غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر فشل الكونجرس الأمريكي في جعل القدس عاصمة لإسرائيل

تقرير للجزيرة

المحاولة السرية لإجبار الولايات المتحدة على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم تفشل فقط، ولكن أتت بنتائج عكسية.

كان القرار الأخير للمحكمة العليا الأمريكية بشأن القدس قرارًا دستوريًا بلا أي تفكير. صلاحية الرئيس في صناعة السياسة الخارجية -في هذه الحالة، صلاحيات إدارة أوباما للحفاظ على سياسة الولايات المتحدة في رفضها الاعتراف بمطالبة إسرائيل بالسيادة على القدس، سواء في الشرق أو الغرب- هي صلاحية قديمة قِدم الولايات المتحدة نفسها.

أولئك الذين اعترضوا على هذه الممارسة طويلة الأمد، الذي يرجع تاريخها إلى رئاسة جورج واشنطن، تمنوا استخدام فرع واحد من الحكومة الأمريكية -قضاة المحكمة العليا- لتأييد محاولة من فرع آخر -الكونجرس- لفرض سُلطته على حساب سُلطة البيت الأبيض.

ولكن، قرارات المحكمة العليا، مثل هذا القرار، ليست مجرد تأويلات دستورية؛ بل هي جزء من المعارك الكبرى عبر مشهد سياسي وتشريعي واسع. في هذه الحالة، تفشل المحاولة السرية لإجبار الولايات المتحدة على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لم تفشل فحسب؛ بل أتت بنتائج عكسية.

معركة السيطرة

بدلًا من تغيير سياسة الولايات المتحدة، نجح دعم المدّعين عبر صخب اللوبي المؤيد لإسرائيل في إعادة التأكيد على رفض الولايات المتحدة المستمر للاعتراف رسميًا بسيطرة إسرائيل على القدس.

وكتب المراسل الصحفي في صحيفة هآرتس، كيمي شاليف: “إن الجهود الكبيرة لاستخدام عريضة جواز السفر للاعتراف بعاصمة إسرائيل جعلت الامور أكثر سوءًا. إذا لم تكن تعرف حتى الآن أن الحليف الأكبر لإسرائيل يرفض الاعتراف بسيادتها على عاصمتها القدس سواء الشرقية أو الغربية، فأنت بالتأكيد أصبحت تعرف هذا الآن“.

المعركة من أجل السيطرة على سياسة واشنطن بشأن القدس هي عنصر واحد فقط في علاقة ديناميكية معقدة واسعة النطاق بين الكونجرس والرئاسة حول سلوك السياسة الخارجية الأمريكية عمومًا.

اهتمام الكونجرس ودعمه لإسرائيل والتوتر مع البيت الأبيض بسبب جهوده يستبق إنشاء الدولة نفسها.

في بداية عام 1944، فكّر أعضاء الكونجرس في قرارات حاسمة وأعلنوا عن دعم حكومة الولايات المتحدة لإنشاء دولة يهودية في فلسطين. وقد عارض هذا الجهد وزارة الحرب ووزارة الخارجية كحالة متشتتة غير ضرورية عن الحرب ضد ألمانيا واليابان، واعترافًا من المعارضة العربية لقيام دولة يهودية. ولذلك؛ لم يتم التصويت على هذه القرارات.

صراع من أجل التفوق

كان هذا الصراع الطبيعي بين البيت الأبيض والكونجرس للتفوق في صنع السياسة الخارجية بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية سمة ثابتة للحياة في واشنطن في العقود التي تلت ذلك.

الكونجرس، مع 535 عضوًا، من المفترض أن يعكس مجموعة واسعة من المصالح العامة، فضلًا عما أصبح يعرف باسم “المصالح الخاصة” -مجموعات منظمة من محبي القطط لتأييد إسرائيل- تضغط من أجل دعم الكونجرس لبرامجها التي لا تعد ولا تحصى.

بالنسبة لكثير من أعضاء الكونجرس، يكفي ببساطة أن يُنظر إليهم من قبل ناخبيهم وجماعات الضغط الغنية باعتبارها مصادر مهمة للدعم السياسي وتمويل الانتخابات على أنّهم داعمون لأجندتهم الخاصة. في كثير من الأحيان لا يهتم الكونجرس بإدارة النتائج أو حتى ما إذا كان يتم الاعتراف بتفضيلاتهم على أنّها قوانين.

