إرادة الإنسان.




















