لوموند
غولدا مائير –الإسرائيلية الوحيدة الّتي شغلت منصب رئاسة الوزراء– ومن ثمّ تسيبي ليفني، الفاعلة الرائدة في الحياة العامة منذ 15 عامًا: لطالما كانت هاتان السيدتان الوحيدتين الّلتين ظهرتا على الساحة السياسية الإسرائيلية ولكن تنوّع هذا الوسط –الذكوري للغاية والقائم على الثقافة العسكرية– ثابت منذ نحو ربع قرن إذ عدّ الكنيست 7 نائبات في عام 1988 وقدّر عدد النساء بـ 29 (من أصل 120 نائبًا) في الانتخابات التشريعية الّتي أجريت يوم 17 مارس الماضي. وفي حكومة نتنياهو الرابعة، حصلت ثلاث سيدات على حقائب استراتيجية: العدل والثقافة والشؤون الخارجية، وبعيدًا عن أن يكن مجرّد واجهة، يجسدن الانحدار القومي والهوياتي للتحالف.
ايليت شاكيد
جامل النائب العام بعدم ذكر اسمها ولكن فهم الجميع ما بين السطور إذ في خطاب له يوم 9 يونيو خلال مؤتمر هرتسليا، أعطى يهودا وينشتاين –الأعلى سلطة في القضاء– درسًا إلى ايليت شاكيد، وزيرة العدل الجديدة. إذ استهدف القاضي أولئك “الّذين يعتقدون أنّ الفصل بين السلطات قد بات غير واضح ويجب أن يعاد تحديده” معتبرًا مواقفهم سطحية وبلا أسس. ومن غير المرجح أنّ ايليت شاكيد البالغة من العمر 39 عامًا قد تأثّرت إذ كانت هناك في اليوم نفسه لبسط سيطرة الحكومة على المحكمة العليا، حامية القوانين الأساسية الّتي تمنعها من التصرّف كما تشاء، في المعالجة السريعة لملفات المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين. تشعر ايليت شاكيد بالراحة بالنظر إلى الخطّ الهوياتي والعدواني للحكومة وتعتبر أيضًا أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS على “إسرائيل” ليست سوى “معاداة السامية في نسخة القرن الحادي والعشرين“.
وفي أواخر عام 2013، روّجت نصًّا –وفقا ليهود وينشتاين– ينتهك الحقوق الدستورية وخاصة حرية التعبير وتكوين الجمعيات ويعتزم فرض عقوبات مالية على المنظمات غير الحكومية اليسارية الّتي تتلقّى دعمًا من الخارج. وتريد إعادة إطلاق هذه المبادرة مع وصولها للوزارة ممّا أثار غضب ممثلي المجتمع المدني. وتعدّ ايليت شاكيد أيضًا من أكثر المحامين المتحمّسين لنصّ مثير للجدل يقضي بتعريف “إسرائيل” كدولة يهودية. وفي يوليو 2014، تسبّبت في فضيحة من خلال إعادة نشر خطبة لاذعة لصحفي متطرّف على صفحتها على فيسبوك دعت إلى قتل الفلسطينيين وتصف أطفالهم بـ “الثعابين الصغيرة”.
كانت مديرة لمكتب بنيامين نتنياهو عندما كان في المعارضة وهناك التقت بنفتالي بينيت ثمّ غادرا محيط “بيبي” في ظروف غامضة من أجل إطلاق “البيت اليهودي” الحزب اليميني المتطرّف. وتكمن خصوصية ايليت شاكيد في أنها امرأة علمانية ومن هنا يأتي الاستياء الّذي يغذّي القاعدة الدينية والمحافظة في هذه المؤسسة وتثير ايليت شاكيد القومية والمنحدرة من شمال تل أبيب الفخم تعليقات ذكورية للغاية، نظرًا لخصوصية أخرى: جمالها. وهي متزوّجة من طيّار مقاتل.
ميري ريجيف
وزارة الثقافة والرياضة في “إسرائيل” ليست حقيبة ثانوية إذ إنها تتعلّق بالهوية والأراضي وحرية التعبير ولم تنتظر ميري ريجيف كثيرًا للتأكيد على سمعتها النارية بعد تعيينها في هذا المنصب وعلى رغبتها في تسيسه من خلال مهاجمة المؤسسات النخبوية المصنّفة على أنها يسارية إذ قالت عند وصولها إلى المنصب: “إذا ما كان من الضروري فرض الرقابة على جهة ما، سأفرضها“. وتهدف إلى إعطاء الأولوية للضواحي والمستوطنات. وقد صرّحت يوم 8 يونيو: “أنا مع التعددية الّتي تسمح للناس بالتعبير عن أرائهم ولكنني ضدّ قذف الطين ودعم المقاطعة. يجب علينا أن نفعل كلّ شيء لوقف إعطاء ذخيرة لأعدائنا“.
بين عامي 2005 و2008، كانت ميري ريجيف المتحدّثة باسم الجيش برتبة عميد واعتادت على الصحفيين في حدثين مهمّين: الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزّة ومن ثمّ الحرب الجديدة على لبنان. ولم تكن معروفة لدى الجماهير عندما انتخبت للكنيست في عام 2009، ولكن صعدت بسرعة البرق وأثارت وسائل الإعلام باستفزازاتها وتجاوزاتها. واعتبرت الوجود غير الشرعي لمهاجرين من أفريقيا السوداء في أفريقيا بـ “سرطان في الجسم الوطني“. ووصفت أعضاء الكنيست العرب بـ “الخونة” و”أحصنة طروادة”.
تسيبي هوتوفلي
تتصدّر تسيبي هوتوفلي المحامية وعضو الكنيست منذ 2009 المشهد منذ تشكيل الحكومة الجديدة بصفتها نائب وزير الخارجية والمتحدثة باسم الوزارة، الحقيبة الرئيسة الّتي لم يمنحها نتنياهو. ودون عقد، ضاعفت تسيبي هوتوفلي (36 عامًا) التصريحات المفاجئة ممّا تسبّب في صرير أسنان بين الدبلوماسيين الإسرائيليين الّذين يدركون العزلة الحساسة لـ “إسرائيل” على الصعيد الدولي.
في خطاب أمام موظفي الوزارة نقلته صحيفة هآرتس، قامت الأصولية الليكودية بتصريحات دينية مكثّفة المراجع التوراتي وقالت: “علينا أن نعود إلى الحقيقة الأساسية لحقوقنا في هذه البلاد. الأرض لنا، كلّ هذه الأرض لنا. ولقد أتينا إلى هنا لنعتذر على قدومنا“. وقد صرّحت في يوليو 2012 معارضة قيام دولة فلسطينية: “علينا أن نطالب بالسيادة على كلّ أراضي يهودا والسامرة ولا شيء أقلّ من ذلك“.
وتعدّ تسيبي هوتوفلي المقرّبة من حركة المستوطنين من بين شخصيات اليمين القومي الّذين نشروا زيارتهم إلى جبل الهيكل (الحرم القدسي) في استفزاز سياسي وديني للمسلمين من أجل خدمة المتطرّفين اليهود المطالبين بحقّ الصلاة في هذا المكان المقدّس.