قائمة الموقع

خبر "إسرائيل" ساعدت أوباما في الالتفاف حول “الخط الأحمر” بسوريا

2015-06-16T03:26:04+03:00

إيلي ليك – بلومبرغ فيو 

ساعد تكتمُ إسرائيل الرئيسَ الأمريكي (باراك أوباما) في تجنب قصف سوريا خلال عام 2013، بعد انتهاك دمشق “خطه الأحمر”، وقامت باستخدام الأسلحة الكيميائية، وفقًا لمذكرات جديدة لسفير إسرائيل السابق في واشنطن، مايكل أورين، سوف يتم نشرها هذا الشهر.

وللمرة الأولى، يكشف كتاب أورين، وعنوانه “حليف”، عن أنه -وفي أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر من عام 2013- طرح وزير الاستخبارات الإسرائيلية آنذاك، يوفال شتاينتس، خطة لتخلي سوريا عن الأسلحة الكيميائية للحكومة الروسية، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” حصل على مباركة أوباما للمضي قدمًا في هذا الاقتراح.

وللتأكيد، يكتب أورين في مذكراته أيضًا أن إسرائيل لم تكن تعارض تنفيذ الولايات المتحدة لغارات جوية في أواخر أغسطس 2013، قائلًا إنها لم تر أي شيء سلبي في فرض أوباما لخطه الأحمر وردعه لحليف سوريا، إيران. ولكن، في الوقت نفسه، يؤكد أورين على أن الفضل يعود لشتاينتس ونتنياهو في المساعدة بتمهيد الطريق للدبلوماسية التي أتاحت لأوباما فرصة التراجع عن موقفه بشأن شن الغارات الجوية. وهي الغارات التي يعتقد أورين نفسه بأنها كانت أمرًا مؤكدًا في ذلك الوقت.

وفي أغسطس 2013، أكد مفتشو الأمم المتحدة أن نظام بشار الأسد هاجم موقعًا للثوار في الغوطة خارج دمشق. وأقر أوباما على مضض بأن الديكتاتور السوري قد عبر الخط الأحمر الذي وضعته الإدارة الأمريكية، وأنه قد استخدم الأسلحة الكيميائية. ولكن، بعد أن وافقت سوريا وروسيا على خطة من شأنها جعل الأسد يعترف ويتخلص من أسلحته الكيميائية، هدأ التهديد بالقيام بضربات جوية أمريكية كعقاب للأسد على الهجوم الذي وقع في الغوطة.

وفي ذلك الوقت، بدت خطة نزع السلاح وكأنها جاءت عن طريق الصدفة. وفي يوم 9 سبتمبر من ذلك العام، طرح وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، فكرة أن الأسد يستطيع تجنب هجوم الولايات المتحدة على أرضه إذا ما تخلى عن أسلحته الكيميائية.

وبعد فترة وجيزة، قال مسؤولو وزارة الخارجية إن هذه التصريحات كانت خطابية أكثر منها اقتراحًا صادقًا. ولكن نظير كيري الروسي، سيرجي لافروف، استولى بسرعة على هذه التصريحات، وقدم اقتراحًا مشابهًا إلى وزارة الخارجية السورية. وبعدها، جرى التفاوض على الخطة في الأمم المتحدة، وتراجعت أمريكا عن خيار الغارات الجوية.

ولكن، وفقًا لمذكرات أورين، يبدو أن نتنياهو كان يساعد في إحداث هذه الصفقة من وراء الكواليس. وكتب السفير الإسرائيلي السابق: “في سياق هذا الهيجان، سمعت عن اقتراح لإزالة ترسانة سوريا الكيميائية سلميًا… وقد نشأت هذه الفكرة من عند الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينتس، الذي زفها لأول مرة للروس… ومن ثم، اقترح نتنياهو الفكرة على أوباما وحصل على الضوء الأخضر“.

وبدوره، قال لي مسؤول أمريكي كبير يوم الأحد إن لديه ذكريات مختلفة بشأن هذه العملية الدبلوماسية. وأضاف هذا المسؤول أن كلًا من أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك كيري ولافروف، كانوا قد ناقشوا نزع الأسلحة الكيماوية في سوريا قبل وقت طويل من أغسطس عام 2013، ولكن الجانب الأمريكي لم يعتقد حينها أن روسيا كانت جادة. ولم يؤكد هذا المسؤول ما إذا كان الإسرائيليون قد دعموا خطة نزع السلاح بهدوء أو ما إذا كان نتنياهو قد ناقش هذه الخطة مع أوباما، ولكنه شكك في أن تكون إسرائيل هي من وضعت هذه الخطة.

