غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر خديجة بنت خويلد.. خير نساء الأرض

لقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل صنوف الابتلاءات من فقد الأم والأب والجد والعم، تعرض للتكذيب والإيذاء، تعرض للإخراج من بلده ومحاولات قتله، تعرض للحروب والجهاد، تعرض للإساءة إليه من المنافقين، وحتى من بعض المسلمين، والآن يأتي ابتلاء آخر جديد، لقد ماتت السيدة العظيمة الكريمة الجليلة الشريفة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخديجة -رضي الله عنها- كانت نعمة من نعم الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت خير متاع الدنيا له، كانت السكن والراحة، كانت المودة والرحمة، كانت الصدر الحنون، كانت الرأي الحكيم، كانت صورة رائعة للمرأة الصالحة، كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- بحقٍّ فخرًا لكل امرأة.

حياة امتدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرين عامًا متصلة، ربع قرن كامل، لم تنقل كتب السيرة خلافًا واحدًا حدث بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم تنقل كتب السيرة غضبًا ولا هجرًا، لم تنقل طلبًا من السيدة خديجة لنفسها، لقد عاشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عاشت تؤازره في أحرج أوقاته، تعينه على إبلاغ رسالته، تهُوِّن عليه الصراع الذي دار بينه وبين كفار مكة، تواسيه بمالها ونفسها، تجاهد معه بحق كما لم يجاهد كثير من الرجال.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال:

قال عروة بن الزبير: وقد كانت خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة.

ثم روى من وجه آخر عن الزهري أنه قال: توفيت خديجة بمكة قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقبل أن تفرض الصلاة.

وقال محمد بن إسحاق: ماتت خديجة وأبو طالب في عام واحد.

وقال البيهقي: بلغني أن خديجة توفيت بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام.

وقال البخاري: عن أبي هريرة، قال: أتى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام - أو طعام أو شراب - فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

وقال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة؟ قال: نعم! ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

قال السهيلي: وإنما بشَّرها ببيت في الجنة من قصب - يعني قصب اللؤلؤ - لأنها حازت قصب السبق إلى الإيمان، لا صخب فيه ولا نصب لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم ولم تتعبه يوما من الدهر فلم تصخب عليه يوما ولا آذته أبدا.

وأخرجاه في (الصحيحين) من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وهلكت قبل أن يتزوجني - لما كنت أسمعه يذكرها - وأمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن". لفظ البخاري.

وفي لفظ عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وتزوجني بعدها بثلاث سنين وأمره ربه - أو جبريل - أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب.

ثم قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل، أخبرنا علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع، فقال: «اللهم هالة».

قالت: فغرت فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرا منها.

وهذا ظاهر في التقرير على أن عائشة خير من خديجة إما فضلا وإما عشرةً إذا لم ينكر عليها ولا يرد عليها. ذلك كما هو ظاهر في سياق البخاري رحمه الله.

ولكن قال الإمام أحمد: عن عائشة قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خديجة فأطنب في الثناء عليها، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة، فقلت: لقد أعقبك الله يا رسول الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين.

قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرا لم أره تغير عند شيء قط إلا عند نزول الوحي أو عند المخيلة حتى يعلم رحمةً أو عذابا.

وقال الإمام أحمد أيضا: عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها بأحسن الثناء.

قالت: فغرت يوما فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين، قد أبدلك الله خيرا منها.

قال: «ما أبدلني الله خيرا منها، وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبنني، وآستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء».

وقد استدل بهذا الحديث جماعة من أهل العلم على تفضيل خديجة على عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

وسببه أن عائشة تمت بشبابها وحسنها وجميل عشرتها، وليس مرادها بقولها قد أبدلك الله خيرا منها أنها تزكي نفسها وتفضلها على خديجة؛ فإن هذا أمر مرجعه إلى الله عز وجل كما قال: { فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [النجم: 32] .

وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ } [النساء: 49] الآية..

وقد روى الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي والنسائي، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد» أي: خير زمانهما.

وروى شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه قرة بن إياس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»..

قالوا: والقدر المشترك بين الثلاث نسوة؛ آسية ومريم وخديجة أن كلا منهن كفلت نبيا مرسلا، وأحسنت الصحبة في كفالتها وصدقته.

فآسية: ربت موسى وأحسنت إليه وصدقته حين بعث.

ومريم: كفلت ولدها أتم كفالة وأعظمها وصدقته حين أرسل.

وخديجة: رغبت في تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وبذلت في ذلك أموالها كما تقدم وصدقته حين نزل عليه الوحي من الله عز وجل.

وقوله: «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» هو ثابت في (الصحيحين) من طريق شعبة أيضا، عن عمرو بن مرة، عن مرة الطيب الهمداني، عن أبي موسى الأشعري.

والثريد: هو الخبز واللحم جميعا، وهو أفخر طعام العرب كما قال بعض الشعراء:

إذا ما الخبز تأدمه بلحم * فذاك أمانة الله الثريد