غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بالصور غزة تنبض من جديد... عودة الحياة إلى أسواق المدينة بعد الحرب!

سوق النصر
شمس نيوز - نضال ابو شربي

بعد شهورٍ من الصمت والدمار الذي خيّم على شوارع مدينة غزة، تعود الأسواق الشعبية لتفتح أبوابها من جديد، حاملةً رائحة الحياة وصوت الناس الذين رفضوا أن يُهزموا، بين الركام والممرات الضيقة تُكتب حكاية الصمود اليومية، لتقول غزة للعالم مرةً أخرى: نُقصف فننهض، نُحاصر فنحيا، نموت لنحيا من جديد.

لم يكن سهلاً أن تدبّ الحياة في شرايين المدينة التي أنهكتها الحرب، لكن الغزيين اعتادوا أن يصنعوا الأمل من بين الرماد. اليوم، وفي قلب سوق "الزاوية" العريق وسط المدينة، تعود أصوات الباعة تتعالى من جديد، وتختلط رائحة الخبز الطازج والفواكه بنداء الباعة وضحكات الأطفال، في مشهدٍ يشبه ولادة جديدة لمدينةٍ رفضت الموت.

يقول البائع أبو حسن بابتسامة تشرح القلب: "الحرب دمرت المحلات وأغلقت السوق لشهور، لكن الحمد لله رجعنا نفتح، حتى لو بخسائر كبيرة. المهم ترجع الحياة، ونشوف الناس تشتري وتبيع من جديد."

يضيف وهو ينظر إلى المارة بعينين يملؤهما الأمل: "نحن شعب يحب الحياة والفرح، نبتسم رغم الألم، لأن الابتسامة في غزة مقاومة بحد ذاتها."

في زوايا السوق القديمة، وبين بسطات الخضار والملابس، يتجول محمد مصطفى، أحد الشبان العاملين في السوق، قائلاً: "الوضع صعب، الأسعار مرتفعة والبضائع قليلة، بس الناس محتاجة تعيش. السوق بالنسبة إلنا مش مكان شغل فقط، هو نبض الحياة اليومية."

ورغم ضعف القدرة الشرائية بعد فقدان كثيرين لأعمالهم، إلا أن الإقبال المتزايد على الأسواق يعكس رغبة الغزيين في استعادة إيقاع حياتهم الطبيعي، متحدّين آثار الحرب والحصار.

السيدة أم محمد، وهي تتسوق لأول مرة منذ شهور، تقول بابتسامة يغلبها التأثر: "اشتقنا نرجع نتمشى بالسوق ونشتري حاجات البيت. صحيح الأسعار غالية، بس إحساسنا إن السوق رجع للحياة أهم من كل شيء. مجرد إنك تشوف الناس تتحرك، بتحس إن الأمان رجع شوية."

في سوق الصحابة، أحد أقدم أسواق المدينة، تختلط أصوات الباعة بروائح الخضار الطازجة وصوت المارة الذين افتقدوا هذا المكان لأشهر. مشهد البسطات المزدحمة، وصيحات الباعة، والوجوه المتعبة التي تبتسم رغم الوجع، كلها تؤكد أن غزة تعرف طريقها نحو الحياة من جديد.

التاجر أبو محمود، صاحب محل خضار، يروي قصته قائلاً: "الحرب خربت كل شيء، محلي اتدمر بالكامل، بس رجعنا نشتغل شوي شوي. يمكن الربح بسيط، بس الشعور إنك فتحت رزقك من جديد هذا أهم من كل شيء."

أما التاجر محمد محسن، الذي يبيع الملابس، فيقول: "الوضع صعب، الأسعار غالية والرواتب قليلة، بس الحياة لازم تستمر. لما تشوف البسطات مفتوحة والناس تتحرك، بتحس إن غزة بخير رغم كل شيء."

ويؤكد عدد من التجار أن عودة الأسواق الشعبية تُعدّ مؤشرًا على بداية تعافي المدينة اقتصاديًا واجتماعيًا، رغم استمرار الأزمات المعيشية ونقص المواد الأساسية بسبب الحصار، معتبرين أن ما يحدث اليوم هو "انتصار صغير للحياة على الحرب".

ورغم الدمار الذي خلّفته الحرب في كل زاوية، تبقى الأسواق الشعبية في غزة عنوانًا للصمود والتمسك بالحياة. فبين ركام المباني وأصوات الإعمار، يعيد الغزيون بناء يومهم بإصرارٍ لا يعرف الانكسار.

إنها ليست مجرد عودة حركة بيع وشراء، بل عودة نبض المدينة الذي حاول الدمار أن يخمده. هنا في غزة، ينتصر صوت الباعة على صمت الركام، وتعلو رائحة الخبز فوق رائحة البارود، لتبقى الأسواق شاهدًا على أن الشعب الذي يتمسك بالحياة، أقوى من كل حرب.

من بين الغبار والأنقاض، تولد الحكاية من جديد... غزة التي لا تعرف الاستسلام، تكتب اليوم فصلاً جديدًا من فصول الصمود، لتقول للعالم أجمع: الحرب تدمّر الجدران... لكنها لا تقدر أن تهزم إرادة الإنسان.