دعا "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودولها الأعضاء، ولا سيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة للضغط على "إسرائيل" لرفع الحظر المفروض على إدخال المساكن المؤقتة (كرفانات) ومستلزمات الإيواء الأساسية إلى قطاع غزة وضمان دخولها وتوزيعها دون قيود سياسية أو أمنية.
وحذر المرصد، في بيان صحافي اليوم الإثنين، من كارثة وشيكة مع دخول فصل الشتاء، قد تشمل انهيار مئات المنازل المتضررة بشدة على رؤوس أصحابها، في ظل غياب أي سكن آمن، واضطرار آلاف العائلات للبقاء في مبانٍ متصدعة أو تحت خيام هشّة لا تقي من البرد والأمطار، ما يضاعف حجم الخسائر الإنسانية ويعرض السكان لخطر الانهيار والإصابة والوفاة.
وأوضح المرصد، أن الحصار الإسرائيلي غير القانوني والحظر المفروض على المساكن المؤقتة سدّ عمليًا جميع الخيارات أمام آلاف العائلات، والتي تجد نفسها مضطرة للعيش في منازل مدمرة أو متضررة بشكل جسيم تحولت إلى "قنابل موقوتة" قابلة للانهيار في أي لحظة. وأضاف أن الشهر الجاري شهد مقتل 18 مدنيًا نتيجة انهيار مبانٍ عليهم، فيما رصد المرصد انهيار 50 مبنى منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأكد المرصد أن "إسرائيل" تستخدم الحصار كأداة ضمن جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، عبر منع الإصلاح وإعادة الإعمار وعرقلة إدخال المواد والمعدات اللازمة لرفع الركام وترميم المنازل وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء، إلى جانب تعطيل الاستجابة الإنسانية وتقويض قدرة الجهات الإغاثية على حماية المدنيين.
ولفت المرصد إلى أن المواطنين يُجبرون على خيارات قسرية بين البقاء في مبانٍ متصدعة مهددة بالانهيار أو اللجوء إلى خيام هشّة لا تقي من برد الشتاء وأمطاره، في بيئة مكتظة ومفتقرة إلى الحد الأدنى من الأمان والخدمات، ما يجعل الخطر على الحياة نتيجة متوقعة ومستمرّة.
وحذر المرصد من أن التغيرات المناخية المصاحبة لفصل الشتاء تزيد من احتمالات انهيار المنازل المتضررة، مشيرًا إلى أن تسرب مياه الأمطار إلى الأساسات والجدران المتصدعة يضاعف خطر الانهيار المفاجئ، خصوصًا في ظل الحظر الإسرائيلي الشامل على دخول مواد البناء ووسائل التدعيم والحماية المؤقتة.
وأشار المرصد إلى أن مئات الآلاف من النازحين في الخيام ليسوا بأمان، مع حلول الشتاء، حيث تسبب البرد القارس بوفاة خمسة أطفال على الأقل خلال كانون الأول/ديسمبر الجاري وحده، كما أتلفت الأمطار الغزيرة نحو 27 ألف خيمة وما تحتويه من أغذية وممتلكات.
وأكد المرصد أن سياسة "منع الإيواء" التي تنتهجها "إسرائيل" تهدف إلى تدمير البيئة السكنية للفلسطينيين وتجريدهم من حقهم في السكن والعيش الآمن، وأن هذا النمط من الانتهاكات يشكّل تكتيكًا استراتيجيًا لإحداث تهجير قسري طويل الأمد عبر محو مقومات الحياة الأساسية، بما في ذلك المأوى والبنية التحتية وشروط الاستقرار.
وشدد المرصد على أن استمرار هذه الظروف الكارثية في ظل غياب حلول عاجلة يضاعف المخاطر الصحية والإنسانية ويهدد الأطفال وكبار السن والمرضى، ويرفع احتمالات انهيار المنازل وتدمير الخيام، ويعرّض النازحين لأخطار متعددة تشمل الفيضانات وتفشي الأمراض المرتبطة بتلوث المياه، ما يحوّل الحياة اليومية إلى معاناة مستمرة تهدد كرامتهم وحياتهم معًا.
وأكد المرصد أن أي قيود على إدخال مستلزمات الإيواء الأساسية تُعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن سياسة إسرائيل في منع إدخال المساكن المؤقتة ومواد الإعمار تمثل استمرارًا لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، عبر إخضاع السكان لظروف معيشية تهدد حياتهم بشكل مباشر.
ودعا المرصد المقرر الأممي الخاص المعني بالسكن اللائق إلى توجيه نداء عاجل للسلطات الإسرائيلية لإنهاء الحظر المفروض على دخول المساكن المؤقتة ولوازم الإيواء الأساسية إلى قطاع غزة، محذرًا من أن استمرار هذا المنع في فصل الشتاء يرقى إلى مستوى "القتل العمد"، ويستوجب مساءلة جنائية دولية.
وطالب المرصد المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودولها الأعضاء باتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة، تشمل ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية حقيقية على إسرائيل وفرض عقوبات رادعة لإلزامها برفع الحظر فورًا وتأمين دخول المساكن المؤقتة وكافة مستلزمات الإيواء المنقذة للحياة وتوزيعها دون قيود سياسية أو أمنية، بما يتناسب مع خطورة الظروف المناخية وحجم الخطر على المدنيين.
وارتكبت "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 242 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.
