قائمة الموقع

خبر عاجل: انفجارات عنيفة تهز قطاع غزة..أحياء يتحدثون عن الموت

2015-07-06T12:21:21+03:00

شمس نيوز/سماهر البطش

كان هذا العنوان بارزا في مثل هذه الأيام على شاشات التلفزة الفضائية والمحلية، وعجت به صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إيذانا ببدء حرب إسرائيلية شرسة استهدفت كل مرافق الحياة في قطاع غزة وراح ضحيتها الآلاف بين شهيد وجريح ومفقود.

"الجرف الصامد" هو الاسم الذي أطلقته إسرائيل على عدوانها الذي استمر 51 يوما، وردت كتائب عز الدين القسام بمعركة "العصف المأكول" وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية "البنيان المرصوص".

وكانت بدايات التصعيد مع خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط بالقدس على أيدي مجموعة مستوطنين في 2 يوليو 2014، وإعادة اعتقال العشرات من محرري صفقة شاليط، وأعقبها احتجاجات واسعة في القدس وداخل عرب 48 وكذلك مناطق الضفة الغربية،واشتدت وتيرة التصعيد بعد أن دهس إسرائيلي اثنين من العمال العرب قرب حيفا.

وانتهت الحرب الإسرائيلية باستشهاد 2174 فلسطينيا، منهم 1743 مدنيا (81%) و530 طفلا و 302 امرأة و64 غير معروفين و340 مقاوما (16%)، وإصابة 870 10، منهم 303 3 طفلا و101 2 امرأة، بينما ثلث الأطفال الجرحى يعانون من إعاقة دائمة.

145 عائلة فلسطينية فقدت 3 أو أكثر من أفرادها في حدث واحد وإجمالهم 755 فرد قتلوا في مجازر جماعية.

أكثر الأيام دموية هو 1 أغسطس حيث استشهد خلاله 160 شخصا.

وفي الجانب الإسرائيلي قتل 70 شخصا بينهم 64 جنديا (91%) و6 مدنيين (9%) منهم امرأة وطفل واحد، وجرح 720 إسرائيليا معظمهم من الجنود.

رجال الإسعاف والدفاع المدني كانوا هناك، وأرّخوا اللحظة، وعاشوا مع الناس، فكانوا الجنود المجهولين الذين لم يذوقوا للراحة طعما على مدار أيام العدوان.

"شمس نيوز" التقت عددا من رجالات الإسعاف والدفاع المدني الذين كان لهم دور كبير في الحرب، وعادت معهم بالذاكرة عاما إلى الوراء.

مشاهد لا تغيب

علاء أبو شعير، مسعف في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، لا زال يذكر الطفلة بيسان ضاهر (7 سنوات)، التي نجت وحدها وفقدت جميع أفراد عائلتها في مجزرة الشجاعية (20/7), حيث ظلت تحت ركام بيتها المكون من 3 طوابق لساعات قبل إنقاذها.

يقول أبو شعير لـ"شمس نيوز": جاءنا اتصال يفيد بقصف منزل على ساكنيه يعود لعائلة ضاهر في حي الشجاعية، هرعنا بسيارة الإسعاف لننقذ من بقي على قيد الحياة، وعند وصولنا للمنزل لم أسمع سوى صوت طفلة تحت الركام، اقتربت فرأيتها، وبدأت أرفع الحجارة عن وجهها، ووضعت لها جهاز تنفس، ثم بدأت أتحدث معها حتى أخرجتها من بين الركام، وكانت مصابة بشظايا في جسدها وغارقة بالدماء.. كان هذا موقفا من المواقف الصعبة التي واجهتها في العمل خلال الحرب".

تطلب الستر من تحت الركام

ويوضح المسعف أبو شعير أنه ساهم في إنقاذ وانتشال آلاف المواطنين خلال الحرب، إلا أن مشهدا مميزا ترك أثرا بالغا في نفسيته، ليضيف: الشهيدة أسماء الحلو عشرينية العمر التي استشهد جميع أفراد عائلتها المكونة من 13 فرد بمجزرة حي الشغف, لا زالت حاضرة في مخيلتي، فعندما كنت أنتشل الجثث بلا رؤوس، وإذ بصوتها من تحت الأنقاض تطلب غطاء يسترها، فاقتربت منها وقلت لها: الله يستر عليك في الدنيا والآخرة، تطلب الستر وهى تحت الركام!! وأنا أرفع الحجارة عنها كان إصبعها السبابة منتصبا وهي تنطق بالشهادتين".

ويعود علاء بذاكراته للوراء قائلا: حينما ذهبت لانتشال جثة أحد الشهداء وكانت ملقاة على الأرض لعدة أيام، تخيلت أن الديدان تنهش الجثة، فلما اقتربت لم أر أثرا للدود، وكانت الجثة على حالها وكأن صاحبها فارق الحياة للتو، هذه كرامة من الله".

مواقف مؤلمة

ضابط الإسعاف إبراهيم أبو الكاس، أخذ عهدا على نفسه أن يبذل الغالي والنفيس لإنقاذ الأبرياء الذين تعرضوا للعدوان، ليؤكد أن رجال الإسعاف كانوا يسرعون إلى أماكن القصف على الرغم من القصف وتحليق الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع.

