قائمة الموقع

خبر (بالصور) المجزرة الأولى.. عائلة "كوارع" تروي التفاصيل

2015-07-08T11:32:34+03:00

تقرير/عبدالله مغاري

تصوير/حسن الجدي

قبل عام من اليوم دقت طبول الحرب, ودخل سكان قطاع غزة في دهاليز أيام مجهولة المعالم , فلا نوايا إسرائيلية واضحة, ولا مجتمع دولي سوى ذلك الرابض تحت العباءة الأمريكية, ولا جيوش عربية يُعوّل عليها, ولا خطوط حمر تضع حدودا لأشباح تسيطر على سماء غزة لترمي حمم نيرانها في أحضان العزل.

حرب توقعها الغزيون وبدءوا برسم ملامحها الدموية منذ يومها الأول, فالجميع كان يتوقع الأسوأ، وبدأ بوضع سيناريوهات كانت المجازر إحدى فصولها المتوقعة, سيناريوهات لم تغب عن أذهان أفراد عائلة كوارع القاطنة في منطقة جورة اللوث وسط محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة, والتي شاركت الجميع في توقعاتهم ولم تتوقع لنفسها أن تكون الذائق الأول لكأس المجزرة.

مجزرة "عائلة كوارع " في ثاني أيام العدوان (8/7/2014), كانت الأولى ضمن سلسلة مجازر شهدها قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير, والتي حصدت تسعة شهداء، ثمانية منهم لم يتجاوزوا التاسعة عشرة من العمر وتركت 57 شخصا في قوائم الجرحى.

"شمس نيوز "تعود بالذاكرة مع تلك العائلة في مقابلة على مقربة من مكان المجزرة، لتبدأ عقارب الساعة تتحرك عكسيا باتجاه أصعب اللحظات في تاريخ آل "كوارع".

لا وقت لدينا

الحاجة "رحاب كوارع" في الخمسينيات من عمرها, لم تغب عن ذاكرتها تفاصيل المجزرة الإسرائيلية التي أفقدتها شقيقها وخمسة من أقرباءها وثلاثة من جيرانها، ودمرت منزلا قضت عمرها في بناءه, لتروي من على بقايا ركامه لحظة المجزرة، فتقول: كنت جالسة أنا وأسرتي مجتمعين في المنزل نجهز طعام الإفطار, كنت أشعر أن هناك شيئا سيصيبنا، وقلت لزوجات أبنائي إني أشعر بأننا لن نتناول هذا الطعام وسنموت قبل أن نأكله".

ما كانت تشعر به الحاجة "كوارع" كان في محله، لتتلقى العائلة اتصالا هاتفيا من الاحتلال, يخبر أكثر من أربعين فردا يسكنون منزلا مكونا من ثلاثة طبقات ويحتوي على ستة شقق سكنية بضرورة إخلاءه خلال خمسة دقائق، وليسيطر الخوف على الموقف .

لم تنته نصف المهلة بعد, لتستهدف طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المنزل بأول صاروخ تحذيري، ولتكمل الحاجة "كوارع" رواية المشهد: تلقينا اتصالا لإخلاء المنزل، ولم نتمكن من إبلاغ الجميع بعد, فنزل صاروخ استطلاع بعد دقيقتين, بدأنا بالهروب من المنزل، وبدأ الجيران يخرجون الأطفال والنساء وخرج كل من استطاع الإخلاء".

وتضيف: بعد لحظات وبينما لم ابتعد سوى أمتارا عن المنزل، قصفته الطائرات بصاروخ آخر، وحينها لم أسمع سوى الصراخ ولم أرَ شيئا من شدة الغبار".

دروع بشرية

في تلك اللحظات المعدودة نفسها، حاول الجيران منع الطائرات الإسرائيلية من تدمير المنزل فهرعوا لاعتلاء سطحه, ولم ينجحوا في تشكيل درع بشري ظنوا أنه سيمنع الطائرات من سلب أحلام أطفالهم، لتستهدف الصواريخ المنزل على رؤوس من بداخله فيسقط تسعة شهداء ويصاب أكثر من خمسين شخصا.

يقول "كامل كوارع"، وهو أحد الذين هرعوا لاعتلاء سطح المنزل، متحدثا لـ"شمس نيوز": حاولنا منع الطائرات، وصعدنا لسطح المنزل، دخل كثير من الناس وأنا كنت أبتعد قليلا عنه, إلا أن الطائرات استهدفته مرة ثالثة، مع العلم أن الطائرات الإسرائيلية تمتلك تقنية تمكنها رؤيتنا وهي تعلم أن المنزل لم يخلَ بعد".

وبالرغم من بشاعة المجزرة وضراوة نيران الطائرات الإسرائيلية، إلا أن مشيئة الله تعالى أنقدت عددا كبيرا من الشبان ممن حاولوا اعتلاء المنزل من موت محقق, ليقفز بعضهم عن سطح المنزل لحظة القصف والبعض الآخر دفعته قوة الانفجار إلى الخارج وأصيبوا إصابات متوسطة.

يقول "صلاح كوارع"، وهو أحد سكان المنزل: كنت في الخارج، وبعد استهداف المنزل بصاروخ إرشادي ذهبنا أنا وكثير من الشبان لإخراج الأطفال واعتلاء سطح البيت، لمنع قصفه".

ويكمل: دخلت إلى المنزل، وعند وصولي الطابق الثالث سقط صاروخ "f16"، حينها ألقت بي قوة الانفجار إلى الخارج، وبعض المتواجدين قفزوا من الطابق الثالث على الأرض المجاورة لحظة القصف".

شهيد من كل منزل

يقع المنزل المستهدف في منطقة سكنية معظم بيوتها تعود لعائلة كوارع، حيث يعيش ساكنوها كالأسرة الواحدة, فهناك لا شيء يفرقهم حتى الموت, ففي تلك المجزرة استشهد تسعة أفراد، بواقع شهيد من كل بيت مجاور للقصف، فسقط ستة شهداء من عائلة كوارع تربطهم صلة قرابة "ابن العم" بجانب ثلاثة من عائلات أخرى.

الشهداء جميعا قبل استشهادهم بلحظات هرعوا إلى المنزل المهدد بالقصف ,كالشهيد "محمد كوارع"54عاما الذي أسرع للبحث عن ابنه الوحيد "إبراهيم" والذي رزق به بعد ثمانية وعشرين عاما من الزواج ليرحل تاركا خلفه نجله يتجرع ألم الحسرة والفراق".

أما الشهيدين "سامي وعماد جودة " 18عاما، وهم ابنا عم، يسكنان على بعد ما يقارب مائتين متر من المنزل المستهدف, فذهبا لتشكيل درع بشرية فوق بيت عائلة كوارع وحمايته، فسقطا هناك. يقول شقيق الشهيد سامي: صلى الظهر في المسجد وعند الانفجار الأول ذهب هو وعماد إلى المنزل واستشهد عماد مباشرة، أما سامي فكانت إصابته خطرة واستشهد بعد عشرة أيام في الأردن".

أما الشهيد "سراج عبد العال" 7 أعوام، فكان برفقة جدته في زيارة لأصحاب المنزل المستهدف.

وسقط خلال القصف أيضا الشهداء عبدالله محمد كوارع 17عاما ,وحسين يوسف كوارع 11عاما ,ومحمد علي كوارع 11عاما, وقاسم جبر كوارع وباسل سالم كوارع 12 عاما.





اخبار ذات صلة