غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر الجانب الخفي من برنامج التدريب والتسليح الأمريكي للمعارضة السورية

من الارشيف

ميدل إيست بريفينج 

إذا كان لأي شخص يتحدث، ولكن بحذر، عن سوريا كدولة ذات سيادة؛ فلا بد من الاعتراف بأن الخط الفاصل بين الجانبين، الدولة الإسلامية والجهاديين الأجانب الذين يقاتلون معها من جهة، وحزب الله والمليشيات العراقية والباكستانية والإيرانية من جهة أخرى، قد بدأ يتلاشى. تنظيم الدولة الإسلامية، من حيث التعريف، لا تعترف بالدولة كمسألة مبدأ، لا في سوريا ولا في أي مكان آخر.

وفي الوقت نفسه، فإنّ المقاتلين الأجانب الموالين للأسد يأتون من كل مكان للمشاركة في معركة على أرض أجنبية. ويفعل ذلك كلا الجانبين لأسباب أيديولوجية وطائفية، ولكن العالم يدين طرفًا واحدًا فقط: تنظيم الدولة الإسلامية.

إذا كانت سياسة الرئيس أوباما تستند حقًا إلى مبادئ القانون الدولي، وعدم التدخل، ومحاربة الإرهاب، وتقديم المساعدات إلى السكّان المدنيين الذين يتعرضون لعقاب جماعي وحشي على يد الطغاة، أو أي من المطالبات الأخلاقية الأخرى المتكررة بصوت عالٍ من قِبل البيت الأبيض منذ بداية رئاسة أوباما، فإنّه من الممكن أن ينتقد أوباما على الأقل الدور الإيراني في سوريا. لكن أوباما لم يفعل ذلك أبدًا، ولن يفعل. إيران وحزب الله لا يحترمان القانون الدولي؛ فهما يتدخلان بشكل علني في سوريا، وكل يوم يموت المدنيون السوريون. ومع ذلك؛ لا يمتلك الرئيس أي استراتيجية لحل هذه المهزلة، كما أنّه لن يسمح للآخرين بالقيام بما يجب القيام به، كما سنرى بعد قليل.

وبمجرد أن تُظهر آثار هذه الكلمات الكبيرة من الرئيس أنها مجرد عبارات فارغة، يظهر الموقف الحقيقي لسياسة الرئيس العدمية على أنها سياسة عارية وغير مستدامة. ولكن بعد ذلك، ونظرًا للانتقادات داخل الولايات المتحدة وبقية العالم، على الأقل لأسباب أخلاقية، فإنّ البيت الأبيض وجد مأوى في برنامج تدريب وتجهيز المعارضة السورية.

ومع ذلك؛ لا تزال الإدارة الأمريكية مصممة على فرض مفهومها الخاطئ العميق الخاص بــ “المشكلة السورية”، وأعطت الإدارة الأمريكية تعليماتها لمقاتلي المعارضة بالخضوع للبرنامج الذي يحدد مهمتهم بمحاربة الدولة الإسلامية، وليس نظام الأسد.

أصبح هذا الجانب الخفي لبرنامج التدريب والتجهيز معلنًا مع البيان المثير للدهشة من قِبل زعيم جماعة تتألف من ألف من مقاتلي المعارضة خضعوا للبرنامج، والذي قال صراحة إنّه ورجاله يفكرون في ترك البرنامج بعد تلقي شرط مسبق من الأمريكان في تركيا بأنه ينبغي محاربة الدولة الإسلامية فقط، وأنه لن يسمح لهم بمحاربة قوات الأسد أو حلفائه، الذين يشملون المليشيات الإيرانية وحزب الله وغيرهم.

وتحدث زعيم جماعة المعارضة، مصطفى سيجري، عن شروط الولايات المتحدة بشكل علني ​​بالتفصيل الأسبوع الماضي. وقال: “لقد قال لنا الأمريكان إنّ القائمة المختصرة لأهدافنا بعد التدريب تقتصر على تنظيم الدولة الإسلامية فقط. لقد قاتلت مجموعتنا الدولة الإسلامية ببطولة وشجاعة في ريف اللاذقية. نحن نعتبر برنامج الولايات المتحدة خطوة مفيدة لمحاربة كل من الدولة الإسلامية والأسد حتى نعيش في سوريا الحرة. ولكن ما أدهشنا هو أن الأمريكان قالوا لنا إنّهم لن يسمح لنا بمحاربة الأسد وحلفائه. نحن نفكر في الانسحاب من هذا البرنامج المشبوه. سوف نقاتل أعداء شعبنا، وهؤلاء الأعداء هم بشار الأسد والدولة الإسلامية”.

وقال سيجري إنّه “إذا كانت الولايات المتحدة تريد مساعدتنا، فإنه يمكنها وقف البراميل المتفجرة التي تلقيها قوات الأسد والتي ندّد بها مجلس الأمن الدولي، وذلك بدلًا من أن يقولوا لنا تجنبوا محاولة إطلاق النار على الطائرات التي تقتل شعبنا كل يوم. لدينا خيارات لمحاربة الأسد بخلاف البرنامج الأمريكي. وسنقاتل الأسد والدولة الإسلامية بغض النظر عن شروط الولايات المتحدة أو أي شخص آخر“.