يقول أبو الكاس لمراسلة "شمس نيوز": شاهدت عدة مواقف مؤلمة، منها مجزرة عائلة السلك في منطقة الصبرة، رأيت أجسادا بريئة تشوهت بفعل الصواريخ، خرجوا للشمس  ليرحلوا شهداء في حضن جدهم، حملت طفلا ظننت أنه على قيد الحياة، وحينما رفعته فإذا برأسه فارغا من الخلف.. هذا مشهد لن أنساه طوال حياتي" مشيرا إلى أن هذه المجزرة هي الأبشع التي رآها خلال عمله نظرا لفظاعة القنابل الحارقة التي كان يستخدمها العدو.

ويوضح الدكتور علاء السوسي، مدير مركز الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر، أن ثمانية من ضباط ورجال الإسعاف استشهدوا وأصيب 60 خلال أداء عملهم في إخلاء الجرحى وانتشال الشهداء من مواقع القصف، مبينا أن هذا ترك آثارا نفسية على زملائهم.

جنود من نوع آخر

ولرجال الدفاع المدني صولاتهم وجولاتهم في ميدان القتال، فهم لم يكلوا ولم يملوا رغم استهدافهم وقصف مقراتهم، فتراهم يعملون لساعات طويلة وهم يطفئون النيران التي تشعلها صواريخ الاحتلال, ويزيلون أنقاض المباني المدمرة لعلهم ينقذون ناجيا أو ينتشلون شهيدا. يقول أبو على المملوكي، الذي يعمل في أطقم الدفاع المدني منذ خمسة أعوام: حرب 2014 من أصعب الحروب التي مرت على القطاع, ولكن بذلنا كل ما بوسعنا لكي نحافظ على سلامة المواطنين، فكنا نذهب لأماكن القصف بسرعة، ونعمل على منع اقتراب المواطنين لتجنب انفجار الصواريخ غير المتفجرة أو وقوع بقايا المباني على الناس".

ويضيف: في هذا العدوان واجهنا صعوبة كبيرة مع قلة الإمكانيات، خاصة في الأماكن التي دمرت بالكامل، مثل منزل عائلة البطش المكون من 3 طوابق شرق غزة، حيث واجهنا مصاعب في إخراج الأشلاء من تحت الأنقاض".

ويواصل المملوكي حديثة: كانت لحظات مليئة بالحزن والألم، فهذه المشاهد لن أنساها أبدا، لن أنسى الطفلة ابنة الثلاثة أعوام التي أخرجناها متفحمة من منزلها في منطقة جبل الصوارني".

ويستذكر لحظة أن تلقى الدفاع المدني إشارة للتوجه إلى منزل تعرض للقصف في حي الشعف، ونيران الصواريخ والقذائف تحاصرهم من كل مكان، ليصلوا إلى البيت ويجدوه قد احترق بمن في داخله من الأطفال والنساء".

هجرنا بيوتنا

يقول رائد الدهشان، مدير العمليات في جهاز الدفاع المدني: هجرنا بيوتنا ونساءنا وأطفالنا وبقينا على أهبة الاستعداد على الرغم من استهداف العدو لمقراتنا وسياراتنا وأفرادنا, فرجال الدفاع المدني باتوا يفترشون الشوارع بانتظار أي إشارة استغاثة".

ويذكر الدهشان أحد المواقف التي لا ينساها خلال دوره المهني: في أحد الأيام جاءت إشارة باستهداف منزل بحي الزيتون، وعلمنا أن هناك نساء وأطفالا ورجالا أسفل البيت المدمر المكون من طابقين".

وأضاف:  في تلك الأثناء كان لا بد من التنسيق مع الصليب الأحمر للدخول وانتشال الشهداء والجرحى، وفعلا تم التنسيق وقام رجال الدفاع بالبحث عن ناجين، ولكن داهمنا الوقت وانتهت مده التنسيق، وكان هناك جرحي لم ننته من إخراجهم، وأصر الشباب على البقاء لإخراج من تبقى، كان هذا القرار الحاسم بالنسبة لهم، إما الموت أو إنقاذ المصابين, فكانت لحظة مؤثرة حين شاهدنا الأمل في عيون العالقين".

دور بارز

"شمس نيوز" التقت د. سعيد السعودي، مدير جهاز الدفاع المدني لقطاع غزة، حيث أوضح أن دور رجال الدفاع المدني برز بشكل كبير خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي استمر 51 يوما، حيث لم تكن لديهم مراكز يعملون من خلالها، بل كانوا ينتشرون في الشوارع، يحملون خراطيم المياه ويكافحون لإطفاء الحرائق التي أشعلتها قذائف العدو, أو انتشال الجثث من بين الركام رغم قلة الإمكانيات والمعدات اللازمة".

وأضاف: صواريخ العدو أصابت الكثير من رجال الدفاع المدني، فقد استشهد تسعة منهم وأصيب سبعون آخرون خلال أداء دورهم الوطني و الإنساني في انتشال الجثامين وإنقاذ المصابين، وكذلك تم تدمير ثمانية مقرات بشكل جزئي".

جدير بالذكر أن عدوان صيف 2014 على غزة طال عشرات الأسر التي أبيد عدد كبير من أفرادها.

اخبار ذات صلة