وتعد هذه الاعترافات التي أدلى بها أورين في مذكراته ذات أهمية كبيرة، خصوصًا من حيث إن اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن، وهو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية AIPAC، كان قد وافق على المساعدة في الضغط من أجل قرار بشن الحرب ضد سوريا بناءً على طلب من البيت الأبيض. ويكتب أورين أن مستشارة الأمن القومي لأوباما، سوزان رايس، طلبت شخصيًا من AIPAC الضغط من أجل القرار، وأن AIPAC امتثلت.

ويلاحظ أورين أيضًا أن أوباما لم ينسب لإسرائيل علنًا المساعدة في وضع هذه الخطة. وكتب السفير السابق في مذكراته: “في مقابلات لاحقة، نادرًا ما لم يستغل أوباما الفرصة ليذكرنا بتحييد القدرات الكيميائية في سوريا باعتباره إنجازًا دبلوماسيًا تاريخيًا. وأيضًا، أعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الفضل لنفسه في المبادرة، وأشاد بها على أنها مثال حي على الكيفية التي يستطيع من خلالها المجتمع الدولي حل أعقد مسائل نزع السلاح وعدم الانتشار.

وفي الوقت نفسه، بقي دور إسرائيل سرًا، ولكن مواطنيها تجنبوا الحاجة للتسجيل حتى الحصول على مزيد من الأقنعة الواقية من الغازات”.

ورغم ذلك، لا تزال لدى أورين مشاعر مختلطة حول كيفية سير الأمور في سوريا. وفي مقابلة معه يوم الأحد، قال لي أورين: “من دون قصد، اتضح أن الرابح الأكبر كان الأسد وإيران، اللذان رأيا كيف انتقل الأسد من كونه جزءًا من المشكلة إلى كونه جزءًا من الحل“.

ومنذ عام 2013، لم يكن الأسد قادرًا فقط على استخدام البراميل المتفجرة وغاز الكلور ضد المدنيين في سوريا من دون وجود تهديد بالانتقام الأمريكي المباشر؛ بل وهناك أدلة متزايدة أيضًا على أنه لم يتخلص حتى من كل من المواد الكيميائية التي في حوزته. وكما قلنا أنا وزميلي جوش روجين في مقال من الشهر الماضي، تم إبلاغ الولايات المتحدة بأنه قد تم العثور مؤخرًا على بقايا من غاز السارين في منشأة لإنتاج الأسلحة الكيميائية السورية.

وما هو أكثر أهمية أيضًا: أن أورين قال لي إن أوباما أرسل رسالة إلى العالم عندما قرر عدم استخدام القوة ضد تحدي سوريا له، وإن تلك الرسالة أظهرت كيف سترد الولايات المتحدة على المخالفات النووية المحتملة من قبل إيران. وأضاف أورين: “في ذلك اليوم، انتهى النقاش في إسرائيل“.

والنقاش الإسرائيلي الذي يقصده أورين هنا كان يدور حول ما إذا كان أوباما سيحافظ على كلمته، ويمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية. وقد بلغ هذا النقاش ذروته في صيف عام 2012، عندما انقسمت نخبة الأمن القومي في إسرائيل نفسها بشأن هذه المسألة. واتهم البعض حينها، مثل الرئيس السابق للموساد (مئير داغان)، نتنياهو بتعريض إسرائيل من خلال النظر في ضرب إيران.

وفي كتابه، يصف أورين محادثة أجراها في ذلك الصيف مع دنيس ماكدونو، وهو يشغل الآن منصب رئيس موظفي أوباما. ويقتبس أورين من ماكدونو قوله: “خلاصة القول هي أن بيبي (نتنياهو) والرئيس هم رجال عمليون، ولا يوجد أي شيء شخصي هنا، ولا يجب على أحد أن يخدع نفسه بأن الرئيس لن يتصرف“.

ولكن، كانت لدى نتنياهو شكوكه. وفي صيف عام 2012، ومع تخصيب إيران للمزيد والمزيد من اليورانيوم إلى مستويات مناسبة لصنع قنبلة نووية، توقف نتنياهو عن التعهد بأنه لن يهاجم طهران عسكريًا.

وفي كلمته من شهر سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي الخط الأحمر الخاص به، محذرًا إيران من أن عليها عدم جمع 250 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 %.

وفي حين فسر الكثيرون الخطاب على أنه مفعم برغبة القتال، فهم البيت الأبيض أن ذلك يعني أن الإسرائيليين لن يهاجموا إيران قبل انتخابات عام 2012. وفيما بعد، وصل أوباما إلى اتفاق إطاري مع إيران، من شأنه أن يترك الكثير من برنامجها النووي في مكانه. وقال لي أورين إن صفقة أوباما المقترحة في هذا الشأن “تهدد إسرائيل“، وقد قال نتنياهو الشيء نفسه مرارًا.

اخبار ذات صلة