وهذا ما يفسر الأسباب التي تجعلنا كثيرًا ما نسمع عن نظريات المؤامرة في سوريا والمنطقة، وتتكرر الأسئلة ذاتها مرارًا وتكرارًا: هل يحاول أوباما تجنب الإساءة إلى الإيرانيين ليكمل الاتفاق النووي؟ هل لديه ترتيبات سرية مع طهران بشأن سوريا؟ وإذا كان يعتقد أنّ الأسد فقد كل شرعيته، وأن الأسد هو السبب في توسّع وتمدد الدولة الإسلامية إلى سوريا، لماذا غيّر أوباما خطه الأحمر ضد أي استخدام للأسلحة الكيميائية من قِبل النظام إلى منع أي هجمات ضد النظام نفسه؟

يبدو أن الرئيس أعاد تمركز وضبط “خطه الأحمر” لحماية الأسد بدلًا من مهاجمة قواته. ولكن لماذا؟ كيف يمكن أن يكون ذلك متسقًا مع كل خطابات الإدارة الأمريكية؟ هل يمكن أن يكون ذلك هو السبب المنطقي الحقيقي في أنّ الإدارة لا تمتلك أي استراتيجية لمحاربة الدولة الإسلامية؟ بعبارة أخرى؛ هل يمكن أن تكون القيود التي فرضتها الإدارة على نفسها قادمة من سياسة الرئيس الإيراني التي شلت الولايات المتحدة في كل من سوريا والعراق؟ وفي هذه الحالة؛ فإنّ أسئلة نظريات المؤامرة تبدو منطقية.

ومع ذلك؛ يمكن القول بأنّ مثل هذه الأسئلة تنبع من تحليل شخصي للغاية للوضع في سوريا. لذا؛ دعونا نلقي نظرة على وجهة نظر موضوعية حول كيفية التعامل مع الأسد وفقًا لرؤية دبلوماسي بالأمم المتحدة قال في نهاية فبراير، إنّ الأسد يجب أن يكون جزءًا من الحل.

وقال ستيفان دي ميستورا في لقاء مع منظمات أمريكية سورية عُقد في جنيف في 29 مايو، إنّ الأسد يجب أن يرحل، وأنّه يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم القوة للضغط عليه للرحيل. فهل دي ميستورا أيضًا غير موضوعي؟

إذا أظهرت الولايات المتحدة نية جادة أنها قد تضرب قوات الأسد، من دون إطلاق رصاصة واحدة، فإنّ الرئيس السوري قد يسارع وقتها إلى طاولة المفاوضات، وسوف يكون هناك وسيلة لتوحيد المعارضة السورية والجيش السوري للقتال جنبًا إلى جنب ضد الإرهابيين في تنظيم الدولة الإسلامية أو أي فصيل آخر. ولكن بدلًا من وجود استراتيجية لمحاربة الدولة الإسلامية، فإنّ لدينا أوباما.

بوركينا فاسو ليس لها أي علاقة بالنزاع السوري على الإطلاق. ولكنّ الرئيس لا يمكن أن يقلّل من دور الولايات المتحدة إلى مستوى هذه الدولة. محاولة فعل ذلك من شأنه أن يقلل من تأثير الولايات المتحدة إلى مستوى أي بلد آخر، بدلًا من أن تكون القوة التي لديها مصالح لا تعد ولا تحصى في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما ينطوي على مخاطرة في خسارة مصالحها إضافة إلى مصالح أصدقائها وحلفائها.

أما بالنسبة لشروط الأمريكان فيما يتعلق ببرنامج التدريب والتجهيز في تركيا، فإنّ ما ينبغي أن يكون مفهومًا بوضوح هو أن كلًا من الأسد والدولة الإسلامية يجب أن يُنظر إليهما على أنهما “وحدة كاملة”؛ وجود أحدهما يبرر وجود الآخر. وما دام الأسد في سوريا، فإنّ الدولة الإسلامية ستبقى هناك أيضًا.

مفهوم الحفاظ على بقاء الأسد لبضع سنوات انتقالية قبل المضي قُدمًا، والذي يمثل أساس المفهوم الروسي والمصري في كيفية التعامل مع الصراع في سوريا، لن يجدي نفعًا. لقد تحركت أرض الصراع إلى أبعد من النقطة التي كان الأمر عندها لا يزال ممكنًا.

ولا تريد القاهرة بقاء الأسد في السُلطة لفترة طويلة، ولكنها في الوقت ذاته لا تريد للصراع أن يستمر أكثر مما هو عليه الآن. من الناحية النظرية، هذه معادلة قابلة للفهم. ولكن من الناحية العملية إنها مجرد تفكير حالم. ولا يمتلك الحشد الذي تجمع في القاهرة مؤخرًا لبحث سُبل الخروج من الأزمة أي قوة على الأرض. وهذا يعيد أصداء السؤال الذي لا يُنسى: كم عدد الانقسامات التي واجهها بابا روما؟