قائمة الموقع

خبر أحد الناجين من مذبحة سربرنيتسا يتحدث بعد 20 عاما

2015-07-09T20:34:47+03:00

أسوشيتد برس – بزنس إنسايدر 

شعر نيدزاد أفديتش بدماء الضحايا على قدميه العاريتين بينما كان يسير ويداه مقيدتان وراء ظهره نحو مخرج بإحدى المدارس لإطلاق النار عليه.

كانت أصوات مئات البوسنيين المسلمين الآخرين من سريبرينيتسا يتردد صداها من الفصول الدراسية، حيث طالب الجنود أن يهتف السجناء “كانت سربرنيتشا وستكون دائمًا صربية!” وطلقات النار تقتلهم الواحد تلو الآخر في الخارج.

كان أفديتش في السابعة عشرة من عمره ليصبح واحدًا من بين 8 آلاف رجل وصبي قُتلوا بعد سقوط بلدة سريبرينيتسا بشرق البوسنة في أيدي القوات الصربية. مع اقتراب الذكرى السنوية الــ 20 للمذبحة التي وقعت في 11-13 يوليو عام 1995، قرر أفديتش أنه بحاجة إلى التحدث علانية.

“أردت فقط أن ينتهي الأمر بسرعة“، هكذا قال أفديتش، الذي يبلغ الآن 37 عامًا لوكالة أسوشيتد برس في المدرسة الموجودة بقرية بيتكوفيتش؛ حيث أمسكت به القوات الصربية وغيره من الرجال أثناء محاولتهم الفرار من سربرنيتشا.

من بين 15 ألف رجل وصبي الذين اتجهوا إلى الجبال نحو الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، طارد الصرب 6 آلاف واعتقلوا 2000 آخرين استسلموا على الفور، ثم أطلقوا النار عليهم في مواقع مختلفة في جميع أنحاء المدينة. لقد كانت هذه المذبحة الأسوأ في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي ظل خروج أفديتش من المدرسة وانتظار دوره لمواجهة طلقات الرصاص، قال إنّه رأى أكوامًا من الجثث ملقاة على الأرض وسط حرارة الجو الشديدة.

فجأة غيّر الجنود رأيهم وألقوا به وآخرين على متن شاحنة واقتادوهم إلى موقع آخر لإطلاق النار عليهم. وأثناء ترحيلهم في مجموعات مكوّنة من خمسة أشخاص واصطفافهم أمام فريق الرمي لإطلاق النار، اختبأ أفديتش وراء رجال آخرين على الجزء الخلفي من الشاحنة “ليعيش لبضع ثوانٍ أخرى“.

أتى دوره مرة أخرى، وشعر بالأحجار الحادة تحت قدميه وهو يقفز ليقف في الصف.

بدأ صوت طلقات النار يدوي من جديد، سقط على هذه الأحجار وشعر بالألم. لقد تم إطلاق النار عليه لكنه لم يمت.

لساعات، سقط أفديتش بلا حراك بين أكوام من الجثث، يستمع إلى طلقات الرصاص في عمق الليل. وقال: “لقد كنت أنزف وأنتظر الموت“.

عندما غادرت الشاحنة وخيّم الصمت على المكان، رفع رأسه. كان هناك شيء يتحرك على بُعد بضعة صفوف من الجثث أمامه. الناجي الآخر لاحظه أيضًا، وطلب منه أن يفك قيوده. أفديتش لم يكن يستطيع المشي لكنه دحرج نفسه وحاول كل منهما فك الحبال لتحرير أيديهما.

في وسط الظلام الدامس، تسللا عبر الجثث إلى غابة مجاورة قبل وصول الشاحنات الأخرى. الناجي الآخر الذي يقول أفديتش إنّه لا يريد الكشف عن هويته، مزق قميصه وضمد جراح أفديتش. في الصباح، زحفا إلى أعلى التل وألقيا نظرة أخرى على ساحة القتل. كانت الجرافات تحمّل الجثث على الشاحنات.

لمدة أربعة أيام وليال، واصل الرجلان السير بحثًا عن الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة. كان أفديتش يزحف ورفيقه كان يتحرك أمامه ويخلي الطريق ليسهل الأمور عليه. توسل إلى الناجي الآخر لكي يتركه يموت ولكنّ الرجل توسل إليه للاستمرار في السير. جلب الرجل له الماء في حذائه.

في مقبرة صربية وجدا زجاجة مفتوحة من الكوكا كولا بالقرب من قبر حُفر حديثًا. شربا منها رغم وجود النمل بداخلها.

ولم يلاحظا عندما عبرا خط المواجهة، لكنهما وصلا في نهاية المطاف إلى إحدى قرى المسلمين وظهرا من الغابة ملطخين بالدماء ومنهكين للغاية.

أغمي عليه مرة أخرى عندما قدّم له بعض أفراد القرية الماء. لكنه أدرك حينها أنه قد نجا.

وقضت محكمة الأمم المتحدة لجرائم الحرب في لاهاي أنّ مذبحة سربرنيتشا تُعدّ إبادة جماعية. وفي 11 يوليو 1995، قرب نهاية حرب البوسنة 1992-1995، اجتاحت القوات الصربية البوسنة في منطقة سريبرينيتسا الشرقية، وهي المنطقة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنّها “ملاذ آمن“.

اعترفت صربيا بأنّ هناك “جريمة خطيرة” وقعت بالفعل واعتمدت بيانًا يدين المجزرة في عام 2010 في إطار سعيها لإقامة علاقات وثيقة مع الغرب، ولكن لم تصل إلى حد وصف هذه المذبحة بالإبادة الجماعية.

وفي يوم الثلاثاء الماضي، حذّرت صربيا أنّ قرار الأمم المتحدة بوصف هذه المذبحة بالإبادة الجماعية من شأنه أن يوسّع الانقسامات العرقية في البوسنة.

كما اعترضت روسيا على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء بوصف مذبحة سربرنيتشا بأنّها إبادة جماعية بمناسبة الذكرى الــ 20 لقتل 8 آلاف رجل وصبي مسلم.

وامتنعت الصين ونيجيريا وأنجولا وفنزويلا عن التصويت، وصوت باقي أعضاء المجلس العشرة لصالح القرار. تأخر التصويت لمدة يوم في ظل محاولة بريطانيا والولايات المتحدة إقناع روسيا بعدم الاعتراض على القرار الذي من شأنه أن يدين أيضًا إنكار مذبحة عام 1995 بوصفها إبادة جماعية.

واعتبر السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أنّ القرار الذي صاغته بريطانيا بأنّه قرار “غير إيجابي، وتصادمي وله دوافع سياسية“. وكانت روسيا قد اقترحت بدلًا م ذلك إدانة “أشد الجرائم خطورة والتي هي موضع اهتمام المجتمع الدولي“.

“تصويتنا ضد هذا القرار لا يعني أننا نصم آذاننا ولا نسمع معاناة ضحايا سربرنيتشا وغيرها من مناطق البوسنة الهرسك” هكذا قال تشوركين قبل التصويت، مشيرًا إلى أن مثل هذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة.

اخبار ذات صلة