غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر (بالصور) الطفلة "بيسان".. فقدت عائلتها وبقيت شاهدة على المجزرة

شمس نيوز/سماهر البطش

طرقت باب منزل أخيها الذي تقيم فيه، الساعة الحادية عشرة صباحا، وهو نفس التوقيت الذي فقدت فيه عائلتها في غارة إسرائيلية شرسة, استقبلتني بابتسامة ملأت ثنايا وجهها وجبينها المغطى بضمادة إثر إصابتها في الغارة.. وأنت جالس أمامها تنظر إليها فترى في وجهها الطفولي خطوط الحزن  والألم , فتارة تسرح وتغيب، وتارة ترى عينيها اغرورقت بالدموع التي تنسدل عبر خطوط وجع تحمله بين ضلوعها صاحبة السنوات السبع.

بقيت بيسان ضاهر شاهدة على رحيل أسرتها " الأب ماجد, الأم حنان, الأشقاء محمد ، أدهم ، دانا ، ونرمين ".. لم تعلم يوما أنها ستكون الناجية الوحيدة من المجزرة لتعيش في هذه الحياة، وتبقى شاهدة على فصل من فصول الألم في كتاب الجراح المسطر بدماء الفلسطينيين منذ 67 عاما.

بيسان ضاهر

بدأت بيسان تروى لمراسلة "شمس نيوز" ما حدث لها في ذلك اليوم، 20/7/2014، لتقول: كنا جالسين في البيت ولم نحمل صواريخ أو أي سلاح, ولكنهم قصفوا البيت علينا، استشهدت ماما وبابا وأخواتي كلهم، وراحوا للجنة".

وبقيت بيسان تحت ركام المنزل الذي دمر بالكامل لأكثر من ست ساعات، قبل أن تنجح طواقم الإسعاف في انتشالها.

وتتابع بصوت خافت: سمعت صوت بابا، فناديت عليه ليرفع الحجارة عني، ولكنه لم يجب".

وبنظرات الحزن التي ارتسمت على وجهها قالت: كل شيء كنت أطلبه من بابا كان يحضره لي، وطلبت من ماما تعمللي كيكة، بس ماما استشهدت" .

أوقفت بيسان حديثها برهة بكت فيها حرقة على أهلها الذين أبادتهم طائرة إسرائيلية بصاروخ يحمل طنا من المواد المتفجرة، لتتساءل بلهجتها الطفولية:  ليش قتلوا بابا وماما وأخواتي؟".

بيسان ضاهر

ماما..

لن تلعب في حضن والدها , ولن تنادى على أمها لتحضر لها كوب الحليب الذي اعتادت عليه كل صباح, وستشتاق لتنطق كلمة ماما وبابا ولا مجيب لها,  ولن تذهب إلى المسجد مع أختها نرمين، وستنام وحيدة .

شاركتنا الحديث زوجة أخيها "أم مصعب":  بيسان مازالت مصدومة ، لم تكن تنام وهى تبكي وتنادي: بابا ماما".

وتردف بالقول: في يوم جاءتني بيسان وجلست إلى جانبي، وقالت لي: أنا بدي أقولك ماما، زي مصعب، فكانت لحظة صعبة على قلبي".

بيسان ضاهر

مشهد صادم

ضابط الإسعاف علاء أبو شعير، الذي أنقذ الطفلة بيسان ضاهر، يروى لـ"شمس نيوز" تفاصيل انتشالها من تحت الركام: في تمام الساعة الحادية عشرة قبل ظهر ذلك اليوم، جاءنا اتصال يفيد بتعرض منزل عائلة ضاهر المكون من طابقين لقصف على رؤوس ساكنيه، في حي الشجاعية شرق غزة, فأسرعنا بسيارة الإسعاف لتنقذ من بقي على قيد الحياة , وعند الوصول للمنزل قمنا بالنداء بالميكرفون لعل أحدا يسمعنا، وأنا فوق ركام المنزل سمعت صوت فاقتربت، فإذا بطفلة مغطاة بالحجارة، ويظهر من وجهها شيء بسيط، فأسرعت لإزالة الحجارة عنها".

واستطرد بالقول: أثناء العمل انتهت مده الهدنة التي كانت محددة لساعتين، وأنا لم انته بعد من إخراج بيسان، فجاءتنا إشارة بالانسحاب من المكان، ولكن  رفضنا، وواصلت العمل رغم زخات الرصاص واشتداد القصف بشكل عشوائي, وأخرجت بيسان بعد جهود استمرت ساعات، فقد ظلت تحت الركام من الساعة الحادية عشرة ظهرا حتى الساعة السادسة مساء, وعند خروجها طلبت مني ماء لتشرب " مي مي"، لأنها كانت صائمة، وبدأت أتحدث معها وأقول طلعت العروسة، ووضعت لها جهاز تنفس حتى نقلتها بسيارة الإسعاف إلى المستشفى".

بيسان هي واحدة من مئات الأطفال الذين أمسو أيتاما بعد أن فقدوا آباءهم وأمهاتهم في قصف منازلهم أثناء الحرب على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من يوليو الماضي , واستمر 51 يوما وخلفت 2152 شهيدا وأكثر من 11 ألف جريحا.

بيسان ضاهر
بيسان ضاهر