واي نت نيوز
في حديث عن تعاظم نشاط المنظمات الإرهابية في الآونة الأخيرة في دول الشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد الدول التي يوجد بها تنظيم الدولة الإسلامية و الولايات التابعة له، تولى مقال في إحدى الصحف الإسرائيلية بعنوان ” لن يكون هناك تغيير حتى يستيقظ المسلمون” كبره، عن طريق سوق إحصائيات بعدد الهجمات الإرهابية والدول العربية التي وقعت فيها تلك الهجمات وعدد “الضحايا واللاجئين” من المسلمين، ومسديًا النصح للمسلمين في آخر المقال بقوله “استيقظوا لن ينقذكم أي أحد إذا لم تقوموا بإنقاذ أنفسكم” كما لو كان الكيان الصهيوني لا يمارس أعنف أنواع الإرهاب والحصار والتهويد ضد الفلسطينيين، وكما لو أنه لا يوجد “ضحايا ولاجئين فلسطينيين” جراء العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، ناهيك عن انتهاكات القانون الدولي والتي كان آخرها منذ عدة أيام بمنع أسطول غزة من محاولة كسر الحصار واعتقال من عليه من الناشطين العرب.
ولكن المقال باعتبار أنه نتاج خطاب صهيوني استيطاني يقوم على النفعية في المقام الأول، لم يكن ليطرح هذا الخطاب إلا لاستشعاره الخطر من جهة الحدود مع شبه جزيرة سيناء بعد هجمات ولاية سيناء الأخيرة يوم الأربعاء الماضي، وتبني التنظيم لعملية إطلاق صواريخ على منطقة أشكول جنوب إسرائيل، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى رفع حالة الاستنفار في صفوفه على طول الحدود مع مصر وتصريح نتنياهو بقوله “مصر وإسرائيل ودول أخرى في خندق واحد لمحاربة الإرهاب المتشدد”.
ويمضي المقال قائلا:
في يوم الجمعة الماضية، قُتل ما يقرب من 40 مسلمًا في مسجد بالكويت، وتم قتل عشرات الجنود المصريين في يوم الأربعاء. وبينهما، ذُبح 103 مسلم آخرين في مدينة كوباني في سوريا، كما قتل 50 آخرين في قرية ليجو بالصومال، و28 آخرين في صنعاء باليمن.
ونحن لم نشهد هذا العدد من الهجمات الإرهابية سوى في الوقت الحاضر. وفي عام 2013، قُتل حوالي 18000 شخص في هجمات إرهابية، وفي عام 2014، تجاوز هذا العدد 32000 شخص. وجميعهم تقريبًا كانوا من المسلمين. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك ضحايا الحروب الموجودة في العالم الإسلامي، وبالتالي فإن أعداد القتلى المقدرة تتراوح بين 132000 و 174000 مسلم تم قتلهم في عام 2014. وذلك دون ذكر ملايين اللاجئين الذين يتدهور وضعهم.
وفي بعض الأحيان يبدو أن المعركة ضد الجهاد العالمي مستمرة في النجاح، ولكن هذا وهْم. فقد أدى الجهاد إلى انهيار بلدان بأكملها وقادهم إلى الدمار. حيث تتمزق الآن الصومال والعراق وسوريا وليبيا واليمن مستمرة في طريقها للانهيار. والآن يحاول الجهاد أن يفعل بسيناء ما فعلته جماعة بوكو حرام بشمال نيجيريا. بينما يجد جيش كبير وقوي وضخم صعوبة في هزيمة منظمة إرهابية. وإذا ما كان هناك أي شخص يعتقد في وجود فرصة للهزيمة، فإن هجوم يوم الأربعاء القاتل أعلن بوضوح بأن هذه الفرصة لن تحدث في وقت قريب.
وليس هناك أي داع أن ننخرط في الأوهام بشأن مصر. فنظام مصر الحالي نظام علماني، وبعد فترة الربيع العربي التي لم تشبه الربيع، يبدو أن مصر الآن لديها حكومة مستقرة وقوية. ولكن دعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر لم يختف بعد. وفي استطلاع للرأي تم نشره قبل عامين، تبين أن 74% من المصريين يوافقون على تطبيق قوانين الشريعة ليس فقط على أنفسهم، ولكن أيضًا على غير المسلمين.
وإذا كان هناك من يعتقد بأن المصريين قد تحولوا فجأة إلى ليبراليين، فإنهم مخطؤون. كما أن موجة الكراهية لحركة حماس تسود فقط في جزء من الحكومة ووسائل الإعلام بشكل رئيس. وليس من الواضح تمامًا بأن الشعب المصري لديه نفس وجهات النظر. وفي بلد كان فيها قبل ثلاث سنوات فقط مثل هذه النسبة المرتفعة الموافقة على فرض الشريعة على غير المسلمين، فإن المسافة بينهم وبين الأيديولوجيا الجهادية ليست كبيرة للغاية.
وبغض النظر عن هوية المنظمة الإرهابية التي تعمل في سيناء حاليًا، فمن الواضح أنها لا تعمل من فراغ، ولكنها تتلقى دعمًا كبيرًا من السكان المحليين. ومن الصحيح أنهم يقومون بذبح المسلمين الآخرين بشكل رئيس، ولكن هذا ليس أمرًا مفاجئًا: فهو نفس الوضع بالضبط حيثما يطل الإسلام السياسي برأسه.
وإذا ما كان للتغيير أن يحدث في أي وقت، فإنه سوف يحدث فقط عندما يستيقظ المسلمون أنفسهم. ومن الواضح أن كل شخص يدعم الشريعة ليس بالضروة يكون داعمًا للإرهاب. ووفقًا لاستطلاعات رأي مختلفة فإن الغالبية المطلقة من المسلمين ،بما فيهم المصريين، يعارضون وجود دولة إسلامية. ولكن حتى الآن، لم ينجح أي أحد في تحويل تلك المعارضة إلى عمل حقيقي. وينضم المتطوعون إلى الجهاد الذي يذبح المسلمين، ولكن لا يكاد يوجد أي أحد من المسلمين يتطوع لمحاربة قتلة المسلمين.
كيف يمكن لتلك الملايين من المسلمين الذين تحولوا إلى لاجئين في السنوات الثلاث الماضية أن يفشلوا في إنشاء ولو كتيبة واحدة لمحاربة هؤلاء الذين يسيئون إليهم؟ صحيح أن العالم كله غير مكترث بهذا الأمر، ولكن لماذا لا يكترث الضحايا أيضًا بهذا الأمر؟
كيف يمكن لعشرات الملايين من المسلمين أن يرفضوا الانتفاضة ضد هذا التهديد؟ لقد حان الوقت لتوجيه مطالبنا للمسلمين أنفسهم: انتفضوا .. استيقظوا. لن ينقذكم أحد إذا لم تقوموا بإنقاذ أنفسكم.
المقال يعبر عن وجهة نظر الصحيفة العبرية