من المريح في كثير من الأحيان الإدلاء بتصريحات فارغة -دعم القدس كعاصمة موحدة أبدية لإسرائيل، أو في هذه الحالة الأخيرة مطالبة وزارة الخارجية الأمريكية بالاعتراف بالقدس كجزء من إسرائيل، مع العلم بأن الرؤساء المسؤولين في البيت الأبيض سوف ينتصرون في نهاية المطاف.

دعم الكونجرس

بهذه الطريقة، يُظهر الكونجرس نفسه باعتباره مستجيبًا لاهتمامات جماعات الضغط الأكثر صخبًا وتنظيمًا والداعمين الماليين -أنصار إسرائيل في مقدمتهم- في حين يُذعن إلى البيت الأبيض بشأن التنفيذ الفعلي لهذه السياسات.

يحتفظ الرئيس بقوة هائلة للسيطرة على السياسة الخارجية للبلاد، مثلما حكمت المحكمة العليا. دعم الكونجرس لإسرائيل على الرغم من ذلك، في عهد دوايت أيزنهاور، واهتم بالآثار الاستراتيجية للعدوان الثلاثي في عام 1956، وأجبر إسرائيل، إلى جانب حلفاء الحرب الباردة فرنسا وبريطانيا العظمى، على التراجع عن الفتوحات الإقليمية في مصر وسيناء خلال حرب السويس.

اليوم، يسعى الكونجرس لتقييد قدرة الرئيس على التفاوض بشأن الاتفاق النووي مع إيران – السياسات المتوافقة مع معارضة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لجهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

أوباما، مثل أيزنهاور من قبله، واجه اختبار تحدي تفضيلات إسرائيل ومؤيديها في الكونجرس في السعي لتحقيق ما يعتقده أوباما بأنّه ضرورة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.

ومع ذلك، تتم مثل هذه التوترات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في سياق دعم حزبي قوي بين الجمهورين والديمقراطيين لإسرائيل. كما يدّعي الرئيس ومعارضوه أنّهم يهتمون بمصلحة إسرائيل.

حتى قرار الأغلبية الجمهورية الذي لم يسبق له مثيل بدعوة نتنياهو للتصدي لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة داخل الكونجرس في وقت سابق من هذا العام، في تجاهل تام للبروتوكول الدولي، يلائم هذا النموذج.

الشراكة الاستراتيجية

منذ الستينيات، تعاون كل من الرئيس والكونجرس لتقديم دعم اقتصادي وعسكري حيوي لإسرائيل، التي كانت المستفيد الأبرز من المساعدات الأمريكية لعقود من الزمن.

هذه الشراكة الاستراتيجية هي القيمة السياسة الخارجية الأساسية للولايات المتحدة، المشتركة في الكونجرس والإدارات الأمريكية المتعاقبة، الديمقراطية والجمهورية على حد سواء.

ربما يكون قد شعر الرئيس بالإهانة بسبب قبول نتنياهو للدعوة من الكونجرس؛ فهو يشك في حكمة الاحتلال الإسرائيلي.

لكن، الملاحظات الثاقبة حول الاتجاه الخطير للسياسات الإسرائيلية هي شيء، وقرارات المتشددين التي تغير من طبيعة الدعم المقدّم لإسرائيل هي شيء آخر تمامًا.

في السنوات الأخيرة، اتجهت حكومات إسرائيل إلى اليمين، ونتيجة لذلك، تحوّلت البرامج السياسية لمؤيديها في الكونجرس.

لم تكن المسألة التي تثير مخاوفهم هي تقليل الدعم لإسرائيل؛ بل كيف يدعمونها بشكل أفضل – من المساعدات إلى استيعاب المهاجرين الروس وتمويل القبة الحديدة، وهي نظام مضاد للصواريخ في إسرائيل.

ربما لم تصل جهود الكونجرس في فرض سياسة أمريكية حاسمة بشأن القدس إلى المستوى المطلوب، ولكن “التعويض” عن صفقة إيران -التي تُقدّر بمليارات الدولارات في شكل مساعدات ومعدات عسكرية متقدمة- هي لغة يفهمها جيدًا كل من الرئيس والكونجرس، رغم الخلافات بينهما بشأن إسرائيل.