غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

من الركام إلى نار الإيجارات... نازحو غزة عالقون بين حلم البيت وكابوس السكن!

IMG-20251111-WA0035.jpg
شمس نيوز - نضال ابو شربي

 

في قطاعٍ يئنّ تحت وطأة الدمار والحصار، يعيش آلاف النازحين مأساة جديدة لا تقل قسوة عن الحرب نفسها. فبعد أن فقدوا بيوتهم تحت القصف، وجدوا أنفسهم أمام كارثة أخرى عنوانها الارتفاع الخيالي في أسعار إيجارات المنازل. لم تعد المأساة مجرد بحثٍ عن مأوى، بل سباق يومي للبقاء في ظل غياب الدخل وانعدام الأمان.

تفاقمت معاناة العائلات التي فقدت منازلها جراء العدوان الأخير، إذ ارتفعت أسعار الإيجارات في مختلف مناطق القطاع إلى مستويات غير مسبوقة، تجاوزت قدرة الغالبية على التحمل. فالشقة الصغيرة باتت تُؤجّر بمبالغ تصل إلى 700 دولار شهريًا، في وقت يعاني فيه السكان من البطالة وتوقف المساعدات الإنسانية.

يقول أبو محمد سعيد، الذي فقد منزله في حي الشجاعية: "أنا اليوم مش قادر أوفّر بيت لعيلتي. الإيجار صار خيالي، الغرفة الوحدة بـ2000 شيكل، وأنا بلا شغل من شهور. التجار بيستغلوا وجع الناس، وكل يوم الوضع أصعب."

وفي أحد مراكز الإيواء، تجلس أم نادر محتضنة أطفالها وهي تحاول إخفاء دموعها: "كل يوم بفكر وين نروح؟ الأسعار نار. الناس مش لاقية تأكل، كيف بدها تدفع إيجار بـ500 أو 600 دولار؟ والله تعبنا من النزوح.

يطالب المواطنون الجهات الحكومية والمؤسسات الإغاثية بوضع آلية لضبط الأسعار وتأمين مساكن بديلة للعائلات المتضررة، محذرين من أن استمرار الأزمة يهدد بزيادة معدلات الفقر والتشرّد.

من جهتها، تقول أم مصطفى (38 عامًا) التي نزحت من حي الشجاعية: "كنا نعيش في بيتنا البسيط، واليوم بندفع 400 دولار إيجار بغرفتين في النصيرات. كل شهر بخاف من صاحب البيت يطردنا. ما في جمعيات تساعد، ولا في سقف يحمينا غير الله."

أما محمد خالد، سائق أجرة مؤقت، فيصف معاناته بمرارة: "الواحد صار يختار يا يأكل أولاده يا يدفع الإيجار. الشقة الصغيرة صارت حلم. الأسعار نار والقلوب موجوعة."

ويضيف أبو يزن (45 عامًا)، وهو أب لخمسة أطفال نزح من حي الزيتون بعد تدمير منزله بالكامل: "لفّيت كل غزة أدور على بيت، وكل مرة يقولولي الإيجار 600 أو 700 دولار. اضطريت أستأجر بيت صغير بـ450 دولار. نص راتبي بيروح عليه، والباقي ما بكفي أكل لأولادي. الاحتلال دمّر بيوتنا، والتجار دمّرونا بأسعارهم."

يؤكد خبراء عقاريون أن هذا الارتفاع الجنوني لا يرتبط بتحسين في الخدمات أو البنية التحتية، بل ناتج عن استغلال حاجة الناس في ظل غياب الرقابة الحكومية.

ورغم بساطة أحلام النازحين، إلا أن الواقع يضعهم أمام تحدٍ يومي بين تأمين لقمة العيش ودفع الإيجار. آلاف العائلات باتت تسكن خيامًا مؤقتة أو مدارس مهدّمة، بينما اضطر آخرون لاستئجار منازل بأسعار تفوق طاقتهم.

في غزة، لا تنتهي المأساة بانتهاء القصف، بل تبدأ فصول جديدة من المعاناة اليومية. وجوه أطفال ينامون على الأرض، وأمهات يحسبن الأيام قبل أن يطرق صاحب البيت الباب مطالبًا بالإيجار.

ما بين ركام البيوت وأحلام العودة وبيوت الإيجار الباهظة، يواصل الغزيون صناعة الحياة رغم القهر، مؤمنين أن الفجر سيأتي، وأن لهم يومًا بيتًا يعودون إليه دون خوف أو دين.