أكد الباحث في الشؤون الفلسطينية حسام شاكر، أن اللثام الفلسطيني اكتسب رمزية فائقة في تجربة المقاومة، على الرغم من أنه عائق تواصلي في أصله.
وأشار إلى أن المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة حول اللثام الفلسطيني إلى فاعل أساسي ضمن معركة "العصف المأكول" بحسب التسمية التي أطلقتها كتائب القسام على حرب 2014.
ورأى شاكر في قراءة له اليوم الاثنين (6|7) في الذكرى السنوية الأولى للحرب، للدلالات الرمزية للثام المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة، وأرسل نسخة منها لـ "قدس برس"، أن اللثام في أصله يمثل عائقاً تواصلياً، لأنه يواري الوجه الذي هو صفحة التواصل البشري الأساسية، لكنه في الخصوصية الفلسطينية؛ تعززت مكانة الفدائي في الوعي الجمعي من خلال اقترانها باللثام، وقال: "تعاظمت رمزية الفدائي الملثم مع بزوغ تجربة فصائل الثورة الفلسطينية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لكنّ الحاجة الواقعية إلى اللثام لم تكن كمثيلتها اليوم.
فمقاتلو الثورة آنذاك كانوا سافري الوجوه في معظمهم، وفق ما اقتضته تقديرات الميدان الذي تركّز وقتها خارج فلسطين، أما اليوم فإنّ المقاوم الفلسطيني لا يكاد يظهر على الأرض الفلسطينية إلاّ ملثماً، وهو ما تمليه تقديرات الميدان الراهنة".
وأضاف: "إنّ اللثام ليس استثناء لأبي عبيدة، المتحدث باسم "كتائب القسام"، بل هو سمة عامة لحضور المقاومة الفلسطينية اليوم التي لا يتأتى إبصار قدراتها الكاملة.
فمعظم البنى التحتية للمقاومة في قطاع غزة هي في الواقع مستترة تحت الأرض، ونادراً ما يظهر جيشها الجرّار الذي ينتظم فيه ألوف المقاومين، وهو ما يجعل الاحتجاب عن الأنظار سمة للحضور الفلسطيني المقاوم في شكله الراهن، بالمقارنة مع زمن "الثورة" وتجربة فصائلها في الأردن خلال الستينيات، وفي لبنان خلال السبعينيات".
وأشار شاكر إلى أنه وعلى الرغم من أنّ المخاطبة من وراء اللثام هي عملية شاقة، فإن "خطاب أبي عبيدة اتسم بتعبيره الصريح عن الإرادة والتحدي بتوظيف نبرة الصوت، وبتفاعل الجسد بوضوح مع الأداء اللفظي المنطوق، عبر رفع أصبع السبابة بشكل متكرر مثلاً، بما يؤكد الثقة بموقف المقاومة، وبما يضاعف الرسالة التحذيرية للاحتلال".
وأضاف: "الواقع أنّ الذين واكبوا أبا عبيدة ليس بوسعهم تخمين قسمات وجهه الكامنة وراء لثامه الأحمر، لكنّ الاحتجاب الشامل تقريباً للوجه لم يمنع تواصله الفعال معهم.
فقد تطورت بين أبي عبيدة والجماهير التي تابعته خلال الحرب" لغة تواصل تفيض بالتعبيرات التي انتقلت من انفعالات وجهه إلى حركة رأسه ويديه.
ومع لغة التفاهم الخاصة بين المتحدث باسم كتائب القسام والجماهير التي اجتذبتها إطلالاته الإعلامية؛ تحوّل اللثام من عائق تواصلي في أصله إلى عُمق رمزي للمتحدث، وعامل جذب إلى الفحوى".
وتابع: "ما تجدر ملاحظته أنّ رمزية أبي عبيدة في هذا المقام ليست شخصية مجرّدة بذاتها، بل هي كناية عن رمزية المقاومة الفلسطينية إجمالاً، فالمتحدث باسم كتائب القسام هو التعبير البشري المصوّر عن المقاومة المستبسلة على الأرض.
وإذا كان اللثام يمنح في أصله شعوراً بالرهبة والغموض؛ فإنّ الجماهير قد تستحضر هذا الإيحاء باستصحابه مع رسائل الترهيب المتدفقة على المحتلين الغزاة.
وتتفاعل الإيحاءات مع الرمز الملثم؛ فخلف لثام أبي عبيدة تكمن المفاجآت التي تترقبها الجماهير، تماماً كمفاجآت المقاومة التي تظهر وفق ما هو مقرّر لها في الزمان والمكان المناسبين"، على حد تعبيره.