قائمة الموقع

خبر كواليس الدوحة.. من رام الله إلى الرمادي: فلسطين ومكافحة تنظيم الدولة الإسلامية

2015-06-25T11:37:09+03:00

لوموند 

تناول البرنامج الثاني عشر لـ “المنتدى الأمريكي الإسلامي”، الّذي نظّم في بداية يونيو في الدوحة من قبل مركز الدراسات الأمريكي بروكينغز، الحالات الطارئة في الشرق الأوسط: صعود إيران، وتفكّك سوريا وليبيا، وظهور “سنيستان” الدولة الإسلامية. أمّا المحور الرئيس لهذا المؤتمر فتمثّل في السياسة الخارجية للولايات المتّحدة والتغييرات، الكبرى أو الصغرى، الّتي طرأت عليها؛ لوقف السباق نحو القاع في العالم العربي. وقد حضر المؤتمر ممثّلُ باراك أوباما في التحالف المعادي لتنظيم الدولة الإسلامية (الجنرال جون ألين).

ولأوّل مرّة تقريبًا منذ إطلاق هذا اللقاء السنوي، لم يظهر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في أيّ عنوان من مواضيع النقاش. وفي خطاب يقرب ساعة، لم ينطق الجنرال ألين بأيّ كلمة حول هذه القضية؛ في إشارة إلى كسوفها النسبي عن الساحة الإعلامية وهبوطها إلى أسفل سلم الأولويات الغربية.

ومع ذلك، لم يتوقّف التطرّق إلى الموضوع على مدى يومين ونصف من المناقشات. فهنا أو هناك، ندّد المتدخّلون أو الحضور -أغلبهم عرب- بسلبية البيت الأبيض وتحيّزه بشأن هذه المسألة، وكان شعارهم: لا لخلط الأولوية بالمركزية. ولئن لم تعدّ القضية الإسرائيلية الفلسطينية الشغل الشاغل للقادة الغرب؛ فإنّها لا تزال العقدة المستعصية في المنطقة، ودون حلّ عادل؛ ستبقى دائمًا تحت رحمة حريق جديد، سواء سمّي الدولة الإسلامية أو غير ذلك.

نظريات المؤامرة

هذا الطرح ليس جديدًا؛ إذ إنه متعلّق بترابط الأزمات في الشرق الأوسط، الّذي صيغ في البداية في السنوات الـ 1950 من قبل المؤرخ اللبناني البريطاني ألبرت حوراني، رائد “دراسات الشرق الأوسط”.

وفي تقريره عن العراق بطلب من جورج بوش في عام 2006، أخذ وزير الشؤون الخارجية الأمريكي السابق هذا الأمر بعين الاعتبار؛ إذ أشار إلى أنّ “جميع القضايا الرئيسة في الشرق الأوسط مرتبطة ببعضها البعض لا محالة”، ولا يمكن لأيّ قضية “أن تعالج على نحو فعّال بشكل مستقلّ عن المشاكل الرئيسة الأخرى” (نقلًا عن ديفيد هيرست في كتاب “تاريخ لبنان” الصادر عن دار بيرين في عام 2010).

بين رام الله (عاصمة السلطة الفلسطينية) والرمادي (الّتي غزاها مؤخرًا جنود “الخلافة” في غرب العراق)، الصلة ليست واضحة؛ فعلى عكس أسامة بن لادن (مؤسس القاعدة)، لا يزيّن أبو بكر البغدادي (زعيم تنظيم الدولة الإسلامية الأكثر تحوّطًا) خطاباته بنقد لاذع لـ “الصهاينة” أو الإشارة إلى المسجد الأقصى، ثالث الحرمين الشريفين، في مدينة القدس القديمة المحتلّة من قبل “إسرائيل”.

وقد غذّى هذا التحفّظ نظريات المؤامرة الأكثر اندفاعًا مثل القول بأنّ تنظيم الدولة الإسلامية صنيعة “إسرائيل” والولايات المتّحدة الأمريكية من أجل تقسيم العالم العربي.

وهذا خطأ كبير: إذ إنّ الأدبيات الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية تشير إلى فلسطين: “مثل معلمه (أبو مصعب الزرقاوي)، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق؛ يضع البغدادي عينيه على القدس” حسب الأردني حسن أبو هنية، المتخصّص في الحركات الجهادية.

احتياطي من أجل التعبئة

وفي هذا السياق، تشكّل أماكن التواجد الفلسطيني -خاصّة في مخيمات اللجوء في لبنان والأردن- احتياطيٌ ممكنٌ للتعبئة لـ “الخلافة”؛ ولهذا السبب -من بين أسباب أخرى- اكتفت عمّان على إثر قتل أحد طيّاريها الذي أحرق حيًّا من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في فبراير ببعض التصريحات العرفية وبضعة غارات انتقامية؛ إذ يقول حسن أبو هنية: “يكفي أن يصل تنظيم الدولة الإسلامية إلى الحدود الجنوبية لسوريا ويلفظ كلمة فلسطين لزعزعة استقرار الأردن“.

وعلى العكس، يكفي أن تتوقّف الولايات المتّحدة والقوى الأوروبية عن اعتبار “إسرائيل” دولة فوق القانون الدولي لتعزيز حملتهم الإعلامية ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية؛ إذ إنّ “نعم” بسيطة من قبل واشنطن لقرار من الأمم المتّحدة يدين الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية تقدّم للدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط فرصة لاستعادة مصداقية لم تشهدها منذ عقود، كما أن لفتة كهذه ستساعد البيت الأبيض على بناء ائتلاف حقيقي ضدّ الجهاديين على مستوى الشعوب لا الأنظمة فقط، كما هو الحال في الوقت الحاضر.

“تقرّب الولايات المتّحدة القضية من صورتها في المنطقة بطريقة فنية بحتة؛ إذ إنّها أهدرت مئات الملايين من الدولارات من أجل إنشاء راديو (سوا) وقناة تليفزيونية (الحرّة) الّذين لم يغيّرا قيد أنملة من طريقة النظر إليها. إنّ تكلفة القضية الفلسطينية أرخص بكثير وأكثر فعالية وهي مزوّد الشرعية الفورية في العالم العربي“، وفقًا لإبراهيم شرقية، المحلل في مركز بروكنغز في الدوحة.

على المدى المتوسّط، يمكن للعواصم الغربية، من خلال ضمان الوصول إلى اتّفاق للسلام العادل، أن تدعي علاج أحد الأسباب الجذرية لظهور تنظيم الدولة الإسلامية؛ إذ إنّ الرضا الّذي تتظاهر به في مواجهة الممارسات الإسرائيلية قد سمح للأنظمة الاستبدادية العربية بمصادرة القضية الفلسطينية واستغلالها في مواجهة خصومهم.

وباسم النضال ضدّ “العدو الصهيوني”، تمّكنت سلالة الأسد من تخصيص جزء كبير من ميزانيتها لشراء الأسلحة الّتي تستخدم منذ 4 سنوات للقضاء على السوريين. ومن خلال تحرير الفلسطينيين، سيحرّر المجتمع الدولي العرب من تظلّم مستمرّ ضدّ الغرب، تستند عليه كل الأنظمة الديكتاتورية.

اخبار ذات صلة