شمس نيوز /عبدالله مغاري
تصوير/حسن الجدي
أكثر من سبعين مسجد كانت على جدول الأهداف الإسرائيلية خلال العدوان الأخير صيف 2014، والتي اعتقدت إسرائيل أن تدميرها سيفرق روادها، وسيسكت صوت الأذان الذي كان يبث الحياة من جديد عند سماعه، خلال 51 يوما، كان يعلو فيها صوت هدير الطائرات، وانفجارات الصواريخ والقذائف.
على نفس قاعدة التكافل والتعاون ومن نفس مبدأ المبادرة الذي اعتاد عليه سكان قطاع غزة كأسلوب ناجح في مشوار الصمود والتحدي، عمل سكان المناطق المحيطة بالمساجد على تجهيزها وتأهيلها لاستقبال شهر رمضان المبارك .
أي تجهيز وأي تأهيل وأي استقبال، وملف الإعمار لم يكتمل بعد، ومواد البناء لا زالت في قوائم المحظورات عن القطاع، لكن مساجد غزة المدمرة جهزت واستقبلت رمضان بشكلها البدائي والبسيط لتصبح جدرانها سياجا وسقوفها نايلون بلاستيكي وحماماتها كرفانات.
شكل بدائي
مسجد" القسام" وسط قطاع غزة ,والذي لا زالت مأذنته شامخة بعد تدميره خلال العدوان الإسرائيلي الأخير, بات عبارة عن قطعة من الأرض محاطة بالسياج ومغطاة بالنايلون البلاستيكي, بعد أن بذل سكان المنطقة ما بوسعهم لتجهيزه لاستقبال شهر رمضان المبارك.
الشيخ أبو العبد الفيومي، المسئول عن مسجد القسام يروي لمراسل "شمس نيوز" كيفية تجهيز المسجد، ليقول: بعد أن قصف المسجد خلال الحرب الأخيرة قمنا بإنشاء مصلى صغير في منطقة قريبة, وكان هذا المصلى عبارة عن حمامات زراعية قضينا فيه الشتاء ولم يكن يقي من البرد فقط، بل كان يقي من تسرب المياه".
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك وفي ظل الأجواء الحارة أقدم سكان وأهالي المنطقة ,على إقامة مصلى أوسع على أنقاض المسجد المدمر بعد جمع التبرعات ومساهمة أهل الخير، كما يقول "الفيومي".
ويعتبر مسجد القسام من أول وأكبر مساجد المنطقة الوسطى, ودمّر في التاسع من أغسطس 2014 بعد استهدافه من قبل الطائرات الإسرائيلية وارتقاء ثلاثة شهداء داخله.
وفي نفس الطريقة، استقبل مسجد الشهداء وسط القطاع، الشهر الفضيل, ليقول خطيب المسجد الشيخ أبو عمر في حديثه لـ"شمس نيوز": بعد تدمير المسجد أقمنا مصلى صغير مقابله, وقضينا فيه ما يقارب العام، ولكن المكان لا يستوعب أعداد المصلين خلال شهر رمضان, فقمنا بتسوية أرضية المسجد المدمر بعد إزالة الركام وصرنا نصلي على أنقاضه".
وبالرغم من المساحة الكبيرة والبالغة ما يقارب دونم مربع، إلا أن مسجد الشهداء لا يتسع للمصلين, فيلجأ الكثير منهم للصلاة في الشارع خاصة في صلاة التراويح, وذلك تمسكا بالمسجد لما له من مكانة في قلوب رواده من جهة, ورغبة الكثير من الناس بسماع صوت الإمام الذي يعتبر من أكثر الأصوات نقاء على مستوى العالم العربي، كما يقول رواده.
غير مناسبة.. و لكن!!
المواطن "عماد ياسين" والذي حضر للصلاة في أحد المساجد المدمرة, عبّر عن تمسكه بالصلاة في المسجد الذي نشأ فيه بالرغم من انعدام سبل الراحة فيه، فيقول لـ"شمس نيوز": بالرغم من انعدام الراحة في المسجد خلال الصلاة ودخول أشعة الشمس والحر الشديد في بعض الأحيان، إلا أنني متمسك بالصلاة في المسجد الذي تربيت فيه، وأقمت آخر صلاة فيه قبل قصفه".
ويضيف: بالرغم من اتساع المكان إلا أنك تشعر بأنك تصلي في الشارع، لأنه مكشوف، والضوضاء تملأ المنطقة بسبب أصوات السيارات، بالإضافة إلى البرد في ساعات الفجر الأولى".
ويتمنى المواطن "ياسين "أن يعاد بناء المسجد من جديد وبطريقة أجمل وأفضل, مطالبا صناع القرار الفلسطيني بتحييد المساجد عن الخلافات السياسية وإعادة إعمارها من جديد .
أما المواطن سعيد أبو عوض، فيعتبر الصلاة في المساجد المدمرة مهما كانت حالتها، نوعا من أنواع تحدي الاحتلال ودليلا على التمسك بالأرض. وقال: أعتقد أنه من الواجب الصلاة في المساجد المدمرة، وهذا نوع من أنواع تحدي الاحتلال, وبالرغم من سوء الحالة داخل تلك المساجد، إلا أن الصلاة فيها واجب ودليل على تمسكنا بالأرض".
إعادة لم الشمل
الحاج أبو عماد أبو الروس، من رواد مسجد القسام بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يرى أن إقامة المسجد على أنقاضه المدمرة أعاد شمل سكان المنطقة من جديد.
وقال أبو الروس لمراسل "شمس نيوز": بعد أن دُمر المسجد أصبح سكان المنطقة يتجهون إلى المساجد الأخرى للصلاة, وافتقدنا الكثير من الجيران في المصلى السابق الذي كان ضيقا، فالجميع كان يبحث عن الراحة".
ويضيف: بحمد الله، بعد إزالة الركام وتسوية الأرض وإحاطتها بالسياج والنايلون البلاستيكي عاد الجميع إلى المسجد وأصبحنا نشعر بلم الشمل، نؤدي صلاة التراويح كما كنا نؤديها خلال السنوات الماضية".
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي دمر نحو 70 مسجدا بشكل كلي خلال العدوان الأخير الصيف الماضي على قطاع غزة. وتحول المناكفات السياسية واستمرار الحصار ومنع دخول مواد البناء اللازمة دون إعادة إعمار المساجد من جديد.